الحرب على غزة أبعد من حركة حماس…

كتب د. فايز أبو شمالة:
في اجتماع ضم ضباط من الجيش الإسرائيلي مع رئيس الوزراء نتانياهو، انتقد الضباط سياسة حكومة نتانياهو بشكل مباشر، وتذمّروا من الحرب التي تهدد حياة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وقال الضباط لنتانياهو: لا هدف سياسي واستراتيجي لهذه الحرب سوى خدمة مصالحك الحزبية والشخصية!
وهنا ثار نتنياهو في وجه الضباط، وراح يضرب بقبضته على الطاولة، قائلاً: «نحن ندمر غزة عن بكرة أبيها، ويجب ألا يكون لهم مكان سليم يعودون إليه، ويعيشون فيه، يجب أن يرحلوا”
وهذا التصريح الصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي يكشف عن النوايا الحقيقية للعدوان على غزة، والذي يعتمد مبدأ التدمير الكامل لكل مقومات الحياة، بهدف ترحيل أهل غزة، وهذا ما نشعر به، ونعيشه لحظة بلحظة نحن أهل غزة، وهذا ما تدركه جيداً الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني، وهم يدركون بحسهم الوطني أن العدوان على غزة لا يهدف إلى تهجير قادة حركة حماس من غزة، كما يطالب الإسرائيليون، ولن يكتفي بنزع سلاح المقاومة، ولا يسعى إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين في غزة فقط.
هذا الوعي الفلسطيني لحقيقة العدوان على غزة أكده استطلاع الرأي الذي أجراه “المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية” حيث أكد 72% من الفلسطينيين أن الكيان الصهيوني لن يوقف عدوانه على أهل غزة حتى لو أطلقت حماس سراح جميع الأسرى لديها، وهذا ما أكده وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهر، بعد أن أقرت الحكومة الإسرائيلية عملية مركبات جدعون ضد أهل غزة، قال: نحن نحتل غزة من أجل البقاء، لم يعد هناك دخول وخروج من غزة، وهذا ما ردده عضو الكنيست موشيه سعدة من حزب الليكود، قال: عملية مركبات جدعون حسم وإبادة وتهجير.
ad
وهذا ما يردده وزير المالية سموترتيش الذي أكد أنه لن يكون هناك انسحاب من الأراضي التي تم احتلالها، حتى لو أطلقت حركة حماس الرهائن، وحتى لو استسلمت حركة حماس!
ليتقدم نتانياهو على كل وزراء حكومته خطوة، وهو يعلن أنه يتبنى خطة الرئيس ترامب، والتي تطالب بالهجرة الطوعية لأهالي قطاع غزة.
ولتحقيق الأهداف السياسية التي توافقت عليها الحكومة الإسرائيلية، جهد الجيش الإسرائيلي بكل الإرهاب والعنف والقصف على تفريغ مدينة رفح من 400 ألف مواطن يسكنها، وراح يمارس التدمير والتحريم بالطريقة نفسها التي مارس فيه يوشع بن نون المحرقة في مدينة أريحا قبل آلاف السنين، والهدف الأقصى من هذا التدمير هو إيصال رسائل الرعب والفزع والجوع إلى الشعب الفلسطيني، حتى إذا طلب الجيش من أهالي خان يونس، أو من أهالي غزة والشمال، بالتوجه إلى المنطقة الآمنة في رفح، حيث تتوفر المساعدات الإنسانية، وحيث المنطقة الأمنة في رفح، لا يجد الفلسطينيون من بد إلا النزوح تحت دوي القذائف والموت، تاركين مقتنياتهم وذكرياتهم.
ولإفساد هذا المخطط الصهيوني، ولتدمير ثقة الجيش الإسرائيلي بقدراته على تأمين ربع مساحة غزة، تعمدت حركة حماس أن تصعّد من عمليات المقاومة في الشمال والجنوب، وأضحى الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أكثر ثقة بأن الأمل الوحيد لمواجهة المخطط الإسرائيلي هو تصاعد المقاومة، وبقاء حركة حماس في غزة قوية وقادرة، وذلك لأكثر من سبب أمني وسياسي، وهذا ما أكدته العمليات العسكرية التي حملت اسم أبواب جهنم في أكثر من موقع في رفح، وفي المنطقة التي يطمع العدو الإسرائيلي في جعلها نقطة تجمع آمنة للفلسطينيين، تخلو من رجال المقاومة، لقد خرج رجال المقاومة في أكثر من بقعة داخل رفح، بشكل أحبط المخطط الإسرائيلي، فالمقاومة التي تقاتل في رفح، وحالت دون حسم الجيش الإسرائيلي للمعركة على تلك البقعة الصغيرة من أرض غزة، وبعد أكثر من 13 شهراً من القصف والخسف والنسف، هي أبلغ رسالة للقيادة السياسية الإسرائيلية، بأن مخطط اقتلاع سكان غزة وتهجيرهم، سيدفنه رجال المقاومة تحت غبار المعارك، وسيدمره المقاومون، وهم يخرجون من فوهات الأنفاق، لا لنصب الكمائن للضباط والجنود الصهاينة، وإنما لنصب الكمائن للمخططات الإسرائيلية الهدفة إلى تهجير أهل غزة.
كاتب فلسطيني/ غزة