تقرير: 30 ألف عقار مهدد بالهدم بالقدس الشرقية
![](https://khaleejevents.com/wp-content/uploads/2025/02/49cc5face34435cd694e21ce3853c677.jpg)
من جديد تعود سياسة هدم منازل الفلسطينيين في مدينة القدس وغيرها من مناطق الضفة الغربية إلى واجهة الأحداث، ولكن بقوة دفع أكبر.
مؤخرًا، أخطرت السلطات الإسرائيلية سكان قرية النعمان (خلة النعمان)، بهدم جميع منازل القرية، تمهيدًا لضمها إلى حدود مدينة القدس المحتلة.
القرية تتكون من 45 منزلاً مهددة بالهدم بذريعة عدم الترخيص بعد أن اقتحم موظفون في بلدية الاحتلال في القدس القرية، وقاموا بتوزيع إخطارات الهدم.
رئيس المجلس المحلي في القرية، جمال الدرعاوي، ينقل “تقرير الاستيطان الأسبوعي”، الصادر عن “المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان”، عنه قوله إن قرارات الهدم” جاءت بذريعة عدم الترخيص، علمًا بأن القرية مبنية قبل عام 1948 على مساحة 1500 دونم وبعدد سكان يصل إلى نحو 150 نسمة بمنازل مشيدة من الحجر القديم.
قرية خلة النعمان تقع في الطرف الجنوبي الشرقي لمدينة القدس على بعد مئات الأمتار شمال مدينة بيت ساحور، سكنها أوائل الفلسطينيين في الثلاثينات من القرن الماضي. في عام 1967 بعد احتلال الضفة الغربية سجلت إسرائيل أهالي القرية كسكان في الضفة الغربية، ولم تصدر لهم بطاقات هوية إسرائيلية، كما هو الحال مع معظم الفلسطينيين سكان تلك المناطق في القدس ومحيطها التي ضمتها إسرائيل في ما بعد، واستمرت في التعامل معهم باعتبارهم “مقيمين غير قانونيين”.
وعلى أساس هذا الموقف، يوضح التقرير المشار إليه أعلاه، منعت سلطات الاحتلال سكان القرية من التواجد في الأحياء والقرى التي ضمت إلى القدس، ورفضت بلدية القدس تزويدهم بالخدمات الضرورية مثل المياه، شبكات الصرف الصحي وتفريغ القمامة، كما امتنعت بلدية الاحتلال عن إقامة خرائط وخطط بنى تحتية وهيكلية للقرية، الأمر الذي حال بين السكان وبين استصدار تصاريح للبناء.
وقد استمر هذا الوضع في حياة سكان القرية لسنوات طويلة. وجاء بناء جدار الفصل العنصري الذي بنته دولة الاحتلال بعد انتفاضة الأقصى (الانتفاضة الثانية) على طول الحدود الجنوبية للمدينة ليفاقم من تردي الأوضاع في هذه القرية، التي عزلها الجدار عن مدينة بيت ساحور، الأمر الذي أدى إلى عزل القرية عن باقي قرى وبلدات الضفة الغربية في مسعى لطرد وتهجير سكانها.
بلدات إضافية ذات المصير
قرية خلة النعمان هذه الأيام لا تقف وحيدة في مواجهة مخططات الهدم والتهجير والتطهير العرقي، فإلى جانبها يتهدد أهالي بلدة سلوان نفس “المخطط الشرير”، يقول التقرير، ويوضخ أنه اعتصم أواخر الشهر الماضي المئات من أهالي البلدة في وقفة أمام البلدية في القدس، احتجاجًا على سياسة هدم البيوت وأوامر الإخلاء التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق أهالي البلدة وهو اعتصام شارك فيه نشطاء من اليسار الإسرائيلي، حيث رفع المشاركون يافطات تندد بعمليات هدم المنازل وتطالب بوقفها.
ويتابع التقرير: “في ذلك الاعتصام وقف عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان مراد أبو شافع يؤكد رفض الأهالي عمليات هدم المنازل، مشيرًا إلى وجود سبعة آلاف قرار هدم في سلوان. أما عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبو دياب، فأكد أن الوقفة هي بداية للاحتجاجات على سياسة البلدية تجاه هدم المنازل وعدم منح تراخيص البناء”.
30 ألف عقار مهدد بالهدم بالقدس الشرقية
بلدة سلوان ليست قرية خلة النعمان، فهي بلدة كبيرة يعيش فيها نحو 59 ألف مقدسي، يحيط خطر التهجير القسري الراهن بنحو 7500 من السكان يعيشون في 6 أحياء. هؤلاء مهددون إما بهدم منازلهم بحجة البناء دون ترخيص أو بطردهم لمصلحة الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية.
سلطات الاحتلال، حسب محافظة القدس، كانت قد نفذت 320 عملية هدم، بينها أكثر من 87 في بلدة سلوان بين أكتوبر 2023 ونوفمبر 2024، وأوضحت أن هناك أكثر من 30 ألف عقار في القدس الشرقية، مهددًا بالهدم، الأمر الذي سيؤدي إلى تشريد وإلحاق خسائر كبيرة بحياة عشرات آلاف المقدسيين.
تقديرات محافظة القدس تفيد بوجود 22 ألف منزل ومنشأة في القدس الشرقية، 7 آلاف منها في بلدة سلوان تدعي البلدية، وما تسمى باللجنة اللوائية للبناء والتنظيم، أنها غير قانونية، وأن عددًا من المنازل والمنشآت جرى هدمها دون إخطار، أو دون انتظار قرار قضائي بشأن الهدم.
كما بينت المحافظة أن بلدة سلوان خاصة تتعرض لاستهداف منهجي، وعلى وجه الخصوص أحياء البستان ووادي الربابة ووادي قدوم لقربها من المسجد الأقصى، وذلك لأجل تنفيذ مخططات الاحتلال لإنشاء ما يسمى بـ “الحدائق التوراتية”، وما يسمى “حديقة الملك” على أنقاض المنازل، وعلى أراضي أصحاب الحي.
نشير هنا إلى أن إخطارات الهدم، التي تخطط سلطات وبلدية الاحتلال لتنفيذها ترتفع من عام لآخر. فقبل السابع من أكتوبر عام 2023 كان هناك 25 ألفَ إخطار هدم في القدس، أما بعد ذلك التاريخ، فزاد العدد الكلي للإخطارات بنحو 7000 إخطار فأصبحت 32 ألف إخطار وذلك بعد أن تسلم ايتمار بن غفير كامل الملف.
عام 2023 شهد تنفيذ عمليات هدم لـنحو 150 مبنى سكنيًا، 70 منها كان هدمًا ذاتيًا، فيما عام 2022 شهد 143 عملية هدم مسكن، 71 حالة منها كان هدمًا ذاتيًا، وشهد عام 2021 نحو 181 عملية هدم مسكن، 97 منها كان هدمًا ذاتيًا.
هذه السياسة الهدامة، يلفت التقرير، تجري في وضح النهار أمام سمع وبصر المجتمع الدولي. وإلى هذا تشير معطيات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا” التي أكدت أن سلطات الاحتلال هدمت 215 مبنى في القدس الشرقية خلال العام 2024، وقد تضرر أكثر من 40 ألف مواطن.
واستنادًا إلى تلك المعطيات، فإن أعلى عمليات الهدم كانت في بلدة سلوان حيث تم هدم (41) مبنى ثم جبل المكبر (34)، الولجة (27)، العيسوية (24)، بيت حنينا (17)، الطور (11)، صور باهر (10)، رأس العامود (9)، شعفاط (9)، وادي الجوز (8)، الثوري (5)، مخيم شعفاط (4)، بين صفافا (3)، الزعيم (3)، باب الساهرة (2) وبئر عونة (2)، البلدة القديمة (2)، القنبر (2) أما باقي عمليات الهدم، فتتوزع في جبع والشيخ جراح وأم طوبا.
“وادي المخرور”.. الاستيطان يستهدف جنة بيت لحم
على صلة
“وادي المخرور”.. الاستيطان يستهدف جنة بيت لحم
وتشير المعطيات إلى أن هذا العدد يرتفع إلى 402 إذا ما تم احتساب منطقة محافظة القدس. ويتضح أن أكثر المناطق التي شهدت عمليات هدم هي عناتا حيث تم هدم (47) مبنى وحزما (23)، جنوب عناتا “وعر البيك” (18)، صور باهر (15)، جبع “تجمع بدوي” (14)، شمال عناتا (14)، الزعيم (14)، بدو (11)، رافات (11)، النبي صموئيل (10)، قلنديا (10)، بيت عنان (7)، الجيب (2)، بيت حنينا “ضاحية البريد” (2)، الرام (1)، مخيم قلنديا (1).
عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة
ولم تقتصر هذه السياسة الهدامة على مدينة القدس ومحيطها، بل هي امتدت على مساحة واسعة لتغطي معظم مناطق الضفة الغربية في مؤشر واضح على النوايا المبيتة لمستقبل الأراضي الفلسطينية تحت الاحتلال.
عشرات آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة يجري دفعها في دوائر الإدارة المدنية لتعميق الاحتلال والاستيطان وتوسيع رقعته الجغرافية، فيما تتهدد إخطارات وعمليات الهدم حياة المواطنين الفلسطينيين تحت الاحتلال.
وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا”، هدم جيش الاحتلال 1058 منشأة فلسطينية في المنطقة “ج” خلال 2024، منها 192 منزلاً مأهولاً. وأدت عمليات الهدم تلك إلى تهجير 860 فلسطينيًا، وتضرر نحو 38 ألفًا آخرين خلال الفترة نفسها.