اخبار

إسرائيل بعد سقوط نظام الأسد في سوريا ..

بقلم اللواء المتقاعد: أحمد عيسى باحث متخصص في أبحاث الأمن القومي الفلسطيني والإسرائيلي

لم يشكل سقوط نظام الأسد في سوريا الأسبوع الماضي ضربة قوية لمحور المقاومة ولخطة حلقة النار التي طورها قاسم سليماني واستتمرت فيها أيران كثيرا من جهدها ومالها وحسب، بل شكل كذلك ضربة قوية ومؤلمة للإستراتيجية الروسية الصينية في منافستهما للولايات المتحدة الأمريكية حول النظام العالمي الجديد، إذ شكلت سوريا بقيادة بشار الأسد حلقة أساسية لكل من محور المقاومة بزعامة إيران وللقوى العظمى المنافسة لأمريكا في قيادة النظام العالمي.

وعلى الرغم من شح المعلومات الموثقة التي توضح ما جرى وأدى لسقوط النظام وتفكك الجيش السوري بهذه السرعة، إلا أنه من غير المتوقع أن يحافظ النظام الجديد الذي سينشأ في سوريا على تموضع البلاد كما كان في عهد الأسد، الأمر الذي زاد من حالة النشوة التي تشعر فيها إسرائيل بزعامة نتنياهو، لا سيما بعد الضربات المؤلمة التي وجهها جيش الإبادة الإسرائيلي لكل من حزب الله في لبنان ولا زال يوجهها للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة.

وفي هذا الشأن لم يخفي أصحاب الرأي في روسيا وعلى رأسهم الفيلسوف الروسي الكسندر دوجين كم كانت الضربة في سوريا موجعة ومؤلمة لروسيا واستراتيجيتها نحو النظام العالمي الجديد، إذ  يجادل دوجين أن روسيا بدون سوريا في الشرق الأوسط في هذه اللحظة من الزمن تصبح لاعب ثانوي في التأثير العالمي، لا سيمافي حسابات القادم الجديد للبيت الأبيض (دونالد ترامب)، الأمر الذي يؤكد دوجين أن الإسراع في اسقاط نظام الأسد كان خطة لبايدن وإدارته المتمسكة بفكرة وفلسفة (العولمة) لإرباك ترامب ورؤيته القائمة على (ما بعد العولمة) في مقالة له نشرت يوم الأربعاءالموافق 11/12/2024 وحملت عنوان (روسيا تفقد سوريا)

وحول الشرق الأوسط لا يرى دوجين أن هناك مخرج في الأمد القريب فالوضع سيتفاقم حتى يصل الى نقطة حرجة.

وفي سياق الشرق الأوسط يرى الخبير الجيوسياسي الأمريكي المعروف (جورج فريدمان) أن انهيار نظام الحكم في (سوريا) فتح المجال أمام نشوب حروب جديدة في المنطقة وذلك في مقالة له نشرت على موقع المستقبل الجيوسياسي يوم الأربعاء الموافق 11/12/2024 وحملت عنوان (ضعف المقاربة الإسرائيلية في التعامل مع الحرب).

إذ يجادل فريدمان أنه على الرغم من أن إسرائيل هي القوة العسكرية المهيمنة في المنطقة إلا أن ظهور أبعاد جديدة للصراع يفرض على إسرائيل فحص إذا ما كان لديها القدرة على الإستمرار في فرض إرادتها على أعدائها على مساحة أكبر من الأرض.

ويضيف فريدمان أن فشل إسرائيل في غزة في حربها على حماس يعتبر الدليل الأبرز على عدم جدوى الإستراتيجية العسكرية في مواجهة أعداء إسرائيل في المنطقة، وإذا نظرنا للمستقبل والقول لفريدمان فإن السؤال هو إلى أين يتجه الجيش الإسرائيلي.

وفي محاولته الإجابة على هذا السؤال يقول فريدمان يبدو أن الحل مخيفا: فإسرائيل سوف تستمر في هذه الإستراتيجية لأنها ببساطة تفهمها بشكل أفضل، ويختم فريدمان “أنا غيلا مقتنع بأن القوات الإسرائيلية قادرة على تنفيذ هجمات متكررة لا مهاية لها في حروب هذا العصر، فإسرائيل غير قادرة على على تغيير فهمها للحرب لتحقيق قدر من النصر، بغض النظر عما تقوله حكومتها”.

ما تقدم يظهر أن الإبادة التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين هي الإستراتيجية التي لا تجيد إسرائيل غيرها والتي يبدو أن إسرائيل ستتمسك بها أكثر في ظل إدارة ترامب القادمة، وهذا سيضع العالم برمته وليس فقط الشرق الأوسط في فوضى دموية، الأمر الذي يؤكد أن العالم بحاجة لقيادة مختلفة عما يفعله الغرب الذي صنع إسرائيل في المنطقة ولا زال يدعم ابادتها للشعب الفلسطيني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى