“إسرائيل” وتحديات عام 2025: هل تستهلها بصفقة مع حماس؟
إسرائيل اليوم- بقلم شيريت افيتان كوهن-
مع التوجه نحو صفقة في غزة، وبداية إقامة جدار على الحدود مع الأردن، ورحلات متواترة إلى مصر يقوم بها كبار رجالات المستوى الأمني في وقت أعمال متواترة في عمق سوريا – تكاد لا تمر لحظة في الأسبوع الأخير إلا ويتخذ فيها قرار ذو مغزى يتعلق بكل واحد من التهديدات التي أمامنا.
لم يعد الحديث يدور عن “حزب الله” أو حماس 2023، بل عن “داعش” في سوريا، والإيرانيين في الأردن، والحوثيين من اليمن، والتهديد المركزي – النووي الإيراني. يبدو أن 2025 تستدعي تحديات عديدة.
غزة أولاً
تعترف إسرائيل في أحاديث مغلقة بأن الصفقة التي تعد خلف الكواليس تتضمن إطاراً قائماً يؤدي إلى نهاية الحرب مقابل إعادة كل المخطوفين. رحلة رئيس الموساد دادي برنياع إلى قطر، تلمح إلى تقدم ذي مغزى قد يؤدي إلى المرحلة الأولى من مثل هذه الصفقة في غضون أيام. وتقول مصادر في جهاز الأمن إنه بالإمكان إعادة عدد من منزلتين من المخطوفين في المرحلة الأولى مقابل وقف نار محدود، بينما يعرب المستوى السياسي عن استعداد لمرابطة متجددة لجنود الجيش في محور فيلادلفيا وفي مناطق أخرى، في الوقت الذي يتوقف فيه القتال.
“أهمية محور فيلادلفيا لم تتغير، ومن ناحيتهما ينبغي أن يكون هو قدرتنا على أن نمنع تهريب المال والسلاح. في واقع الأمر هذا ما أنتج تعاظم قوة حماس طوال سنين”، قال نتنياهو في بداية الأسبوع رداً على سؤال وجهته “إسرائيل اليوم”. وقد طلب من نتنياهو أن يعطي جواباً لمطلبين مطروحين علينا: من شركائه من يمين الائتلاف الذين يطالبون بصفقة دفعة واحدة دون السماح بإبقاء مخطوفين يصبحون “رون أراد”، ومن جهاز الأمن والجيش الذين يقولون في مداولات مغلقة بوجوب الموافقة على إنهاء الحرب وإعادة كل المخطوفين والعمل من جديد في اللحظة التي يخرق فيها الفلسطينيون الاتفاق – وسيخرقونه، كما تدعي القيادة.
يبدو أن نتنياهو ووزير الدفاع كاتس في هذه الأثناء، يستهدفان صفقة على مراحل، بالتوازي مع محاولات ترتيب المساعدات وإبعادها عن حماس. الأيام التالية قبيل ترسيم ترامب، تلعب أساساً في صالح إسرائيل، وتضغط على حماس ومؤيديها من بين الوسطاء، كما تدعي محافل سياسية. وهذه المحافل تقصد حملة الضغوط التي يمارسها رجال ترامب على قطر. كما أن الرئيس هرتسوغ شهد هذا الأسبوع بأن لهذه الضغوط والتهديدات غير اللطيفة من جانب ترامب على حماس لها تأثير عظيم القيمة على حياة المخطوفين. وكان مستشار الأمن القومي جاك سوليفان قال أمس: “يمكننا عقد صفقة هذا الشهر”.
النبش في الجلبة السورية
تبدو إسرائيل راضية جداً من التقلبات التاريخية في سوريا. هذا لا يعني أن نظام الأسد استبدل بنرويجيين، بل لأن الفرصة التي وقعت في أيدي الجيش لتدمير قدرات سوريا الاستراتيجية. واعترفت محافل سياسية بأن حدود التهريب بين سوريا ولبنان سقطت في أيدي الأكراد، الذين يرون في إسرائيل شريكاً، وهو تطور غير مخطط له وايجابي في إطار الأعمال لمنع تهريب السلاح إلى حزب الله. وثمة أقلية أخرى في سوريا تصبح ذات صلة، وهي الدروز في جنوب غرب سوريا على حدود الأردن. يبحث المستوى السياسي – العسكري في إمكانية استئناف ذاك الحلف الأخوي مع الدروز هنا في إسرائيل بحيث يسمح أيضاً بحماية الحدود المشتركة انطلاقاً من مصالح مشابهة.
لكن ما كل شيء بشارة طيبة. فلا سبيل جميلاً لنقول هذا: إسرائيل تصف الجولاني كرجل “داعشي”. ومصدر سياسي يقول: “في الغرف المغلقة يجلس بينما علم المنظمة الإسلامية المتطرفة خلفه”. لن تتعايش إسرائيل تتعايش و”داعش” على حدودها – هذه فرضية العمل التي دفعت الجيش الإسرائيلي للسيطرة بسرعة على المنطقة العازلة التي يعتزم البقاء فيها في الشتاء القريب القادم على الأقل. الدرس الذي يتحدث عنه المستوى السياسي والعسكري هو ذاك الذي تعلمناه بعد سقوط صدام حسين في العراق، حين بدل السلاح، لكنه سرعان ما استخدم ضد كل محفل غربي شخصه على هذا النحو.
الإيرانيون يتجهون إلى الأردن
النشاط الإيراني الذي اصطدم بيد إسرائيلية قوية في لبنان وسوريا وغزة يبحث عن مكان لاقتحامه، وكل العيون تتطلع إلى الأردن. محاولات تهريب السلاح الرسمي، الصواريخ، والحوامات، والعبوات الناسفة، باتت تتم كل يوم من إيران عبر الأردن، والهدف هو الضفة الغربية. وبينما يعمل الجيش الإسرائيلي لاكتشاف ومنع محاولات التهريب عبر الحدود السائبة في المستوى السياسي، قرر إقامة جدار على شكل ذاك الذي مع الحدود المصرية. سيكون هذا مشروع العلم لوزير الدفاع إسرائيل كاتس، الذي يقول لرجاله إنه ينوي إنهاء البناء في الولاية الحالية.
إلى جانب الأعمال على الجدار، يخطط المستوى السياسي والعسكري لإنهاء إقامة “مدارس الحدود الدينية”، التي تستهدف توفير جواب مزدوج: سواء لتجنيد الحريديم في شكل يبقي أنماط حياتهم أم لحماية الحدود الشرقية. النائبة شران هسكيل، طرحت الفكرة حتى قبل تسلمها منصب نائبة وزير الخارجية؛ بهدف إقامة مدارس دينية حريدية تعمل في نموذج زمني محدد ومتكرر: تعلم – دفاع – نوم. ربما تكون خطة ممتازة لمرابطة الجنود على الحدود الطويلة والسائبة وتحييد المحاولات الإيرانية لملء إسرائيل من الداخل بالسلاح.
لبنان بين الحروب
بينما انتهت الحرب مع حزب الله ظاهراً بوقف نار، يعترف الجيش بأن استمرار الاحتكاك جيد لليقظة اللازمة تجاه محاولات المنظمة إعادة التسلح. يرد الجيش فورا وبشدة على كل خرق، والآلية الدولية لا تنجح بعد في منع إسرائيل من الدفاع عن نفسها. ويقول مسؤولون في الجيش إن “الاحتكاك العملياتي جيد لنا، ويبقي على يقظة القوات”. وقف النار هو عملياً الحرب بين الحروب، تلك التي نسي المستوى السياسي والعسكري القيام بها في العقدين الأخيرين.
مصر تحرك القوات
رحلة رئيس الأركان ورئيس “الشاباك” إلى القاهرة لم يجر فيها الحديث بتوسع، والقليل الذي قيل ذكر تطورات إقليمية مع التشديد على سوريا. غير أن “إسرائيل اليوم” علمت بأن إسرائيل قلقة من أن الدولة الجارة مع الحدود الهادئة بدأت تحرك القوات في حدود سيناء بشكل لا يتناسب واتفاق السلام والتسويات الأمنية المقررة. وتقول إسرائيل إنها ترى الخروقات من جانب مصر في موضوع “تغيير حجوم القوات”. كما ترى إسرائيل في مصر شريكاً محتملاً لتسوية مع غزة – بما في ذلك مسؤولية نشطة عن معبر الحدود في رفح – دون العودة إلى أيام التهريب الذي يمر من تحته في اليوم التالي.