اخبار الإمارات

كيف حال الجيران؟!

ت + ت الحجم الطبيعي

هذه القصة ليست من الخيال:

في الأيام الأولى لوباء كورونا منذ أكثر من ثلاثة أعوام، طرقت سيدة شابة باب جيرانها، حاملة وعاء حلوى، مرفقاً ببطاقة تحوي خبر عقد قران ابنها، بارك لها الجيران وتمنوا للعروسين الرفاء والبنين، واعتذرت السيدة لجيرانها عن عدم دعوتهم لحفل العرس بسبب إجراءات الحجر والحظر، ولقد تفهم الجميع المسألة وانتهى الموقف عند ذلك.

مرت سنوات الوباء والعزلة، ثلاثة أعوام كاملة وفي العام الرابع، طرقت نفس الجارة باب جيرانهم ودخلت تتعلق بها طفلة يتجاوز عمرها السنتين، سألتها صاحبة المنزل، عن غيابها الطويل، وعن ابنها التي أخبرتهم أنه سيتزوج يوم أحضرت لهم حلوى عقد قرانه، فنظرت الجارة إلى جارتها ضاحكة وأشارت للطفلة: مر الزمن وهذه ابنة ولدي!

يمر الزمن، تتقلب الأحوال وتتغير المصائر، بينما البعض يسكن اللحظة ولا يتحرك من مكانه، كالجارة التي بوغتت بوجود الطفلة، فانتبهت لحظتها أنها لم تتصل بجارتها، لم تسأل عنها منذ ذلك اليوم الذي دخلت تحمل وعاء الحلوى! هل أصبح الناس ينسون واجباتهم؟ أم لم يعودوا يهتمون بجيرانهم؟ أم أن هذه الحالة رغم قسوتها إلا أنها تدخل ضمن تجليات الوباء والعزلة!

الإشكالية الحقيقية أن البعض يتعاملون وكأن الوباء والعزلة مستمران، أو كأن طريقة الحياة البعيدة من التواصل قد راقت لهم أو أراحتهم من الالتزامات؟ على الرغم من أنهم ما يزالون يشتكون من الوحدة، وأن جيرانهم ما عادوا يزورونهم نهائياً وكذلك بعض أبنائهم؟ أتذكر عندما انتقلنا منذ أكثر من 15 عاماً إلى هذا الحي الذي نقطنه الآن كان الجميع يتذمر من عدم تواصل الجيران مع بعضهم، وخاصة من اعتادوا على طقس التواصل، إلا أن التذمر خفت تدريجياً، ربما لأن الناس قد اعتادوا على الوحدة!

ماذا تفعل الوحدة؟ الكثير.. جارتنا هجرت بيتها والحي وعادت لحيها القديم، إحدى السيدات سجلت آلاف الاتصالات المزعجة بقسم الطوارئ، أحد الكبار كان يتصل بالإذاعة ليسأل عن مواعيد الأذان.. كان يريد أن يتحدث مع أي أحد!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى