صحيفة فرنسية تكشف عدم صحة رواية قطع رؤوس 40 طفلاً إسرائيليًا
تحت عنوان: “قطع رؤوس 40 طفلا.. شائعة في منتصف المعركة الإعلامية بين إسرائيل وحماس”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن الحسابات الإسرائيلية الرسمية مازالت تنقل منذ العاشر من أكتوبر الماضي ادعاءات قذرة ولكن لا أساس لها من الصحة، مما أثار اتهامات لإسرائيل بالتضليل. ولكن في ظل هذا الطوفان من الشهادات عن جرائم القتل والنهب والتشويه، اتخذت شائعة أبعاداً غير عادية: يُزعم أنه تم العثور على أربعين طفلاً مقطوعي الرأس في (كيبوتس) مستوطنة “كفار عزة” بعد هجوم 7 أكتوبر (عملية طوفان الأقصى).
شهدت هذه القصة، ومتغيراتها، انتشارا غير مسبوق، حتى أنه تم ذكرها في البيت الأبيض. غير أن الحقيقة هي أنه لم يتم قطع رؤوس أربعين طفلاً على الإطلاق، كما لم يحدث ذلك في كفار عزة ولا في أي كيبوتس آخر، حسبما أكد المكتب الصحافي للحكومة الإسرائيلية لـ “لوموند”.
وتساءلت الصحيفة الفرنسية عن كيف أتت هذه المعلومات الكاذبة؟، موضحة أن تحقيقها يسلط الضوء على شائعة ولدت عضويا، من مزيج من المشاعر والارتباك والمبالغة المروعة. لكن إسرائيل لم تفعل شيئاً لمحاربتها، وحاولت في كثير من الأحيان استغلالها بدلاً من إنكارها، الأمر الذي أدى إلى تأجيج الاتهامات بالتلاعب بوسائل الإعلام.
وبعد ثلاثة أيام من هجوم حماس، دعا الجيش العشرات من الصحافيين والمراسلين الأجانب، بما في ذلك صحيفة “لوموند”، إلى كيبوتس كفار عزة، حيث قتل رجال حماس أكثر من ستين مدنيا، حيث أراد ريتشارد هيشت، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي والمنظم المشارك لهذه الزيارة، أن “يُظهر للصحافة الدولية أن ما حدث غير مسبوق”. ونظراً لخطر الأفخاخ المتفجرة، لا يستطيع الصحافيون دخول سوى عدد قليل من المنازل، ولكن الجثث الإسرائيلية التي رأوها كانت جميعها موجودة في أكياس بحجم أكياس البالغين، حسبما لاحظت “لوموند”.
وأشارت “لوموند” إلى أن رجال إنقاذ تابعين لجمعية “زاكا” غير الحكومية اليهودية المتطرفة المسؤولة عن انتشال الجثث كانوا في مكان الحادث، وقد اكتشفوا جثثا لم يعد من الممكن التعرف عليها، بسبب المقذوفات و الانفجارات والحرائق. وبسبب الافتقار إلى التدريب الطبي، يسيء البعض فهم هوية الضحايا أو أعمارهم. وذُكِرت معلومات عارية من الصحة (…) وصرح مؤسس “زاكا” يوسي لانداو إنه “رأى بأم عينيه أطفالا ورضعا مقطوعي الرؤوس”، فيما كشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في وقت لاحق أن الجمعية، التي كانت في وضع مالي غير مستقر، حاولت الاستفادة من المأساة لجذب التبرعات.
وأكد صحافي إسرائيلي لـ“لوموند” أن رقم أربعين طفلا الذين قتلوا في مستوطنة كفار عزة أتى من الطبيب الاحتياطي مايكل ليفي، والذي أنكر الترويج لذلك الرقم بشكل قاطع. غير أن هذا الأخير أكد لـ “لوموند” أنه رأى طفلاً صغيراً مقطوع الرأس في كفار عزة، وهو ادعاء غائب عن شهادته أمام الكاميرا، ويتناقض مع التقارير الرسمية التي تفيد بأن أصغرَ ضحايا الكيبوتس يبلغ من العمر 14 عاما، تُذكِّر “لوموند”.
وتوضح الصحيفة الفرنسية أن الجنود الموجودين في الموقع غالبا ما يكونون جنود احتياط، وجودة المعلومات التي يقدمونها موضع تساؤل، وفق الصحيفة الفرنسية، ومعتبرة أن الجيش الإسرائيلي نفسه يناقض أحياناً بالقول إنه ليست لديه معلومات تؤكد هذه الادعاءات، ثم يقوم المتحدثون باسمه الناطقون بالفرنسية والإنكليزية بنقلها …، ولم تصحح قناة “آي 24 نيوز” قصة قطع الرؤوس التي أطلقتها إلا يوم الثلاثين من نوفمبر الماضي قائلة : “بينما أصبحت الأرقام الرسمية أكثر وضوحا، نقوم بتصحيح تقريرنا الأولي”. لكنها حذفت عبارة “40 طفلا”.
وتبنت الصحافة الغربية عموما الرواية، تتابع “لوموند”، معتبرة أن استغلال إسرائيل للشائعات أصبح سلاحا يستخدمه خصومها، حيث سعى بعض مستخدمي الإنترنت إلى تسليط الضوء على مزاعم “40 طفلا” (…) واعتبرت “لوموند” أنه رغم نفي الإشاعة في الخارج، فإنها ما تزال حية داخل إسرائيل وما يزال الشارع الإسرائيلي يتحدث عنها وكأنها حقيقية، والتشكيك فيها يعني بالنسبة للعديد من الإسرائيليين التشكيك في هجوم السابع من أكتوبر.