اقتصاد

هل تدخل أمريكا في حالة ركود بعد انكماش اقتصادها للمرة الأولى منذ 3 سنوات؟



05:35 م


الخميس 01 مايو 2025

كتبت- أمنية عاصم:

أظهرت بيانات وزارة التجارة الأمريكية أن الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي انكمش بنسبة 0.3 % في الربع الأول من العام الحالي. للمرة الأولى منذ عام 2022 بسبب اتساع ميزان العجز التجاري وذلك قبل قرارات ترامب للرسوم الجمركية .

وانكماش الاقتصاد الأمريكي يثير قلاقل الأسواق العالمية من دخول أكبر اقتصاد على مستوى العالم في حالة وركود وهو ما قد يكون له انعكاسات وخيمة على باقي الدول خاصة منطقة الشرق الأوسط ومنها مصر.

وتتزايد مخاوف الاقتصاديين بعد قرارات دونالد ترامب العنترية منها شن حرب الرسوم الجمركية على واردات على 183 دولة بحد أدنى 10% وتصل إلى 145% للصين بجانب الصراع الدائر حول الفائدة ورفض الاحتياطي الفيدرالي- البنك المركزي الأمريكي- للاستجابة لطلبات ترامب بخفض سعر الفائدة لتقليل التكلفة على القطاع الخاص.

عودة سيناريو كورونا

قال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، خلال حديثه مع مصراوي إن الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا تشبه إلى حد كبير ما حدث خلال أزمة كورونا، موضحًا أن العالم كان يمر في عام 2018 بحالة من التباطؤ الاقتصادي نتيجة ضعف الطلب وتراجع عمليات البيع، ما تسبب في أزمة قبل أحداث كوفيد 19.

وأشار النحاس، إلى أنه مع تفشي الجائحة، توقفت الأسواق والمصانع وسلاسل التوريد؛ مما أدى إلى ارتفاع الطلب على السلع المتاحة، ومن ثم شهد العالم طفرة في بعض الصناعات مثل السيارات والأجهزة المنزلية.

وأضاف: “أحيانًا يحتاج الاقتصاد إلى تباطؤ مقصود لإنهاء المخزون الحالي وتمكين الشركات من إطلاق منتجات جديدة، وهو ما لا تعلنه الحكومات الكبرى بشكل صريح”.

وأوضح النحاس، أن بعض الشركات على سبيل المثال تلك التي تصنع أجهزة التلفاز، تمتلك مخزونًا كبيرًا من قطع الغيار ومكونات الإنتاج، وهو ما يستلزم وقتًا لتصريفه قبل طرح منتجات جديدة، مضيفًا أنه لهذا السبب تتدخل الدول أحيانًا لإحداث تباطؤ في السوق.

وأكد أن الولايات المتحدة، خاصة قبل عام 2016، لم تكن تملك موارد ضريبية كافية، وكانت تلجأ إلى إحداث تضخم لزيادة الحصيلة الضريبية، وهو ما لا يُعلن عنه سياسيًا. قائلًا: “ارتفاع الأسعار أداة من أدوات السياسات الاقتصادية، وهو ما أشار إليه دونالد ترامب بقوله إنهم حاربوا التضخم وتجاهلوا ارتفاع الأسعار”.

وتابع النحاس، أنه لمعالجة التضخم، تبدأ الدول برفع أسعار الفائدة لسحب السيولة من السوق. ولكن في الوقت ذاته، هناك عوامل أخرى تدفع الأسعار للارتفاع مثل زيادة تكاليف العمالة وأزمات سلاسل التوريد، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع رغم ارتفاع أسعار الفائدة؛ لذلك معالجة التضخم أصبحت تتطلب السيطرة على عوامل آخر لم تكن متواجد في المعادلة منذ عقود ماضية.

وحول السوق المحلي، أشار إلى أن ارتفاع الأسعار مستمر رغم ضعف القدرة الشرائية وارتفاع أسعار الفائدة، ما يدل على أن المتحكم في الأسعار لم يعد أسعار الفائدة وحدها، بل سعر الصرف أيضًا؛ نظرًا لاعتماد الشركات السوق المحلي على استيراد جزء كبير من مستلزمات إنتاجها من الخارج.

وفسر كلامه قائلًا: “السياسات النقدية الحالية تعتمد على سحب السيولة، رغم أن السوق يعاني من ضعف الاستهلاك؛ مما يجعل المعالجة غير منطقية”.

التباطؤ جزء من الخطة

وأكد النحاس، أن الولايات المتحدة تسعى إلى إعادة مصانعها من الصين، لكنها بحاجة إلى تقديم منتجات جديدة لتبرير ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي ولتغطية تكاليف رأس المال المستثمره في تلك المصانع الجديدة.

وقال: “إذا قدمت نفس المنتجات التي كانت تُصنعه في الصين، فستحقق خسائر بسبب فارق السعر، ولهذا السبب يتم إبطاء الأسواق لتصريف المخزون الحالي تمهيدًا لطرح جيل جديد من المنتجات”.

وأشار إلى أن العالم يتجه نحو صناعات جديدة، وأن جميع المنتجات الحالية ستتحول إلى “خردة” دون توفر قطع غيار.

ولفت إلى أن هذا التحول شبيه بما حدث في 2008 عندما قال الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما إنه سيدعم فقط الشركات التي تقدم منتجات جديدة؛ لنجد بعدها طفرة في صناعات المحركات والتلفونات.

تحذير من أن تصبح مصر “سوق كانتو”

وحذّر النحاس، من أن تتحول مصر إلى “سوق كانتو” – سوق لتصريف المنتجات القديمة – مطالبًا بضرورة إبطاء عمليات الاستيراد خلال الفترة المقبلة، خاصة مع توقعات بعروض مغرية على السلع المستوردة.

وأكد على أن المصانع العالمية تريد التخلص من مخزونها القديم، لذا يجب التوقف عن الاستيراد إلا للضرورة، حتى لا يصبح السوق المصري مقبرة للسلع.

وشدد على أهمية الحفاظ على المنتج المحلي، وعدم السماح بدخول منتجات مماثلة بأسعار أرخص، إذ إن تلك السياسات قد تضر بالاقتصاد المحلي بشكل كبير.

الاقتصاد الحقيقي هو الحل

وأشار النحاس، إلى أن السياسات الأمريكية الحالية تعتمد على إبطاء الإنتاج استعدادًا لطرح منتجات جديدة حيث أنها ستجني ثمار تلك الاجراءات العام المقبل2026، مضيفًا أن مؤشرات العام الحالي 2025 لن تكون معبرة عن الوضع الحقيقي.

وقال: “نحن نعيش في ظل مؤشرات اقتصادية غير حقيقية مثل معدلات النمو والبطالة، بينما المؤشرات الحقيقية تتمثل في الإنتاج والتصنيع”.

وأوضح أن الاقتصاد الحقيقي هو ما يولد فرص عمل ويزيد الحصيلة الضريبية ويرفع مستوى رفاهية المواطن، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تحولت في السابق إلى اقتصاد غير حقيقي، لكنها اليوم تعالج الأمور وفق مؤشرات الاقتصاد الحقيقي.

حرب إعلامية.. لا تجارية فقط

وأكد النحاس، أن ما نشهده الآن هو حرب إعلامية أكثر من كونها حربًا تجارية ومن ثم ستصبح حرب عملات، حيث تتركز الحرب على السلع رغم أن الخدمات تمثل 70% من الاقتصاد الأمريكي.

وأضاف: “الهيمنة الأمريكية ما زالت قائمة، والإعلام يبعد الأنظار عن المخططات الحقيقية للولايات المتحدة”.

واختتم النحاس حديثه بالتأكيد على أن السياسات الأمريكية لا تعتمد على الفكر الكلاسيكي، بل يقودها رجال أعمال يعرفون أين تكمن المصلحة القومية، وأن التباطؤ الاقتصادي ليس أمرًا مقلقًا بالنسبة لأمريكا، بل هو جزء من خطة مدروسة لإعادة تشكيل الاقتصاد.

اقرأ أيضًا :

قطاع المنسوجات يتصدر مؤشرات قطاعات البورصة.. فما الأسباب؟

توافر المخزون يرفع مبيعات الـ”دلتا للسكر” 260% في 3 أشهر

120 جنيهًا للكيلو العنب.. والشعبة توضح أسباب ارتفاع أسعاره بالأسواق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى