بلينكن المنصرف يروّج لفكرة تأسيس سلطة حكم مؤقتة لإدارة شؤون غزة
عرض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، مبادئ خطة أميركية قال، إنه سيقدمها إلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول اليوم التالي للحرب في غزة.
وقال بلينكن في كلمة أمام معهد أتلانتيك في واشنطن، “منذ البداية أدركنا أننا لا نستطيع أن نتحمل الانتظار حتى وقف إطلاق النار للتخطيط لما قد يليه، ولعدة أشهر، كنا نعمل بشكل مكثف مع شركائنا لتطوير خطة مفصلة لما بعد الصراع والتي من شأنها أن تسمح لإسرائيل بالانسحاب الكامل من غزة، ومنع (حماس) من العودة، وتوفير الحكم والأمن وإعادة الإعمار في غزة”.
وأعلن أنه “سنسلم هذه الخطة إلى إدارة ترامب للمضي قدما فيها”.
واستعرض بلينكن المبادئ العامة للخطة وقال، “نعتقد أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدعو الشركاء الدوليين للمساعدة في إنشاء وإدارة داخلية مسؤولة عن القطاعات المدنية الرئيسة في غزة، مثل البنوك والمياه والطاقة والصحة والتنسيق المدني مع إسرائيل، وسوف يوفر المجتمع الدولي التمويل والدعم الفني والإشراف”.
وأضاف، “ستشمل الإدارة الداخلية فلسطينيين من غزة وممثلين من السلطة الفلسطينية، يتم اختيارهم بعد مشاورات ذات مغزى مع المجتمعات في غزة، وستسلم المسؤولية الكاملة لإدارة السلطة الفلسطينية التي تم إصلاحها بالكامل بمجرد أن يصبح ذلك ممكنا”.
وتابع، “سوف تعمل الإدارة بالتعاون الوثيق مع مسؤول كبير في الأمم المتحدة يتولى الإشراف على جهود الاستقرار والتعافي الدولية”.
ووفقا للخطة التي عرضها فإنه “سيتم تشكيل بعثة أمنية مؤقتة من أعضاء من قوات الأمن التابعة للدول الشريكة وموظفين فلسطينيين تم فحصهم”.
وقال، “سوف تشمل مسؤولياتها خلق بيئة آمنة للجهود الإنسانية وإعادة الإعمار وضمان أمن الحدود، وهو أمر بالغ الأهمية لمنع التهريب الذي قد يسمح لـ(حماس) بإعادة بناء قدراتها العسكرية”.
وأضاف، “وسوف نطرح مبادرة جديدة لتدريب وتجهيز قوة أمنية بقيادة السلطة الفلسطينية في غزة، والتركيز على القانون والنظام وتولي المهمة الأمنية المؤقتة تدريجياً”.
وأعلن أنه “سوف يتم ترسيخ هذه الترتيبات في قرار يصدره مجلس الأمن”.
ولفت بلينكن إلى أنه “أعرب بعض الشركاء بالفعل عن استعدادهم للمساهمة بقوات وشرطة لمثل هذه البعثة، ولكن فقط إذا تم الاتفاق على إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت سلطة فلسطينية إصلاحية كجزء من المسار نحو دولة فلسطينية مستقلة”.
وقال، إن “التوصل إلى اتفاق سوف يتطلب من جميع الأطراف استحضار الإرادة السياسية، واتخاذ قرارات صعبة، وتقديم تنازلات صعبة، إن الأطراف الإقليمية والدولية الرئيسة سوف تحتاج إلى الالتزام الكامل بدعم الحكم الذي يقوده الفلسطينيون ومنع عودة (حماس). وسوف تحتاج السلطة الفلسطينية إلى تنفيذ إصلاح سريع وبعيد المدى لبناء حكم أكثر شفافية ومساءلة، ومواصلة العملية التي بدأتها، العام الماضي”.
وأضاف، “وسوف يتعين على إسرائيل أن تقبل إعادة توحيد الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها”.
وأشار بلينكن إلى أنه “يتعين على الجميع تبني مسار محدد زمنياً قائم على الشروط نحو تشكيل دولة فلسطينية مستقلة”.
وقال، إن “هذه المبادئ تعزز بعضها البعض في إطار زمني محدد لأن أحداً لن يصدق أو يقبل عملية لا نهاية لها. إن الفلسطينيين يحتاجون ويستحقون أفقاً واضحاً وقريباً لتقرير المصير السياسي. والقاعدة الشرطية هي أنه في حين يتمتع الفلسطينيون بحق تقرير المصير، فإن هذا الحق يترتب عليه المسؤولية، ولا ينبغي لأحد أن يتوقع من إسرائيل أن تقبل دولة فلسطينية تقودها (حماس) أو متطرفون آخرون مسلحون أو لديهم ميليشيات مسلحة مستقلة، أو متحالفون مع إيران أو غيرهم ممن يرفضون حق إسرائيل في الوجود”.
وذكر بلينكن أنه “يتعين على الإسرائيليين أن يقرروا العلاقة التي يريدونها مع الفلسطينيين”.
وقال، “لا ينبغي أن يكون هناك وهم بأن الفلسطينيين سوف يقبلون أن يكونوا شعباً بلا حقوق وطنية. إن سبعة ملايين يهودي إسرائيلي ونحو خمسة ملايين فلسطيني متجذرون في نفس الأرض، ولا أحد منهما سوف يذهب إلى أي مكان”.
وأضاف، “يتعين على الإسرائيليين أن يتخلوا عن الأسطورة القائلة إنهم قادرون على تنفيذ الضم بحكم الأمر الواقع دون تكلفة أو عواقب على ديمقراطية إسرائيل، ومكانتها، وأمنها”.
ولفت إلى أن “قبول نهج محدد زمنياً قائم على الشروط فيما يتصل بالسياسة وإقامة الدولة من شأنه أن يوفر الأفق السياسي الذي يحتاج إليه الفاعلون الإقليميون والدوليون للمساهمة بقوات الأمن والدعم المالي اللازم لمساعدة القادة الفلسطينيين الجدد على حكم غزة وتأمينها وإعادة بنائها”.
وقال، “نأمل مخلصين أن تكون الأطراف مستعدة لاتخاذ خيارات صعبة في المستقبل”.
ولفت بلينكن إلى “إن حكومة إسرائيل تعمل بشكل منهجي على تقويض قدرة وشرعية البديل الوحيد القابل للتطبيق لـ(حماس)، السلطة الفلسطينية”.
وقال، “خذوا مثلا الموضوع المالي، تواصل إسرائيل حجب عائدات الضرائب للسلطة الفلسطينية التي تجمعها نيابة عن الفلسطينيين، وهي الأموال التي تنتمي إلى الفلسطينيين، والتي تلتزم السلطة الفلسطينية من خلالها بدفع رواتب الأشخاص الذين يقدمون خدمات أساسية مثل الرعاية الصحية والأمن في الضفة الغربية، وهو أمر حيوي لأمن إسرائيل”.
وأضاف، “هذا الأسبوع فقط، أدى انخراط الولايات المتحدة إلى موافقة إسرائيل على الإفراج عن مئات الملايين من الدولارات من عائدات الضرائب وهي خطوة مرحب بها. ولكن هذه الأموال لم يكن ينبغي لها أن تحتجز في المقام الأول، ولا تزال إسرائيل تحتجز أكثر من نصف مليار دولار من عائدات الضرائب التي تحتاج إليها السلطة الفلسطينية بشكل عاجل والتي يحق للفلسطينيين الحصول عليها”.
وتابع، “وفي الضفة الغربية، تعمل إسرائيل على توسيع المستوطنات الرسمية وتأميم الأراضي بوتيرة أسرع من أي وقت مضى خلال العقد الماضي. في حين تغض الطرف عن النمو غير المسبوق في البؤر الاستيطانية القانونية. وقد وصلت الهجمات العنيفة التي يشنها المستوطنون المتطرفون ضد المدنيين الفلسطينيين إلى مستويات قياسية”.
وأشار بلينكن إلى أنه “أكدنا منذ فترة طويلة على أن (حماس) لا يمكن هزيمتها بحملة عسكرية وحدها، وأنه في غياب بديل واضح، وخطة لما بعد الصراع، وأفق سياسي موثوق للفلسطينيين، فإن (حماس)، أو شيئا لا يقل خطورة، سوف ينمو من جديد”.
وقال، “هذا هو بالضبط ما حدث في شمال غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ففي كل مرة تكمل فيها إسرائيل عملياتها العسكرية وتنسحب، يعيد مسلحو (حماس) تجميع صفوفهم ويعودون إلى الظهور، لأنه لا يوجد شيء آخر لملء الفراغ”.
وأضاف، “والواقع أننا نقدر أن (حماس) جندت عددا من المسلحين الجدد ما يكاد يكون مساويا لعدد المسلحين الذين فقدتهم. وهذه وصفة لتمرد دائم وحرب دائمة. كلما طالت الحرب، ساء الوضع الإنساني في غزة”.
وتابع، “على الرغم من هذه التحديات العميقة، فقد كانت جهود إسرائيل بعيدة كل البعد عن تلبية الاحتياجات الهائلة في غزة”.
وأشار بلينكن إلى أن “معاناة المدنيين في غزة مأساة في حد ذاتها. كما أنها عزلت إسرائيل دوليا وعرضت جهودها الحثيثة نحو بناء العلاقات في المنطقة للخطر”.
وقال، “كلما طال أمد الأزمة الإنسانية في غزة، واجهت الدول العربية التي طبعت علاقاتها، مؤخراً، مع إسرائيل ضغوطاً من شعوبها للانسحاب، وزاد خطر انهيار اتفاقيات السلام التي أبرمتها إسرائيل مع الأردن ومصر”.