اخبار

“شبح القسام”.. كيف يقود عز الدين الحداد حماس في أحلك ظروف غزة؟

تتجه الأنظار في هذا الوقت إلى عز الدين الحداد، المسؤول الكبير في “كتائب القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس، باعتباره القائد الأول للجناح العسكري، وأبرز قادة الحركة في قطاع غزة، بعد إعلان إسرائيل عن اغتيال غالبية قادة الجناح العسكري خلال الحرب، وآخرهم محمد السنوار، شقيق قائد الحركة السابق يحيى السنوار.

ويقود الحداد الذي لقب بـ”شبح القسام” الجناح العسكري، في واحدة من أصعب الظروف التي مرت على حركة حماس، خاصة بعد اغتيال غالبية أعضاء القيادتين السياسية والعسكرية للحركة المتواجدين في قطاع غزة، خلال الحرب، وأبرزهم يحيى السنوار ومحمد الضيف ومروان عيسى وأخيرا إعلان إسرائيل اغتيال محمد السنوار، الذي تردد أنه كان قائد الجناح العسكري بعد اغتيال الضيف، إلى جانب مسؤولين كبار نعتهم حماس في بيان رسمي خلال الحرب، كانوا ضمن المجلس العسكري الأعلى للقسام منهم قادة ألوية القسام في مدن غزة، ومسؤولي الاستخبارات وآخرين من قادة الكتائب الفرعية ومسؤولين عن وحدات الصواريخ وغيرها من قوات حماس.

هيكل قيادي جديد
والمعروف أن الجناح العسكري لحركة حماس يقاد من خلال مجلس عسكري أعلى، يترأسه قيادي بمسمى “القائد العام”، ويكون له نائبا يتولى في ذات الوقت مسؤولية قيادة القسام في قطاع غزة، حيث أوكلت المهمة طوال السنوات الماضية للضيف، وقد عين نائبا له أحمد الجعبري حتى اغتياله في العام 2012، ليتولى مروان عيسى المسؤولية حتى اغتياله في مارس من العام الماضي، ويتكون من أعضاء آخرين، هم المسؤولين عن القسام في محافظات القطاع الخمس، إلى جانب مسؤول جهاز الاستخبارات والمدفعية والتصنيع والنخبة والتدريب وغيرها من التشكيلات العسكرية، وقد أعلنت حركة حماس عن اغتيال غالبية قادتها العسكريين خلال الحرب.

وبسبب حجم الاغتيالات الكبير الذي طال الصف الأول والثاني والثالث وحتى الرابع في قيادة القسام، وبسبب ظروف الحرب الميدانية، لم يعد يعرف شكل الهيكل القيادي في الحركة، غير أن مجمل المعلومات تشير بعد استشهاد غالبية قادة الصف الأول، أن مهمة قيادة القسام أوكلت إلى عز الدين الحداد المكني بـ”أبو صهيب”، وهو واحد ممن انتموا مبكرا للقسام، والذي سبق وأن نجا من عدة محاولات اغتيال، لقدرته على التخفي، ليطلق عليه لقب “شبح القسام”.

ووفق ما يتوفر من معلومات فإن مهمة قيادة القسام أوكلت له بعد اغتيال محمد الضيف ومن قبله نائبه مروان عيسى، إلى جانب محمد السنوار، الذي أكدت إسرائيل خبر اغتياله في ضربة جوية استهدفت شرق مدينة خان يونس، ليصبح هذا الرجل هو المطلوب رقم واحد لإسرائيل التي رصدت مكافئة قدرها 750 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.

والحداد كان خلال فترة الحرب يتولى مهمة قيادة القسام في لواء غزة، وهو واحد من أكبر ألوية الحركة في القطاع وأهمها، وشاركت المجموعات التي تخضع لسلطته في الهجوم الكبير الذي نفذته كتائب القسام في السابع من أكتوبر 2023 بقوة على المستوطنات الإسرائيلية الواقعة في غلاف غزة، وقد كان من أبرز مخططي الهجوم كان اسمه حتى فترة قبل الحرب يتردد كأحد أبرز قادة حماس المؤثرين في القطاع.

وهذا الرجل الذي انضم لحركة حماس في العام 1987، عايش في فترة شبابه الأولى أحداث انتفاضة الحجارة، لينتمي بعدها للجناح العسكري، ويتدرج في المناصب من عنصر إلى قائد فصيل إلى قائد كتيبة إلى أن أصبح قائد لواء غزة، ولتقع تحت سلطته لاحقا بعد الاغتيالات الكبيرة قيادة الجناح العسكري، ويتردد أن هذا الرجل كان من المسؤولين عن جهاز الاستخبارات في القسام، وحاليا هو من يدير ملف الأسرى الإسرائيليين في غزة، ويرفض الخطة الأمريكية الخاصة بعقد صفقة تهدئة مؤقتة.

الخروج العلني
والحداد نجا سابقا من عدة محاولات اغتيال، حيث قصفت إسرائيل منزله أكثر من مرة خلال هذه الحرب المستمرة ومن قبلها في حروب سابقة على غزة، كما استهدف عدة أماكن كان يتوقع أن يكون فيها، وفي مطلع العام الجاري أعلن عن استشهاد نجله صهيب في استهداف لحي التفاح شرق مدينة غزة.

وكان الحداد هو المسؤول العسكري في حماس الذي خرج قبل الحرب المستمرة وهجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة، كاشفا عن وجهه ويرتدي بزته العسكرية، مهددا إسرائيل بأنها سترى في “المعركة القادمة”، ما يصدمها من أسلحة القسام، وقد هدد بالدخول إلى مناطق مستوطنات غلاف غزة، وليؤكد في تلك المقابلة التي بثتها قناة “الجزيرة”، أن عمليات اغتيال قادة حماس وجناحها المسلح لم تؤثر على سير عمل التنظيم، وليتحقق ذلك في هجوم السابع من أكتوبر، الذي أبلغ فيه الحداد قادة القسام الميدانيين الذين يعملون تحت أمرته حسب تقارير استخبارية بالموعد قبل ساعات قليلة من التنفيذ، وطالبهم بأن يعملوا على أسر أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين، كما ظهر وهو يخفي وجهه في تحقيق بثته “الجزيرة”، خلال التهدئة الأخيرة في غزة، كشف فيه عن تمكن القسام من الاستيلاء على معلومات أمنية من وحدة الاستخبارات الإسرائيلية قبل الحرب، مكنت جناحه العسكري من شن هجوم السابع من أكتوبر.

خطط عسكرية جديدة
ومع وصول الحداد إلى قيادة القسام في هذا الوقت، ولجوء حركة حماس وجناحها العسكري إلى العمل السري الكامل والتخفي، وبدون المقرات والمواقع الأمنية والعسكرية التي كانت متواجدة في غزة قبل السابع من أكتوبر، لا يعرف بعد الشكل والطريقة الذي تشرف فيهل قيادة القسام على خلاياها وكتائبها الميدانية المسلحة، ولا طريقة التواصل بين القيادات الكبيرة، والتي على الأغلب تدار بطريقة سرية وبدائية جدا، في ظل التطور التكنولوجي الإسرائيلي الذي تمكن سابقا في تعقب قيادات حماس واغتيالها، وأن هناك خطة عمل ميدانية جرى إقرارها خلال فترة التهدئة السابقة التي بدأت في شهر يناير وانتهت في 2 مارس الماضي.

وكان لافتا أنه خلال الأيام الماضية، وبالرغم من الضربات الكبيرة التي وجهتها إسرائيل لكتائب القسام، ومنها اغتيال محمد السنوار، وكذلك الإعلان عن اغتيالات طالت قادة ومسؤولين عن المجموعات والفروع، واستشهاد عدد كبير من الإفراد في ساحة المعركة، أن الجناح المسلح لحماس أعاد تنظيم صفوفه من جديد، وعاود للعمل العسكري بوتيرة متصاعدة، دللت عليها العمليات الأخيرة التي أوقعت قتلى ومصابين كثر في صفوف جيش الاحتلال.

وبعد فترة لم تشهد أي هجوم مسلح قوي من المقاومة يستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلية المتوغلة في مناطق عدة في قطاع غزة، امتدت منذ استئناف إسرائيل للحرب يوم 18 مارس الماضي، حتى الأسبوع الماضي، عاد الجناح العسكري لتبني تنفيذ هجمات عسكرية استهدفت قوات إسرائيلية في شمال وجنوب القطاع، وداخل مناطق التوغل البري، ما يعني أن القسام نظم صفوفه في كافة مناطق القطاع، حيث أسفرت الهجمات الأخيرة عن إيقاع قتلى ومصابين في صفوف الاحتلال.

غير أن البلاغات العسكرية التي وزعها الجناح العسكري لحماس، تتبنى فيها تلك الهجمات وغيرها من هجمات طالت القوات المتوغلة، كشفت بأن شكل الاتصال ما بين الخلايا المسلحة التي تعمل في الميدان وقادة العمل العسكري، لا تتم بطريقة سريعة، وأن الاتصال بينهما يحتاج إلى أيام، وقد ظهر ذلك في البلاغات التي كانت تتبنى هجمات مسلحة وقعت قبل يومين أو ثلاثة، وهي الفترة التي تمكن فيها النشطاء إيصال المعلومات إلى قيادتهم، بعد العودة من “خطوط القتال”، ما يعني أن مناطق القتال تكون خالية من أي نوع من التواصل، وأن الإبلاغ لربما يتم بالشكل الوجاهي أو البدائي جدا، وهو ما يدفع باتجاه وضع القائد الجديد للجناح المسلح عز الدين الحداد خطة جديدة للعمل الميداني.

وسيكون على الحداد سواء جرى التوصل إلى تهدئة قريبة أو في حال استمرت الحرب والتصعيد، أن يعيد هيكلة الجناح العسكري للحركة في هذه الظروف التي لم تشهدها حماس من قبل، وكذلك المشاركة في اتخاذ القرارات على المستوى السياسي، إذ يعتبر قائد الجناح العسكري عضوا في القيادة السياسية العليا لحماس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى