اخبار الإمارات

موضوع قابل للدراسة

ت + ت الحجم الطبيعي

 يبقى موضوع نهاية الخدمة والذي نعرفه بالتقاعد، واحداً من أهم المواضيع التي يجب مناقشتها، والتوقف عندها ملياً، ومعالجة الكثير من السلبيات التي تعتريها، لأن هناك ضرراً يقع على طرفي العلاقة، سواء أكان المتقاعد أو الجهة التي كان يعمل فيها، جهة العمل تفقد خبرات متراكمة لها سنوات طويلة في وسط لجة العمل في لمح البصر، والمتقاعد يفقد في لحظة زمنية دوره المجتمعي، ويطلب منه المغادرة، ودون أدنى شك فإن لهذا أثراً كبيراً على نفسيته وعلى طريقة حياته القادمة.. الموضوع يستحق الدراسة والتنبه والعمل على معالجته، لأننا وكما نرى سنوياً، وعلى امتداد الوطن العربي، بل على مستوى العالم، تتوقف جموع كثيرة من الرجال والنساء عن مواصلة أداء مهامهم وأعمالهم التي اعتادوا على القيام بها طوال سنوات خدمتهم الوظيفية، لتأتي ورقة صغيرة تشعرهم بأن عليهم التوقف والبقاء في منازلهم، ورغم أن هذا الإجراء يعد بكل المقاييس طبيعياً، ويأتي في سياق الحراك لأي مجتمع، فضلاً عن فائدته العظيمة لكل متقاعد، والذي يعني ببساطة متناهية أن يبدأ حياة جديدة ومهام مختلفة، وعلى جبهة أخرى، وفي نطاق آخر.. إلا أن الذي يحدث وتحديداً في الوطن العربي، أن المتقاعد تبقى صلته بوظيفته السابقة متمثلة في المرتب الشهري الذي يتقاضاه، لا أكثر ولا أقل، فلا يتلقى دعوات لحفلات المعايدة أو المناسبات التي تنظمها إدارته، فهو ببساطة بات نسياً منسياً.

على الجانب الآخر، تتلبس البعض من المتقاعدين مشاعر من الإحباط واليأس والألم، وكأنه بات من غير نفع، وما يعزز هذا الشعور هو تباعد زملاء العمل وتعاملهم معه وكأنها لم تمر سنوات طويلة وهو بينهم.

أدرك أن هناك دراسات وبحوثاً حاولت معالجة هذا الموضوع من كافة جوانبه، وأعتقد أن كثيراً منها دعت لنقطة أساسية ومحددة، وهي الاستفادة من خبرات وإمكانيات هذه الطاقات البشرية، هذه الخبرات التي تعد بحق تراكماً لسنوات طويلة من العمل والإنجاز، ومن الصعب إهمالها وتجاهلها، والحديث هنا ليس على الجانب الإداري وحسب، وإنما حتى على الجوانب الأخرى كالعسكرية أو التعليمية أو الفنية.. فهذه طاقات تختزل خبرات واسعة يمكن الاستفادة منها بإعادة التوظيف على بنود أخرى كوظائف جزئية بساعات عملها أقل، وطبيعة العمل نفسه أقل، أو عمل برامج اجتماعية ترعاها الإدارات التي تقاعد من إدارتها عدد من الموظفين والموظفات وتوجه للتوعية أو محاضرات في المدارس، ونحوها من الأفكار.. وهذه النقطة تنبهت لها كثير من الدول الغربية، فلم يعد متقاعدوها يشعرون بالنبذ أو نحوه من المشاعر السلبية، ذلك أنهم يواصلون توظيف مثل هذه الخبرات والاستفادة منها في مجالات ثقافية واجتماعية وبرامج متنوعة، نحن بحاجة للتوجه نحو هذه الفئة ودعمها بمزيد من الاهتمام والرعاية.

المطلوب سن برامج تعمل لتوازن بين حاجة الطرفين، ونحن نعلم أن هناك الكثير من المتقاعدين كانوا يعملون في وظائف هامة وحيوية وفي مختلف المجالات، وقد اكتسبوا كل هذه الخبرات من السنوات الطويلة التي أمضوها في العمل، والتخلص منها بهذه الطريقة فيه هدر للموارد، وكأننا نعود لنقطة البداية ومن الصفر.. ملف المتقاعدين حيوي وأتمنى نقاشه ومعالجة جوانب كثيرة من القصور فيه، لا يمكن التخلص من موظف أمضى عقوداً طويلة في عمل مهم وحيوي، بكل هذه البساطة، وهذا لا يعني أن يواصلوا العمل، ولكن وضع برامج للاستفادة منهم ومن خبراتهم، المهم أن نبدأ في دراسة الطرق المثلى لإعادة توظيفهم لمن يرغب، وإن كان جزئياً وفق أنظمة وقوانين محددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى