اخبار

العالم متواطئ في المجاعة الجماعية في غزة ..مصطفى ابراهيم

بعد أكثر من شهرين من خرق دولة الاحتلال وقف إطلاق النار، لا تزال الأوضاع في قطاع غزة تتدهور، وتدعي دولة الاحتلال أنها لا تعتبر نفسها ملزمة بالمعايير الدولية الأساسية. ورغم وجود مؤشرات على الصحوة لدى المجتمع الإنساني العالمي، إلا أنها لا تزال بطيئة للغاية.
كما أن الإحباط المتزايد بين الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تعزز بطريقة ما صورتها النمطية، وعدم استقلالها الكامل عن التمويل الدولي والضغوط السياسية، وأدى العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ تسعة عشر شهراً إلى تقويض الأسس الإنسانية والأخلاقية والقانونية، التي قام عليها النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية بوتيرة متسارعة.
وفي وقت يحاول فيه المجتمع الدولي الانتصار للمنظومة الدولية والأخلاقية، ووقف التجويع الجماعي الذي تمارسه دولة الاحتلال كونه محظور أخلاقيا، ويقوض الحق الأخلاقي للمجتمع الدولي والقيم القائمة عليها منظومة القانون الدولي الإنساني، وتعريض المعايير الإنسانية الأساسية التي يسعى إلى الحفاظ عليها للخطر. وبدأت أصوات من المجتمع الإنساني الدولي، تدرك أن الحرب في غزة قد تؤدي إلى تقويض النظام الدولي الليبرالي.
تفرض دولة الاحتلال ظروفا غير إنسانية على الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار حصار قطاع غزة، وتتفاخر الحكومة الإسرائيلية والوزراء باستمرار
حرب الإبادة وتجويع الناس وطريقة توزيع المساعدات في القطاع التي وضعتها إسرائيل.
منذ بداية حرب الابادة تروج دولة الاحتلال أن الحصار المفروض على القطاع، ومنعها إدخال المساعدات الإنسانية والغذاء والوقود لا يشكل تهديدًا كبيرًا لحياة الفلسطينيين في القطاع، حتى بعد تحذيرات الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى من أن المجاعة قائمة.
وما زالت دولة الاحتلال متمسكة في ترويج الادعاء السخيف، بانها تعمل على إدخال المساعدات والامدادات الغذائية، بناء على آلية جديدة لمنع حماس من السيطرة على المواد الغذائية، وهي منذ بداية الحرب اتخذت التجويع كسلاح لمعاقبة الفلسطينيين.
إن التجويع الجماعي للناس بشكل عام، للأطفال والنساء وكبار السن، أمر لا يطاق، وإن عجز العالم عن وقف حرب الإبادة وفي قلبها استمرار المجاعة الجماعية تجعل الجميع في أنحاء العالم شركاء. والمشاركة في أن الناس يموتون من الجوع والعطش، وأنهم يقتلون من أجل لقمة خبز. 
وكذلك المشاركة من خلال التواطئ عن حماية موظفي الإغاثة، الذين يُقتلون أثناء قيامهم بأكثر الإجراءات إنسانية وأخلاقية قدر الإمكان، وتوزيع الطعام والوجبات السريعة اليومية والتي توقفت جميعها.
بعد السابع من أكتوبر ترسخت قناعة لدى كثير من الدول الأوروبية المتنفذة، وصدقوا الرواية الإسرائيلية التي يرددونها، وإن جميع الناس في قطاع غزة مذنبون لأنهم اختاروا حماس ودعموا حكمها. ولا يوجد أبرياء في غزة، لأن السكان كانوا يعلمون ويصمتون. وفي هذا الموضوع فالعالم شريك، وعليه مسؤولية كبيرة وهم شركاء في الذنب وهم صدقوا الرواية الإسرائيلية، وان أهل غزة يجب أن يموتوا لأنهم شركاء في الذنب. 
أمس الثلاثاء عقد اجتماعاً في مجلس الأمن الدولي، حول الوضع في الشرق الأوسط، بما فيه القضية الفلسطينية، والوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة. وانتقد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر، خطة توزيع المساعدات في قطاع غزة التي وضعتها إسرائيل وتدعمها الولايات المتحدة. ووصفها بأنها “غطاء لمزيد من العنف والنزوح” للفلسطينيين في القطاع الذي عصفت به الحرب. إنها “مجرد مسرحية هزلية وتشتيت متعمد”. ولم تدخل أي مساعدات غزة منذ الثاني من مارس الماضي.
وخلال الاجتماع برزت معارضة من الدول الأوروبية المركزية مثل فرنسا وبريطانيا، للآلية الإسرائيلية، وأنها لن ندعم أي آلية مساعدات بغزة تسعى لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية، وأن توزيع وإدارة المساعدات الإنسانية التي اقترحتها إسرائيل، وهناك نحو (130 ألف) طن من الطعام تتعفن على حدود غزة، بدلا من إيصالها لمن يتضورون جوعاً. 
إن الشيء الوحيد الذي يُسمح له بالدخول إلى غزة هو الموت، القنابل والرصاص، للقطاع بينما يمنع الحليب عن أفواه الرضع. يُحظَر الماء ويُمنَع الدواء. وتغلق المعابر في وجه الحياة.
ومع ذلك ما زال العالم يقف متفرجا على شعب يباد بصمت ويحاصر بالخذلان، ويُجرَد من أبسط حقوقه في الحياة. المجاعة في غزة تعمل على تقويض أسس النظام الدولي بوتيرة متسارعة. 
وعلى الرغم من بعض بوادر الصحوة من المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة وبعض الدول الأوروبية، إلا أن الوضع يزداد سوءً والمجاعة تضرب أطنابها. وإن ثقة إسرائيل بنفسها مستمدة، من عدم وجود استجابة حقيقية من جانب المجتمع الدولي ولم ترقى لاتخاذ قرارات حقيقية مثل المقاطعة، والذي يدفع ثمن تجاهل القرارات الأممية السابقة التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى