تأجيل استقالة اشتية.. ماذا ستطرح الفصائل الفلسطينية على طاولة “الحوار” في القاهرة؟
قالت فصائل فلسطينية، إنها ستطرح خلال اجتماع “الأمناء العامين” الذي تستضيفه العاصمة المصرية القاهرة في 30 يوليو/ تموز الجاري وضع خطة “وطنية شاملة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي”.
وأجمع عدد من قيادة تلك الفصائل في أحاديث منفصلة للأناضول، أن “ملف المصالحة الفلسطينية سيتصدر هذا الاجتماع كونه أساسيا لا يمكن التوافق على أي خطة وطنية بدون إتمامه”.
ودعا القادة، إلى “تهيئة الأجواء والظروف لإنجاح هذا الحوار من خلال وقف الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية ومنع الحملات الإعلامية الموجهة”.
وفي 10 يوليو/ تموز الجاري وجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس دعوة للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لعقد اجتماع طارئ لبحث المخاطر في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية استمرت نحو 48 ساعة في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة، استخدمت فيها مروحيات وطائرات مسيرة وقوات برية بداعي ملاحقة مسلحين.
وأسفرت العملية التي اعتبرت الأكبر منذ أكثر من 20 عاما، عن مقتل 12 فلسطينيا وإصابة نحو 140 آخرين، إضافة إلى دمار هائل طال نحو 80 بالمئة من المباني والمنازل والبنية التحتية بالمخيم.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد حينها، إن “الدعوات التي وجهها الرئيس عباس لحضور اللقاء الذي سيعقد بالقاهرة في 30 يوليو الجاري سلمت لكافة الفصائل دون استثناء وتمت بعد التشاور مع الأشقاء في مصر”.
وتربط حركة “الجهاد الإسلامي” مشاركتها في هذا الحوار بالإفراج عن “المعتقلين السياسيين”.
ويسود أراضي السلطة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) انقسام سياسي منذ يونيو/ حزيران 2007، بسبب الخلافات الحادة بين حركتي “فتح” و”حماس”، فيما لم تفلح الوساطات الإقليمية والدولية في إنهائه.
**”حماس” و”الجهاد الإسلامي”
وقالت حركة “حماس” إنها ستشارك في حوار القاهرة.
وأضاف المتحدث باسم الحركة حازم قاسم، للأناضول: “الحركة ذاهبة للاجتماع، والفرصة أمامنا لتحقيق الوحدة الوطنية، وسنبذل كل ما يمكننا لإنجاح المؤتمر”.
أما حركة “الجهاد الإسلامي” فقد اشترط أمينها العام زياد النخالة في بيان له مساء الأحد، الإفراج عن المعتقلين في سجون السلطة بالضفة، لمشاركة حركته بالاجتماع.
وقال النخالة في تصريح مقتضب: “لن نذهب لاجتماع الأمناء العامين في القاهرة قبل الإفراج عن إخواننا المجاهدين (المعتقلين السياسيين) في سجون السلطة الفلسطينية”.
بدوره، قال القيادي في الحركة داود شهاب للأناضول: ” نحذر من أن الظروف والأوضاع في الضفة من الاعتقالات السياسية من شأنها أن تؤثر سلبا على هذا الاجتماع”.
ودعا إلى “تهيئة الأجواء الإيجابية للتشجيع على عقد هذا الاجتماع والمشاركة به”.
وأشار شهاب، إلى أن “اجتماع الأمناء العامين للفصائل لم يتم تحديد جدول أعمال له، لكنه سيكون لدراسة ومناقشة الوضع الفلسطيني”.
واستكمل قائلا: “هذا الاجتماع يجب أن يكون له جدول أعمال واضح يشمل وضع استراتيجية أو خطوة وطنية شاملة لمواجهة الاختلال والتصدي للجرائم في الضفة”.
وأوضح شهاب، أن حركته “في حال قررت المشاركة ستطرح رؤيتها وبرنامج عمل وطني لمواجهة الاحتلال واستمرار المقاومة بالضفة”.
واعتبر أن السلطة الفلسطينية أمامها “التزامات واستحقاقات كثيرة من أجل تصعيد المقاومة ضد الاحتلال، لا أن تقف حائلا أو مانعا دون مواصلتها”.
ولفت شهاب، إلى أن “ملف المصالحة الفلسطينية يبقى ملفا أساسيا في أي لقاء فلسطيني-فلسطيني داخلي:.
** فتح: لا شروط في اللقاء
بدوره قال الناطق باسم حركة فتح حسين حمايل للأناضول، إن حركته “لا تضع أي شروط في اللقاء ما دام لا يوجد ما يخدش استقلالية القرار الفلسطيني وثوابته الوطنية”.
وأضاف: “الواقع الفلسطيني العام في ظل حالة الاجرام التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية ومستوطنيها نذهب إلى تغليب المصلحة الوطنية على أي أجندات حزبية”.
وأشار حمايل، إلى أن حركته “لا تضع أي شروط في اللقاء وتؤمن بالذهاب نحو إنهاء الانقسام السياسي والانطلاق موحدين لمواجهة الخطر الحقيقي المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي”.
ولفت إلى أن حركته “تأمل أن يخرج عن لقاء القاهرة نتائج ملموسة على كافة الصعد ولها علاقة بالعمل على توحيد الخطاب الإعلامي والرواية”.
وأردف حمايل: “اليوم كل أنظار الشعب الفلسطيني تتوجه نحو لقاء القاهرة، وشعبنا يريد أن نعود موحدين قولا وفعلا”.
ودعا الناطق باسم “فتح” حركة “حماس”، إلى “ترجمة الأقوال إلى أفعال على الأرض”.
وقال: “نقول للكل الفلسطيني لا يوجد أي طريق سوى إنهاء الانقسام”.
** برنامج “موحد مقاوم”
أمين عام حزب المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي رأى في حديث مع الأناضول، أن “من الأهمية بمكان الذهاب نحو لقاء القاهرة للخروج ببرنامج موحد مقاوم”.
وقال: “حتى الآن لم يحدد جدول أعمال اجتماع أمناء الفصائل”.
وأضاف البرغوثي: “ما نعيشه اليوم يوازي نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، والعقيدة الصهيونية الإسرائيلية جعلت لا حلول وسط”.
وأردف: “اليوم لا يوجد شيء أهم من الوحدة على استراتيجية وطنية موحدة مقاومة لأن الاحتلال وإرهاب المستوطنين لا يفهم إلا القوة”.
ودعا البرغوثي الكل الفلسطيني، إلى “التخلي عن ما ثبت فشله من حلول سياسية متمثلة في اتفاق أوسلو والذي حطم بفعل الاحتلال الإسرائيلي”.
في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، وقع محمود عباس رئيس دائرة الشؤون القومية والدولية في منظمة التحرير آنذاك، بمشاركة رئيس المنظمة الراحل ياسر عرفات، ووزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز، ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، إسحق رابين (اغتيل لاحقًا)، في العاصمة الأمريكية واشنطن، اتفاق أوسلو.
جاء الاتفاق الذي أطلق عليه اسم “أوسلو”، نسبة إلى مدينة “أوسلو” النرويجية حيث عقدت هناك 14 جولة من المفاوضات الثنائية السرية بين الطرفين.
وتابع البرغوثي: “إسرائيل ذاهبة نحو ضم الضفة الغربية، والمطلوب استراتيجية كفاحية توحد كافة الطاقات لمواجهة هذا الخطر”.
ودعا القيادي الفلسطيني اجتماع أمناء الفصائل، إلى “إنتاج قيادة موحدة تضم الكل الفلسطيني بما لا يتعارض مع دور منظمة التحرير بل مساندة لها”.
وشدد البرغوثي، على “أهمية الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وعدم ملاحقة المقاومين، والتأكيد على وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وأن يعطى الوقت الكافي للاجتماع أو ينتج عنه هيئة قيادية تواصل الحوار لإغلاق كافة ملفات الانقسام”.
**حكومة جديدة
مصادر مقربة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس قالت للأناضول، إن “عباس أجل قبول استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية لما بعد لقاء القاهرة”.
وأشارت المصادر، إلى أن ذلك يأتي لإعطاء فرصة للفصائل الفلسطينية من أجل الذهاب نحو تشكيل حكومة وحدة فلسطينية متوافق عليها من قبل الجميع تضم أكاديميين وتكنوقراط.
وكانت مصار مقربة من رئيس الحكومة الفلسطينية قد قالت للأناضول، إن اشتية قدم استقالته للرئيس الفلسطيني، وهو ما لم يتم تأكيده رسميا حتى الساعة.
** ملف المصالحة
من جانبها قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إنها “ستشارك في هذا الحوار الذي طالبت بشكل مسبق بضرورة وجود جدول أعمال لإنجاحه.
وقالت عضو المكتب السياسي في الجبهة الشعبية مريم أبو دقة للأناضول: “طالبنا بشكل مسبق بضرورة وجود جدول أعمال لمناقشة كل الاتفاقيات الفلسطينية (الإسرائيلية) السابقة وتنفيذها”.
وأضافت:” كما يقول الاحتلال يجب شطب القضية الفلسطينية، نقول في الجبهة أنه من الطبيعي شطب أوسلو وكل ملحقاتها”.
كما طالبت الجبهة الشعبية، وفق أبو دقة، بـ”إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين من أي جهة كانت (في إشارة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس) لتكون الأرضية والبيئة خصبة ووقف كافة الحملات الإعلامية التي من شأنها توتير الحوار”.
وأوضحت أن غالبية الفصائل متفقة على ضرورة الاتفاق خلال الاجتماع على “خطة وطنية استراتيجية لمقاومة الاحتلال الذي يستهدف الكل الفلسطيني”.
وذكرت أبو دقة، أن “ملف المصالحة يبقى أساسيا في هذا الاجتماع”، قائلة: “دون المصالحة لا يمكن الانتصار على العدو أو وضع الخطة الوطنية لمواجهته”.
ودعت أبو دقة الفصائل، إلى “استغلال الظروف والأزمة التي تمر بها إسرائيل من أجل المصالحة وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني والخروج من هذا المربع (الانقسام)”، معبرة عن آمالها في أن ينجح الحوار بوضع حلول لـ”المصالحة ودعم المقاومة”.
** دعم “المقاومة”
بدورها قالت “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين”، إنها تؤمن بضرورة “الخروج بقرارات ملزمة ونافذة من شأنها أن تنهي حالة التشتت والتفرد وتعمل على توفير كافة أشكال الدعم الضرورية للشعب الفلسطيني”.
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة طلال أبو ظريفة للأناضول، إن “أهمية هذا الاجتماع تنبع من كونه سيتيح المجال لطرح ملف دعم المقاومة الشعبية والمسلحة في مواجهة الاحتلال والضم والتطهير العرقي التي يمارسها الاحتلال ضد الفلسطينيين”.
وأضاف: “لا بد من التوافق على استنهاض المقاومة الشعبية والمسلحة ضد الاحتلال في إطار القيادة الموحّدة”.
وشدد أبو ظريفة، على ضرورة “تجاوز كافة المشاركين لمصالحهم الفئوية والحزبية الضيقة لإعلاء المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني في ظل مرحلة شديدة التعقيد يمر بها الشعب ولا يتوانى فيها الاحتلال من تسخير قواه لتقويض المشروع الوطني”.
كما أشار إلى ضرورة “توفير الأجواء الضرورية لإنجاح هذا الحوار وتجنب الاشتراطات المسبقة التي من شأنها أن تغلق الأبواب أمام الحلول التوافقية التي تتناسب مع المرحلة النضالية”.
وحول ملف المصالحة الفلسطينية قال أبو ظريفة: “التوافق على استراتيجية وطنية لمجابهة سياسة الضم الإسرائيلية لا يمكن أن يتم إلا بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وبناء النظام السياسي الفلسطيني”.
واعتبر أبو ظريفة، أن “تطبيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي فيما يتعلق بالعلاقة مع الاحتلال، ووضع آليات لتمكينهما، من شأنه أن يفتح الطريق أمام الوصول لاستراتيجية وطنية تعمل على إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني وصولا إلى الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية”.
ولعدة مرات على مدار سنوات، قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، تعليق الاعتراف بإسرائيل وإنهاء التزامات السلطة الفلسطينية بكافة الاتفاقيات معها لحين اعترافها بدولة فلسطينية على حدود 4 يونيو/ حزيران 1967، عاصمتها القدس الشرقية، إلا أنها لم تنفذ.
وقال أبو ظريفة: “من المهم أيضا الاتفاق خلال الحوار على استراتيجية جديدة مرتكزها التحلل من كل التزامات اتفاقية أوسلو وفقا لقرارات المجلس المركزي والوطني”.
وحذر أبو ظريفة، من “تحويل الحوار إلى منصة لخطابات إعلامية ودعوية دون وجود أي تقدم جدي في أي من الخطوات التي سيتضمنها البيان الختامي”.