اخبار

الاردن : مقترح ترامب لنقل سكان غزة “تهديد وجودي” للمملكة ووصفة سحرية للخراب..

 يشكّل اقتراح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل جزء من سكان قطاع غزة إلى الأردن “تهديدا وجوديا” للمملكة يشمل الاستقرار الأهلي والمساعدات الأميركية الثمينة للبلد الصغير، وفق ما يقول محللون.
ويقول مدير مركز “القدس للدراسات السياسية” في عمان عريب الرنتاوي لوكالة فرانس برس “هذا المشروع لا يستهدف فقط القضاء على الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني على أرضه وإنما أيضا يمسّ بالأمن والاستقرار والهوية والكيان في الأردن”.
ويضيف “في الأردن، نتحدث عن تهديد وجودي لا عن تهديد أمني. قد لا يبقى أردن إذا تمّ مشروع التهجير، وسينتقل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بكل زخمه ليصبح ربما صراعا أردنيا داخليا”.
وكثّف العاهل الأردني عبدالله الثاني الأربعاء اتصالاته الدبلوماسية لتأكيد موقف بلاده الرافض للمشروع الأميركي، وذلك قبل أيام من لقائه دونالد ترامب في البيت الأبيض في 11 شباط/فبراير، بناء على دعوة من هذا الأخير.

وكشف ترامب الثلاثاء عن مشروع يقضي بسيطرة بلاده على قطاع غزة المدمّر جراء 15 شهرا من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، وتحويله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”. وقال إنه يريد أن يصبح القطاع “ملكية أميركية” لفترة طويلة.
وكان دعا في وقت سابق الأردن ومصر الى استقبال سكان قطاع غزة على أرضهما.
ولاقى اقتراح ترامب صدمة واستهجانا بين الفلسطينيين وفي العالم.
ويرى الرنتاوي “هذه وصفة للخراب وليس وصفة للاستقرار والسلام”.
ويقول وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة “هذا إنتحار سياسي للدولتين لأنهما ستتهمان بالتواطؤ وتصفية القضية الفلسطينية”، مضيفا “بالنسبة الى الأردن، هذا يخلّ بالتركيبة السكانية والمعادلة السياسية ويدمّر هويتنا الوطنية”.
ويؤرق هاجس أن يصبح الأردن وطنا بديلا للفلسطينيين، كما ينادي بذلك بعض المتطرفين في إسرائيل، عددا كبيرا من الأردنيين.
ويتحدّر نصف سكان الأردن البالغ عددهم حوالى 11 مليونا، من أصول فلسطينية. إذ لجأ الى الأردن عبر التاريخ ومنذ نشأة دولة إسرائيل العديد من الفلسطينيين. ووفقا للأمم المتحدة، هناك 2,2 مليون لاجئ فلسطيني مسجّلين في الأردن.
وكانت مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية تحت الإدارة الأردنية قبل احتلالها من إسرائيل في العام 1967، ثم ضمّها في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وقاتل الجيش الأردني وفصائل فلسطينية جنبا إلى جنبا في ما عرف ب”معركة الكرامة” ضد إسرائيل في العام 1968، قبل أن يشهد الأردن مواجهات بين الجيش والفصائل الفلسطينية في ما عرف فلسطينيا ب”أيلول الأسود” عام 1970.
وجاء ذلك بعد استفزازات وتجاوزات ارتكبتها فصائل فلسطينية مثل التمركز في عمان ومدن رئيسية، ونشر حواجز تفتيش في عدد من المناطق. وانتهت المواجهات بسقوط عدد من القتلى وإخراج الفصائل المسلحة من الأردن.
– “بيع الأردن”؟ –
ويتساءل الرنتاوي “من أعطى ترامب صلاحية أخلاقية وقانونية وسياسية كي يضع يده على غزة ويتملكّها ويستثمر فيها؟ إنه يتحدث عن غزة وكأنه مطوّر موقع عقاري وليس كرئيس دولة”.
ويرى أن “المشروع خطير”، و”تداعياته لا تقدّر بأموال المساعدات التي تقدّم للأردن أو مصر”.
ويعتمد الاقتصاد في الأردن، البلد الصغير المحدود الموارد، الى حدّ كبير على مساعدات دولية النسبة الأكبر منها من الولايات المتحدة الأميركية.
وخلال السنوات الأخيرة، بلغت المساعدات الأميركية السنوية للأردن حوالى 750 مليون دولار لدعم الاقتصاد وحوالى 350 مليون دولار كمساعدات عسكرية.
وعن لقاء العاهل الأردني المرتقب مع ترامب، يقول الرنتاوي “لا خيار أمام الملك سوى رفض هذا المشروع بشكل مطلق. هذا ليس أمرا يمكن الحديث فيه وليس قابلا للتفاوض. الملك نفسه سبق أن قال +هذا خط أحمر+ وأنا أعتقد أنه خط أحمر عريض وفيه لعب بالنار”.
ويضيف “يريد ترامب أن نبيع الأردن مقابل المليار ونصف مليار من المساعدات” الأميركية.
وحول احتمال وقف المساعدات الأميركية للمملكة، يقول النائب الأردني مصطفى العماوي “هذه المنح والمساعدات ليست منة وإنما هناك اتفاقية موقعة مع الولايات المتحدة تنتهي عام 2029، وإيقافها أمر مستهجن ومستغرب من دولة عظمى”.
ويضيف “لكن إذا كان الموضوع موضوع مقايضة، فنحن لن نقبل هذه المساعدات”.
ويقول المعايطة “صحيح أن الأردن سيتأثر بقرار قطع المساعدات إن حصل، ولكن هذا لا يستحق أن نقايض”.
ودفعت المخاوف من ممارسة ضغوط على الأردن من أجل القبول بالخطة نوابا الى إعداد مشروع قانون سيطرح على البرلمان وينص على “عدم المساس بالوحدة الوطنية والتأكيد على سيادة الأردن (…) والرفض الكامل الرسمي والشعبي الأردني للتهجير الفلسطيني الى الأردن كوطن بديل”.
ويقول العماوي “البرلمان يقف مع الملك ويرفض رفضا قاطعا ما صدر عن الرئيس الأميركي في ما يتعلق بتهجير الغزيين من ديارهم إلى الأردن أو مصر أو إلى أي دولة أخرى”.
ويخلص الرنتاوي الى أن “على الأردن أن يقلب الطاولة بدءا من العلاقة مع إسرائيل والقواعد الأميركية إذا أصرّ ترامب على موقفه ولم يتمّ إسقاط هذا المشروع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى