إسرائيل وأمريكا تتوعدان بفرض عقوباتٍ.. قانونٌ أيرلنديٌّ جديدٌ: استيراد بضاعة من المستوطنات جريمةٌ جنائيّةٌ..

هاجم السفير الأمريكيّ لدى إسرائيل مايك هاكابي، مشروع قانون في البرلمان الأيرلنديّ يهدف لتجريم استيراد أوْ شراء منتجات المستوطنات الإسرائيليّة في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية المُحتلّة، وهضبة الجولان العربيّة السوريّة المُحتلّة. وبموجب مشروع القانون فإنّ كلّ مَنْ يستورِد أيّ منتجاتٍ من المستوطنات الصهيونيّة يرتكب جريمة يُعاقَب عليها مَنْ يقوم بارتكابها.
ونقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة عن مصادر إسرائيليّةٍ وأمريكيّةٍ قولها إنّ أيرلندا قد تواجه عقوباتٍ قاسيةٍ من إدارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، في حال أقرّ البرلمان في دبلن مشروع القانون المذكور، والذي إذا تمّ إقراره سيجعل أيرلندا الدولة الأوروبيّة الأولى، التي تتخِّذ قرارًا من هذا القبيل.
ووصف هاكابي، المعروف بدعمه للمستوطنين والاستيطان الصهيونيّ في الأراضي العربيّة المُحتلّة، مشروع القانون بطريقةٍ لاذعةٍ، وكتب على حسابه في قناة (ريشت 13 العبريّة: “هل سقط الأيرلنديون في برميل من بيرة غينيس واقترحوا شيئًا غبيًا يمكن اعتباره نتيجة سكر دبلوماسي؟”.
وأضاف: “هذا القانون سيؤذي العرب بمقدار ما سيؤذي الإسرائيليين. استيقظوا، اتصلوا بوزارة الخارجية الإسرائيلية واعتذروا”.
في السياق ذاته، غرد السيناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام قائلاً: “لا أعتقد أنّ هذه الجهود ستلقى ترحيبًا في الولايات المتحدة، ولن نتجاهلها”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تتصاعد فيه الجهود الأوروبية والمجتمع المدني في بعض الدول الغربية لاتخاذ مواقف أكثر تشددًا من سياسات الاستيطان الإسرائيلية، والتي يعدها القانون الدولي غير شرعية، بينما ترفض إسرائيل والولايات المتحدة هذا التوصيف.
ويهدف القانون إلى منع دخول السلع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية إلى السوق الأيرلندية.
وقد أثار القانون جدلاً داخل وخارج أيرلندا، حيث تدعمه بعض الجهات الحقوقية، بينما ترى فيه أطراف أخرى انتقائية وتمييزًا ضد إسرائيل فقط.
وكانت حكومة أيرلندا أقرّت رسميًا في شهر أيّار (مايو) المنصرم مشروع قانون لحظر استيراد البضائع القادمة من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية.
ويُعتبر هذا القرار خطوة رمزية تهدف إلى تعزيز الضغط الدولي على إسرائيل لوقف حربها على غزة، خاصة في ظل تزايد الانتقادات الدولية بشأن الانتهاكات الإنسانية.
ويُعد هذا المشروع الأول من نوعه داخل الاتحاد الأوروبي، ويستند إلى رأي استشاري صادر عن محكمة العدل الدولية في تموز (يوليو) 2024، والذي أكّد أنّ الاحتلال الإسرائيليّ للأراضي الفلسطينيّة غير قانوني، ودعا الدول إلى تجنب دعم أوْ تعزيز هذا الوضع من خلال العلاقات التجارية أو الاستثمارية.
ويشمل القرار سلعًا مثل الفاكهة والخضار والأخشاب، ولن يشمل مجال الخدمات، مثل السياحة أو تكنولوجيا المعلومات. وعلى الرغم من أنّ حجم التبادل التجاري بين أيرلندا والمستوطنات الإسرائيلية محدود (نحو 685 ألف يورو بين عامي 2020 و2024)، تأمل الحكومة الأيرلنديّة أنْ يُلهم هذا الإجراء دولاً أوروبية أخرى لاتخاذ خطواتٍ مماثلةٍ. ومن المتوقع أنْ يُعرض مشروع القانون على لجنةٍ برلمانيّةٍ خلال الأسابيع المقبلة، مع إمكانية تمريره نهائيًا قبل نهاية العام الجاري.
وقال رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، إنّ هذه خطوة رمزية تأتي في أعقاب اعتراف أيرلندا الرسمي العام الماضي بدولة فلسطين، إلى جانب عددٍ صغيرٍ من الدول الأوروبيّة الأخرى.
وقال وزير الخارجية الأيرلندي سايمون هاريس، إنّ مشروع القانون، الذي سيحظر استيراد السلع من المستوطنات، سيخضع للنقاش من قبل لجنة برلمانية في الأسابيع المقبلة. ومن المقرر بعد ذلك أنْ يخضع مشروع القانون النهائيّ للتدقيق البرلمانيّ قبل التصويت عليه في مجلسيْ الشيوخ والنواب، ومن المرجح أنْ يتم ذلك في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام.
وأضاف هاريس: “من نواحٍ عديدةٍ، يعد هذا إجراء صغيرًا، لكن ينبغي لجميع الدول بذل كل ما في وسعها لزيادة الضغوط وتهيئة الظروف التي تفضي إلى وقف لإطلاق النار”، آملاً أنْ تتخذ دول أخرى إجراءات مماثلة. وتأتي هذه الخطوة بعد أنْ أوقفت بريطانيا، الأسبوع الماضي، محادثات التجارة الحرة مع إسرائيل، وأعلنت فرض عقوباتٍ جديدةٍ على مستوطنين في الضفة الغربيّة المُحتلّة.
ويأتي الرد الأمريكيّ متناغمًا مع موقف الحكومة الإسرائيليّة التي وصفت مشروع القانون الأيرلنديّ بأنّه معادٍ لإسرائيل ويمس اقتصاد المواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين العاملين في المستوطنات.
بالإضافة إلى ذلك، فإنّه في أيّار (مايو) الماضي، استدعت إسرائيل سفيرها لدى دبلن بعد أنْ أصبحت أيرلندا واحدة من ثلاث دول في الاتحاد الأوروبيّ أعلنت أنّها ستعترف من جانبٍ واحدٍ بدولةٍ فلسطينيّةٍ. ولم تستدعِ أيرلندا سفيرها لدى إسرائيل. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، أقر البرلمان الأيرلنديّ اقتراحًا غير ملزم يعلن أنّ “إسرائيل ترتكب إبادةً جماعيّةً أمام أعيننا في غزة”.
كما دعت أيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا، قبل شهريْن إلى منح فلسطين عضويةً كاملةً بالأمم المتحدة والاعتراف بدولتها على أساس حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وجددت التزامها بحلّ الدولتين.