الصراع الفلسطيني -الإسرائيلي مقاومه الاحتلال .وليس معاداة لليهود..
يحاول البعض تصوير الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على أنه صراع ديني، وأن المقاومة الفلسطينية تستهدف اليهود لأنهم يهود، لكن هذا الادعاء يتناقض مع الحقائق التاريخية والواقع السياسي. منذ البداية، كانت المقاومة الفلسطينية ردًا على الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، وليس استهدافًا لليهود كجماعة دينية أو عرقية.
عبر التاريخ، عاش اليهود في البلدان العربية والإسلامية بسلام، حيث مارسوا شعائرهم الدينية بحرية وشاركوا في المجتمعات المحلية في مختلف المجالات. على عكس أوروبا، التي شهدت موجات متكررة من الاضطهاد ضد اليهود، بدءًا من محاكم التفتيش الإسبانية والبرتغالية، مرورًا بالمذابح في روسيا وأوروبا الشرقية، وانتهاءً بالمحرقة النازية (الهولوكوست) في القرن العشرين. حتى في الأدب الأوروبي، نجد إشارات واضحة إلى معاداة السامية، مثل مسرحية تاجر البندقية لشكسبير، التي تصور اليهودي شيلوك بطريقة سلبية وتعكس النظرة الأوروبية السائدة آنذاك تجاه اليهود. هذه العداوة لم تكن جزءًا من الثقافة الإسلامية أو العربية، التي عاشت فيها الطوائف اليهودية جنبًا إلى جنب مع المسلمين والمسيحيين في مجتمعات متجانسة.
الحركة الصهيونية التي نشأت في أواخر القرن التاسع عشر لم تكن حركة دينية، بل كانت مشروعًا استعماريًا استيطانيًا هدفه إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، بغض النظر عن السكان الأصليين الذين كانوا يعيشون هناك. الشعب الفلسطيني، كأي شعب يواجه الاستعمار، قاوم الاحتلال والتهجير القسري، تمامًا كما قاومت شعوب أخرى الاستعمار البريطاني والفرنسي في مناطق مختلفة من العالم. المقاومة الفلسطينية لم تستهدف اليهود لأنهم يهود، بل لأنها تقاوم الاحتلال والاستيطان والتهجير. والدليل على ذلك أن الفلسطينيين كانوا يعيشون بسلام مع اليهود قبل قيام دولة إسرائيل عام 1948، ولم يبدأ الصراع إلا بعد الاحتلال والتهجير القسري الذي تعرض له الفلسطينيون.
الإعلام الغربي والإسرائيلي يحاول باستمرار التلاعب بالرواية وتقديم المقاومة الفلسطينية على أنها معاداة للسامية، بهدف كسب التعاطف الدولي مع إسرائيل وتبرير سياساتها القمعية ضد الفلسطينيين. لكن الحقيقة واضحة: الشعب الفلسطيني لا يقاتل اليهود كدين، بل يقاوم الاحتلال الإسرائيلي الذي انتهك حقوقه وسلب أرضه. الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ليس صراعًا دينيًا، ولم تكن المقاومة الفلسطينية يومًا موجهة ضد اليهود كأفراد أو كجماعة دينية، بل ضد الاحتلال الإسرائيلي والمشروع الصهيوني الذي اغتصب الأرض الفلسطينية. من يريد فهم الحقيقة، عليه العودة إلى التاريخ والتفريق بين اليهودية كدين والصهيونية كمشروع استعماري استيطاني.
عمر فارس.