“في ستين داهية”.. قصة المثل الشعبي وأسرار انتقام قيس بن مكشوم

08:00 م
الثلاثاء 25 مارس 2025
كتبت- نرمين ضيف الله:
من بين الأمثال الشعبية التي اشتهرت في الثقافة العربية، يبرز مثل “في ستين داهية” الذي يعكس معاني عميقة من الانتقام والخيانة.
وتعليقًا على ذلك، أوضح الدكتور مجدي شاكر، كبير كبير الأثريين والتاريخ والأصول القديمة، أن هذا المثل يرتبط بأحداث تاريخية وقعت في اليمن بين قبيلتي “مذحج” و”همدان”، ويتعلق بقصة الثأر التي نفذها الفارس الشجاع قيس بن مكشوم ضد قبيلة همدان بعد غدرها.
ما أصل المثل “في ستين داهية”؟
وأوضح شاكر في تصريح خاص لـ”مصراوي”، أن قصة هذا المثل ترجع إلى صراع تاريخي وقع في اليمن بين قبيلتي “مذحج” و”همدان”، وكانت قبيلة “مذحج” تتمتع بشجاعة كبيرة وهيبة في المعارك، ما جعل قبيلة “همدان” تشعر بالخسارة المستمرة، وفي محاولة للقضاء على هيبة “مذحج”، قررت قبيلة “همدان” تنفيذ خطة معتمدة على المكر والخداع، حيث استعانت بالفرس لتنفيذ مؤامرتها.
خطة الخيانة
وأردف أن أفراد قبيلة “همدان” وجهوا الدعوة لكبار مشايخ “مذحج” إلى حوار غير مسلح، بهدف استدراجهم إلى كمين محكم، فيما استجاب 60 من مشايخ “مذحج” لدعوة “همدان”، ظنًا منهم أنه سيكون لقاءً للسلام، ولكنهم وقعوا في فخٍ أعدته “همدان” بالتعاون مع الفرس، وعندما حانت اللحظة المناسبة، غدر بهم الهمدانيون وقتلوهم جميعًا، ما أدى إلى تدمير قوة “مذحج” وتفرق أفرادها.
قيس بن مكشوم فارس الانتقام
وأشار إلى من بين المشايخ الذين قتلوا في هذه الخيانة كان الفارس الشجاع “قيس بن مكشوم” بعد الحادثة المأساوية، قرر قيس الانتقام لأقاربه ومشايخ قبيلته. سمع عن الإسلام وذهب إلى المدينة المنورة ليعلن إسلامه، ثم عاد إلى اليمن.
وألمح إلى أنه بعد وفاة الرسول- صلى الله عليه وسلم- اندلعت حروب الردة في بعض قبائل اليمن، فأرسل الخليفة “أبو بكر الصديق” رضي الله عنه قيس بن مكشوم لمحاربة المرتدين، لكن قيس كان يحمل في قلبه هدفًا آخر، وهو الثأر لشهداء قبيلته. فعقب محاربته للمرتدين، شن قيس ثورة عنيفة ضد “همدان” والفرس.
وبيّن أنه انتشرت الاشتباكات بسرعة وبدأت جثث الهمدانيين تتناثر في كل مكان، وصل قيس إلى صنعاء، وحاصر قصر “فيروز الديلمي” الفارسي، وتحولت أبواب صنعاء إلى ساحة معركة، حيث كان أي فرد ينتمي إلى “همدان” أو الفرس عرضة للهجوم، وخلال هذا الانتقام، تدخل كبار القوم للوساطة بين قيس و”همدان”، محاولين إقناعه بوقف المذبحة لكن قيس كان مصممًا على الثأر، ورد عليهم قائلاً ببساطة: “في ستين داهية”.
وأضاف أنه كان يقصد أن كل الدماء التي أريقت وكل الخراب الذي حل بالمدينة لم يكن ليعوضه سوى موت ستين من أعدائه، في إشارة إلى حجم الحقد والمرارة التي شعر بها بسبب الخيانة التي تعرض لها.
وعلى نفس المنوال، أوضح قصة الرقم “60”، وارتباطه بالثقافات القديمة، وهناك تفسيرات أخرى حول الرقم “60” في مثل “في ستين داهية”، إذ يرتبط في بعض الثقافات بالدلالة على “النقص” أو “الخراب”.
وتابع أنه في الحضارة المصرية القديمة، كان يتم تمثيل الكائنات داخل مربعات معينة لكل كائن دلالة رقمية، كما أن الرقم 6، الذي يمثل “النقص”، إذا ضُرب في 10 (الذي يمثل الكمال) يصبح الرقم 60، ما قد يعبر عن “منتهى النقص” أو “الخراب الكامل”، لذا يمكن أن يكون الرقم 60 في هذا المثل رمزًا لعواقب الخيانة والدمار الذي حل بالقوة والمكانة التي كانت تتمتع بها قبيلة “مذحج”.
واختتم بالإشارة إلى أن مثل “في ستين داهية” يعتبر واحدًا من أصدق تعبيرات الغضب والانتقام التي أُدرجت في الذاكرة الشعبية العربية، وهو يعكس تجسيدًا للمشاعر الإنسانية العميقة من الخيانة والألم، وكيف يمكن أن يؤدي هذا إلى انفجار من الغضب الذي لا يعرف حدودًا، وقصة قيس بن مكشوم وما حدث من ثأر يمثل جزءًا مهمًا من تاريخ اليمن وتقاليد العرب في العصور القديمة.
اقرا أيضا:
مفعولها زي السم.. نوع مشروبات قد يسبب الإصابة بسرطان الفم
ده سعر شبكة.. علبه كعك بـ 16 ألف جنيه تثير الجدل – 20 صورة
يدمر الكلى والقولون.. احذر الإكثار من تناول هذا الطعام على السحور
يحارب الكوليسترول.. طعام شهير يقلل خطر الإصابة بالسكر
احترس.. غسل الدجاج يصيبك بـ 4 أمراض خطيرة- وإليك الحل