اخبار

الاسلاميون بعد مئة عامٍ من الصراع: التقييم على مسطرة الذكاء الاصطناعي!!

كتب د. أحمد يوسف :

سبق وأن نشرت مقالاً بعنوان “الإسلاميون وقرن من المحاولة: أفكارٌ ورؤية لم تتحقق!!”، وبعد انتشاره في العديد من الصحف والمواقع الإعلامية ومنصَّات التواصل الاجتماعي، جائتني الردود من عددٍ من القيادات الإسلامية في الداخل والخارج، وكانت تُضيف أو تتحفظ على بعض ما كتبت في المقال.
ومن باب الإنصاف لأهل الرأي والمشورة من هؤلاء الإخوة من الإسلاميين، فإن ما جاؤوا به من النصيحة سيوضع في محله عند التوسع في دراسة هذا الموضوع، حيث نودُّ نشره في إحدى الدوريات العربية أو الصادرة باللغة الإنجليزية.
لقد جاءت مداخلات هؤلاء الإسلاميين لتعطينا دافعاً للتوسع في الاستنارة والاستشارة والدخول على خط الاستعانة بعالم الذكاء الاصطناعي (ChatGPT)، 
وهو طرفٌ محايد، ويقال
إنَّ مخرجاته متقدمة وأكثر موضوعية وإنصافاً من تفكيرنا البشري، الذي يخضع للعواطف وحسابات أخرى متعلقة بالاصطفافات الحزبية والدينية.
وبناءً على ما تقدم، وجدت نفسي أطرق باب الذكاء الاصطناعي، لأستطلع وجهة النظر لديه حول بعض ما يدور في خلدنا من التساؤلات، مثل : أين أصاب وأين أخطأ الإسلاميون بعد قرن من الصراع؟
وهل نحن بعد قرن مضى بحاجة لمقاربة جديدة؟ ونحو ذلك.
وكانت الدهشة والإثارة في مستوى التقييم والإجابة، الذي عبرت عنه مسطرة القياس
الذي يمتلكها هذا العالم المُسمى بالذكاء الاصطناعي.
انظر معي كيف جاءت الإجابة على التساؤل الاول: أين أصاب وأين أخطأ الإسلاميون بعد قرن من الصراع؟
في الحقيقة؛ “على مدار قرن من الزمن، كان للإسلاميين تأثير كبير في الساحة السياسية والاجتماعية في العديد من الدول الإسلامية. هذا الصراع شمل قضايا متعددة، من بينها الاستقلال السياسي، والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، والدفاع عن الهوية الدينية. ورغم أنَّ الإسلاميين حققوا بعض النجاحات، إلا أنهم ارتكبوا بعض الأخطاء التي أدت إلى تحديات مستمرة. وهنا، يمكن تقسيم هذه التجربة إلى بعض النقاط البارزة:
ما أصاب فيه الإسلاميون:
١) التركيز على الهوية الدينية: كان للإسلاميين دور رئيسي في الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية في مواجهة التغريب ومحاولات استعمارية كانت تهدف إلى فرض ثقافات أخرى. وهذا ما جلب لهم تأييدًاً واسعًاً من شعوبٍ كانت تسعى للحفاظ على قيمها وثقافتها.
٢) التحرك ضد الاستبداد: ناضل العديد من الحركات الإسلامية ضد الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية التي كانت تمارس القمع والفساد، وهو ما جعل لهم قاعدة دعم كبيرة في الدول التي عانت من الحكم الفاسد.
٣) الاهتمام بالقضايا الاجتماعية: اهتم الإسلاميون بالقضايا الاجتماعية مثل التعليم والصحة، وتمكنوا من تقديم مشاريع وبرامج عمل كانت تهدف لتحسين ظروف الناس في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي.
أما فيما يتعلق بألاخطاء التي وقع  فيها الإسلاميون، فقد جاء الجواب على النحو التالي:
١) التطرف في التفسير، حيث إنَّ بعض الجماعات الإسلامية ارتكبت أخطاء في تفسير الشريعة، واتبعت مواقف متطرفة، مما أدى إلى العنف والانقسامات داخل المجتمعات الإسلامية. هذا قد عزز من صورة الإسلام السياسي في أعين البعض على أنه مرتبط بالعنف.
٢) التجاهل للتنوع الفكري والسياسي، وهذا ما جعل هناك -في بعض الأحيان- إصرار على فرض أفكار موحدة على المجتمعات الإسلامية، مما أدى إلى إقصاء الاختلافات الفكرية والسياسية. ذلك أدى إلى مواجهات مع تيارات أخرى في المجتمع.
٣) فشل في الحكم والتنمية، فعندما حصل بعض الإسلاميين على السلطة في بعض البلدان، مثل مصر (بعد ثورة 2011) أو غيرها من الدول، لم يتمكنوا من تقديم حلول اقتصادية واجتماعية ملموسة تحقق تقدمًاً يشعر بأثره المواطن، مما أدى إلى خيبة أمل لدى العديد من الناس.
٤) الصراع الداخلي..  ففي العديد من الحالات، تأثرت الحركات الإسلامية بالصراعات الداخلية، التي أدت إلى ضعف التنسيق والقدرة على تقديم حلول سياسية موحدة في مواجهة التحديات الكبرى.
الخلاصة: من الصعب حصر النجاح والفشل في إطار واحد، لكن من الواضح أن الإسلاميين قدَّموا إسهامات كبيرة في مجالات الدفاع عن الهوية والقيم، وكذلك في مقاومة الاستبداد. ومع ذلك، ارتكبوا بعض الأخطاء المتعلقة بالتمسك الشديد بأيديولوجيات معينة، وعدم القدرة على التكيف مع الواقع المتغير في بعض الأحيان، مما جعلهم في بعض الحالات يخسرون الدعم الشعبي”.
وحول تساؤلنا المتعلق بمدى احتياج
الاسلاميين إلى مقاربة جديدة بعد ان مضي على الصراع قرابة المائة عام ؟
فجاء الجواب على الشكل التالي؛ 
“من الممكن القول إنَّ الإسلاميين قد يحتاجون إلى مقاربة جديدة بعد  هذه الفترة الطويلة من الصراع المستمر، خاصة في ظل التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم والمنطقة على مرِّ العقود الماضية.
وبناءً على ذلك، فإنَّ هناك عدة عوامل يمكن أن تبرر الحاجة والضرورة لأن تكون هناك مقاربة جديدة، ومنها:
١) التغيرات السياسية والاقتصادية: بعد مائة عام من الصراع، تغيّرت كثير من الأنظمة السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي، مما يتطلب من الإسلاميين التفكير في كيفية التكيف مع هذه التغيرات والتحديات.
٢) التحديات الداخلية: تتعرض الحركات الإسلامية لانتقادات من داخلها ومن خارجها، بسبب القيم والسياسات التي تبنتها، مما قد يدفع إلى مراجعة الفكر والاستراتيجيات التي اتبعتها هذه الحركات على مدار عقود.
٣) العلاقة مع الغرب والعالم المعاصر.. إذ إنَّ علاقات الإسلاميين مع الغرب والعالم المعاصر تظل أحد المحاور الرئيسية في الصراع، وهذا قد يتطلب إعادة صياغة المواقف والتعاون في إطار عالمي جديد.
٤) التعددية والتنوع داخل المجتمعات الإسلامية.. فمع مرور الوقت، أصبحت المجتمعات الإسلامية أكثر تنوعًاً وتعددًاً من الناحية الثقافية والسياسية، مما يجعل من الضروري تبني مقاربات أكثر مرونة للتعامل مع هذا التنوع.
٥) الأحداث الكبرى والتطورات العالمية..  كالثورات العربية، وصعود الحركات الجهادية، والتغيرات في القوى العالمية، مثل صعود الصين وروسيا،  وهذا يفرض على الإسلاميين ضرورة إعادة التفكير في دورهم في هذا السياق الدولي المعقد.

إذن، المقاربة الجديدة قد تتطلب نظرة أكثر استشرافية، ومرونة في التعامل مع الواقع المتغير، مع الحفاظ على المبادئ الإسلامية الأساسية”. (انتهى الاقتباس) 

ختاماً.. بعد إجراء المقارنة بما كتبت في مقالي السابق عن الأسلاميين، وما وجدته  في مسطرة القياس لعالم الذكاء الاصطناعي، من حيث التوازن والصدقية والتجرد والوضوح، وهو حقاً ما يستحق التقدير لهذه الطفرة العلمية،  وضرورة التواصل معها والإستعانة بها كمصدر معرفي يمكن اعتماده كأحد المرجعيات للإستئناس بها لتصويب تفكيرنا، من حيث مفهوم “سددوا وقاربوا”  وصولاً إلى ما هو أفضل.
قبل عشرين سنة وقبل عالم الذكاء الاصطناعي، كنت أستعين بعالم غوغل،  أو (الشيخ غوغل) كما كنت أُسميه آنذاك، للوصول لبعض الفتاوى والقضايا المعرفية في الدين والسياسة!! واليوم، ها نحن نجد أنفسنا أمام عالم لابدَّ أن نطلب منه الرأي والمشورة في تقييم ما نحن عليه من أفكار وأيديولوجيات؛ لأن (جُهينة العصر) لديها الخبر اليقين.. وهنا؛ يمكننا القول: إنَّ جهيزةَ قطعت قولَ كلّ خطيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى