“التايمز” تتأكد من صحة فيديو يدحض مزاعم “إسرائيل” حول قتل طفل فلسطيني في اجتياح جنين
كشف شريط فيديو عن اللحظة التي أطلق فيها قناص إسرائيلي النار على فتى فلسطيني عمره 16 عاما أثناء اجتياح جنين في الأسبوع الماضي، بشكل نسف مزاعم إسرائيل بأنها استهدفت المقاتلين فقط.
وفي تقرير أعدته كاثرين فيليب من جنين قالت إن الفيديو الذي تأكدت صحيفة “التايمز” من صحته عبر شهود عيان وكذا عائلة الفتى القتيل، يظهر لحظة موت عبد الرحمن أحمد حردان عندما كان واقفا أمام مستشفى الأمل، بعدما لبى نداء من مسجد القرية من أجل التبرع بالدم. وقالت والدته كفاية حردان في بيت العائلة في فحمة بالضفة الغربية “أصبح عمر ابني 17 عاما” و”قتله الاحتلال بدم بارد واتهمه بالمشاركة في المواجهات المسلحة، ولم يكن يحمل السلاح، فقد كان طفلا”.
وأطلقت النار على عبد الرحمن في الساعة الواحدة ظهرا في 4 تموز/يوليو وفي اليوم الثاني للبحث الإسرائيلي المكثف داخل مخيم اللاجئين في جنين الذي يعتبر منذ عامين مركزا للجماعات المسلحة في الضفة الغربية.
ويظهر عبد الرحمن فارغ اليدين وهو ينظر للشارع خارج مستشفى الأمل، ووقع فجأة على الأرض بعدما أطلق قناص عليه النار. وقال صديق له للعائلة إنه حاول تحذيره وإبعاده بعدما لاحظ قناصا قريبا. واعتبرت إسرائيل العملية انتصارا وقالت إنها دمرت مركز قيادة ومعامل لإنتاج القنابل وصادرت كميات كبيرة من الأسلحة.
وللمفارقة، فقد زعمت القوات الإسرائيلية أن عبد الرحمن كان يحمل معه سلاحا أوتوماتيكيا عندما أطلقت النار عليه، وهو ما يدحضه الفيديو، وإن كل الفلسطينيين الـ12 الذين قتلوا في العملية كانوا مسلحين، وكان أربعة منهم تحت سن الثامنة عشرة. وزارت الصحيفة بيت عائلة حردان بعد جنازة حافلة شارك فيها مسلحون في مخيم جنين. وحمل نعشه في دروب المخيم قبل أن يرافقه والده لجنازة هادئة في القرية. وفي اليوم التالي كان بيت العائلة مكانا هادئا لنساء العائلة اللاتي تجمعن في غرفة المعيشة مع أم عبد الرحمن ووالده وإخوته الذين كانوا يندبون وفاته. وكان المشهد الهادئ غير الجنازات الصاخبة التي عقدت للمقاتلين الذين احتفل بهم كشهداء.
وليس لدى الجماعات المسلحة من كتيبة جنين الجديدة إلى الجهاد الإسلامي وحركة فتح أي تردد لاعتبار القتلى من الأطفال وحتى النساء شهداء لهم. وأحضر المسلحون راياتهم إلى البيت للاحتفال بشهادته، لكن العائلة لم تكن مرتاحة، نظرا للمخاطر عليها، ولكنها كانت مصرة على أن عبد الرحمن لم يكن مقاتلا أو انتمى إلى جماعة مسلحة.
وقالت والدته كفاية إنه ذهب إلى مستشفى الأمل من خلال النقل العام كي يتبرع بدمه، بعد سماعه النداء من مكبر المسجد “لم يكن لدي أي سبب للاعتقاد أنه في خطر، فالعملية الإسرائيلية في المخيم والمستشفى خارجه”. وبكت عندما وصفت كيف خرجت سريعا إلى جنين عند سماعها بخبر إطلاق النار على ابنها بالرأس. ومات بعد خمس ساعات أثناء عملية جراحية “كان ولدا عاديا، ولم يكن إرهابيا كما يقولون” و”كل فلسطيني في أعينهم هو إرهابي، مسلحا كان أم غير مسلح”.
وزعم المتحدث باسم القوات الإسرائيلية العقيد ريتشارد هيتش أن عبد الرحمن “لم يكن طفلا” لأن عمره 17 عاما. في الحقيقة، فإن هويته تظهر ولادته في 26 تموز/ يوليو 2006، أي قبل ثلاثة أسابيع من عيد ميلاده السابع عشر. وحتى في هذا السن يعتبر من الناحية القانونية طفلا، وهذا بحسب القانون المدني والعسكري الإسرائيلي والقانون الدولي أيضا. ثم وجه هيتش الصحيفة إلى منصات التواصل الاجتماعي التي أعلنت فيها حركة الجهاد الإسلامي عنه كواحد من شهدائها. وتقول الصحيفة “من المعروف قيام الجماعات المسلحة بتبني أي ضحية شاب كشهيد لإظهار قوتها”.
وفي الوقت الذي وضعت فيه حركة الجهاد الإسلامي صورا لمقاتليها، فقد كان عبد الرحمن هو الوحيد الذي لا يحمل السلاح. وعندما سألت الصحيفة هيتش إن كان عبد الرحمن مسلحا أجاب “نعم”، وأي نوع من السلاح “بندقية أوتوماتيكية”. وتابعت الصحيفة صورا لكاميرا من محل قريب من المستشفى والتي أظهرت عكس ما يتحدث عنه المتحدث باسم الجيش. ومن خلال تدعيم الصورة بشهادات العائلة وشهود العيان، لم يكن الجيش قادرا على تقديم جواب مقنع للصحيفة بعد مشاهدته الصور. ويعتقد أن المستشفى لديه تسجيله على الكاميرا لكنه لم يعلن بعد عنه.
وظهرت صور المراهقين الثلاثة الذين أعلنت عنهم الجهاد الإسلامي بالسلاح، لكن لا أحد يعرف إن كانوا مسلحين قبل موتهم. وقال عمر شاكر، مدير هيومان رايتس ووتش في إسرائيل وفلسطين إن مزاعم الجيش الإسرائيلي عن أن انتماء عبد الرحمن يبرر قتله، مرفوضة. وقال “زعم فصيل فلسطيني بانتماء شخص ليس مبررا قانونيا كافيا لممارسة إسرائيل القتل بناء على القانون الدولي المطبق في الضفة الغربية”. وقال إن “تحديد القانونية هنا يقوم على فكرة إن كان الشخص مثل خطرا على الحياة عندما أطلق عليه النار. وتزعم الفصائل الفلسطينية أن أفرادا منها، سواء كانوا جزءا من الجماعة المسلحة أو قتلوا في أثناء المعركة أم لا”.
وقال عايد أبو قطيش، مدير فرع مؤسسة الدفاع عن الأطفال “ديفنس فور تشيلدرن أنترناشونال” والذي طالب بالتحقيق في القتل إن من المعروف زعم إسرائيل أن الشخص كان مسلحا عندما تظهر الأدلة غير ذلك. وأخبر عدة شهود المنظمة أن عبد الرحمن لم يكن مسلحا ولم تكن مواجهات أدت لإطلاق النار، وهذا قبل ظهور الفيديو. ويقول الناشطون إن عبد الرحمن هو واحد من 53 طفلا فلسطينيا قتلتهم إسرائيل منذ بداية 2023. وتقول والدته “كان ولدا صغيرا” و”في هذا الشهر عيد ميلاده السابع عشر، وكان يريد حياة هادئة لا الشهادة”.