اخبار

صحيفة امريكية: في كل مرة تقتل إسرائيل صحافيا فلسطينيا يكتفي بايدن وإدارته بالكلام

قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” إيشان ثارور، إن وائل الدحدوح هو أحد الوجوه الأكثر شهرة في غزة، وقد أصبح رمزا عن كارثة المنطقة المحاصرة.

ففي أثناء تغطيته خلال المراحل الأولى من الحرب، علم المراسل المخضرم لقناة “الجزيرة” أن الغارات الجوية التي كان يقوم بتغطيتها من الميدان طوال اليوم، قتلت زوجته واثنين من أطفاله وحفيده الرضيع.

لكنه في اليوم التالي عاد للعمل منهكا، لكنه ثابت.

ويضيف الكاتب أن الدحدوح بصفته مدير مكتب غزة لشبكة الأخبار المؤثرة التي تتخذ من قطر مقرا لها، واصل تغطية الحرب، حيث اتسعت دائرة الحملة الإسرائيلية لتصل إلى جنوب غزة.

وفي كانون الأول/ ديسمبر، أصيب الدحدوح وقتل مصوره في غارة إسرائيلية أثناء قيامهما بتغطية الأحداث من مدينة خان يونس، جنوب غزة، وعاد لتقديم التقارير في اليوم التالي.

وفي نهاية الأسبوع الجاري، وقعت المأساة مرة أخرى عندما استهدفت غارة إسرائيلية أخرى بطائرة بدون طيار، سيارة تقل مجموعة من الصحافيين في مهمة بالقرب من رفح على طول حدود غزة مع مصر. وأدى الهجوم إلى مقتل صحافيين فلسطينيين هما ابنه حمزة الدحدوح، ومصطفى ثريا.

وقال وائل الحزين في مقطع فيديو ظهر لاحقا، إن حمزة كان “أنفاسي وروحي”، وهو شعور كان حمزة قد بادله والده في أحد آخر منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي.

فقد كانت معاناة أسرتهم المتفاقمة بمثابة صورة قوية لما تعانيه آلاف الأسر الفلسطينية في غزة وسط القصف اليومي والبحث المستمر عن الغذاء والضروريات الأساسية للبقاء على قيد الحياة.

وأشار الكاتب إلى ما نقله مراسلو “واشنطن بوست” في تغطياتهم: “في مقطع فيديو منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، ظهر وائل في حفل زفاف حمزة عام 2022، مبتسما وذراعاه مفتوحان بينما قام الضيوف بقذف والد العريس عاليا ثم أمسكوا به مرة أخرى. يوم الأحد، بدا خاليا، واقفا فوق جثة حمزة في المشرحة، ممسكا بيده ويتمتم بهدوء. وبعد ذلك، لف ذراعيه حول وفاء، أرملة ابنه بينما كانت تضع وجهها على صدر حمزة”.

ويقول الكاتب، إن ما لا يقل عن 79 صحافيا وعاملا في مجال الإعلام قُتلوامنذ بداية الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بحسب أرقام لجنة حماية الصحافيين في نيويورك.

وقدرت السلطات الفلسطينية هذا العدد بأكثر من 100. وفي كلتا الحالتين، يعد هذا أكبر عدد من الصحافيين  يموتون في منطقة نزاع منذ سنوات، وهو ما يتجاوز عدد القتلى من الصحافة العاملة في أوكرانيا على مدى العامين الماضيين في غضون أشهر فقط. ووفقا لأحد التقديرات، فقد قتل بالفعل واحد من كل 10 صحافيين في قطاع غزة.

وزعمت السلطات الإسرائيلية أن الغارة التي قتلت نجل الدحدوح كانت تستهدف “إرهابيا” داخل السيارة، حيث كان يشغل “درون” تصوير مما يعرض القوات الإسرائيلية “للخطر”، بحسب زعمها. ويستخدم الصحافيون في غزة، منذ أسابيع، لقطات من الدرونات لتوثيق حجم الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي.

وردا على تقرير سابق عن الصحافيين القتلى نشرته الصحيفة في تشرين الثاني/ نوفمبر، أرسل الجيش الإسرائيلي إلى “واشنطن بوست” بيانا ألقى فيه باللوم على حركة حماس في تعريض المدنيين، بما في ذلك الصحافيين.

وجاء في البيان أن “الجيش الإسرائيلي لا يستهدف الصحافيين عمدا، ويتخذ إجراءات للتخفيف من الأذى غير المقصود للصحافيين وجميع المدنيين”، مضيفا أن الجيش يستهدف جميع أنشطة حماس العسكرية في كل أنحاء غزة، وهو ما يقتضي ضربات قوية لجميع المناطق، حسبما جاء في البيان.

ويعلق الكاتب أن هذه التوضيحات غير كافية للمؤسسات الإعلامية والجماعات الحقوقية. واتهمت شبكة “الجزيرة” إسرائيل بـ”انتهاك مبادئ حرية الصحافة” واستهداف الصحافيين عمدا. وقال شريف منصور من لجنة حماية الصحافيين في بيان له: “يجب التحقيق بشكل مستقل في مقتل الصحافيين حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا، ويجب محاسبة من يقفون وراء مقتلهما. يجب أن يتوقف القتل المستمر للصحافيين وأفراد أسرهم بنيران الجيش الإسرائيلي، فالصحافيون مدنيون، وليسوا أهدافا”.

لكن كيف؟

فقبل الحرب، كان منتقدو إسرائيل يشتكون منذ فترة طويلة من الحصانة النسبية التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية. وحتى يومنا هذا، لم يتعرض أي جندي أو مسؤول إسرائيلي لأي عواقب بعد مقتل صحافية “الجزيرة” شيرين أبو عاقلة في جنين بالضفة الغربية. كانت أبو عاقلة أيضا مواطنة أمريكية، لكن إدارة بايدن، رغم أنها مدافع قوي عن حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، لم تتكلم إلا عن الحاجة للمساءلة فقط.

وفعلت الشيء نفسه خلال عطلة نهاية الأسبوع. حيث قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن للصحافيين أثناء توقفه في قطر، في إشارة إلى محنة الدحدوح: “أنا شخصيا والد، لا أستطيع أن أتخيل الرعب الذي تعرض له، ليس مرة واحدة، ولكن الآن مرتين. إنها مأساة لا يمكن تصورها، وهذا هو الحال أيضا بالنسبة لعدد كبير جدا من الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء”.

ويعمل الصحافيون المتبقون في غزة في بيئة هي الأكثر تحديا وخطورة في العالم بالنسبة لوسائل الإعلام. وعندما لا يحاولون تتبع التطورات على الخطوط الأمامية غير الواضحة والمدمرة، فإنهم يقومون بتوثيق صراعاتهم اليومية من أجل تدبر أمورهم ببساطة، بدءا من جمع المياه، إلى البحث عن الإنترنت، إلى الحداد على أقاربهم وأصدقائهم المفقودين.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، وصفت يمنى السيد، وهي مراسلة أخرى للجزيرة في غزة، لمراسلي “واشنطن بوست” الصدمة الناجمة عن زيارة المستشفيات المليئة بالقتلى والجرحى، وقالت: “أنت ترى الجثث أمامك باستمرار.. إنك ترى الإصابات باستمرار. إن هذه المشاهد تطاردني في الليل. تطاردني عندما أريد أن آكل. تطاردني عندما أريد الجلوس والراحة. لا يمكنك الحصول على أي راحة”.

يوم الأحد، بعد مقتل حمزة، نشرت صورة له على وسائل التواصل الاجتماعي مع تعليق، “الكثير من الألم، الكثير من وجع القلب… لا يمكننا تحمل المزيد”.

أما الدحدوح، فمثل العديد من زملائه، مستمر في عمله. وفي مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الاثنين، قال إنه سيواصل تقديم التقارير في ذكرى عائلته التي رحلت. وقال: “طالما أننا على قيد الحياة، وطالما أننا قادرون على أداء هذا الواجب، فسوف نقوم بذلك دون تردد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى