طوفان المقاطعة .. موجةٌ غيرُ مسبوقةٍ للفنادق الأوروبيّة ترفض استقبال الإسرائيليين..

أحد أحلك فصول القرن الحادي والعشرين: لمحة عن موجة التسونامي السياسية المتصاعدة ضد إسرائيل، هذه هو العنوان الرئيسيّ الذي اختارته صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة اليوم الجمعة لوصف حالة إسرائيل المنبوذة، وقالت: “منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، تواجه إسرائيل انتقادات دولية غير مسبوقة، لكن يبدو أنّ لهجتها تزداد حدةً من جديد، فقد اتهمها الاتحاد الأوروبي بـ”الإبادة الجماعية” لأول مرة، وانضمت بلجيكا إلى “الانجراف الفرنسي” للاعتراف بدولة فلسطينية، وهاجمت إسبانيا شركاءها لرد فعلهم على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، كما تطالب إيطاليا بتقديم إجابات، وهذا الأسبوع، حتى ترامب زعم أنّ الحرب تضر بإسرائيل، وحذرت الإمارات من خطر يهدد (اتفاقيات إبراهيم)، طبقًا للمصادر التي اعتمدت عليها الصحيفة.
وفي غضون ذلك، تتصاعد حركة المقاطعة العالمية لإسرائيل على كافة الأصعدة ردًا على حرب الإبادة الجماعية في غزة، ومن بينها مقاطعة فنادق أوروبيّة شهيرة والمقاطعة الرياضية التي طالت عددًا من اللاعبين الإسرائيليين والاتحادات الرياضية، ما يعكس التحول العالمي تجاه الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول 2023.
ومؤخرًا، تراجع نادي فورتونا دوسلدورف، الناشط في دوري الدرجة الثانية الألمانية لكرة القدم، عن التعاقد مع اللاعب الإسرائيلي شون فايسمان، على خلفية تصريحاتٍ له تدعو إلى إبادة الفلسطينيين.
وتضاف واقعة فايسمان إلى عديد الوقائع والمشاهد التي تبرز مقاطعة الأندية والاتحادات الرياضية العربية والدولية لإسرائيل، وهي المقاطعة التي تلقي بظلالها القاتمة حتى على الواقع الاقتصادي للمؤسسات والاتحادات الرياضية الإسرائيلية.
ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة، تزايدت الدعوات المطالبة باستبعاد وحظر مشاركة الرياضيين الإسرائيليين في الفعاليات الدولية، أسوة بما حدث مع الاتحادات الرياضية الروسية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2020.
فرقٌ أوروبيّةٌ ترفض مواجهة الإسرائيليين بالملاعب
في سياق متصلٍ، ذكرت صحيفة التايمز البريطانية أنّ عدة فرق أوروبية تواصلت مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) لمعرفة ما إذا كان بإمكانها تجنب مواجهة فرق إسرائيلية.
ووفقًا للصحيفة، صرّح مسؤولو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بأنهم لم يتلقوا أيّ طلبات رسمية بهذا الشأن، وأنّ سياسة الاتحاد لن تسمح باتخاذ مثل هذه الخطوة على أي حال.
وأفادت التايمز أن قادة صناعة الرياضة أعربوا عن قلقهم إزاء تزايد الضغوط على الفرق الإسرائيلية والمنتخب الوطني الإسرائيلي للمشاركة في المسابقات الأوروبية، بسبب الحرب في غزة والانتقادات الدولية الواسعة لها.
ورغم عدم مواجهة مشاركة مكابي تل أبيب في الدوري الأوروبي معارضة رسمية، إلّا أنّها قد تنطوي على “تحديات كبيرة” تتعلق بأمن الفريق والمباريات، واحتمال اندلاع مظاهرات ضدها، وينضم تقرير الصحيفة البريطانيّة إلى عدد من الحالات المماثلة في الأسابيع الأخيرة التي تشير إلى توجه كرة القدم الأوروبية تجاه إسرائيل.
وقبل نحو أسبوعين، صرّح رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ألكسندر تشيفرين، في مقابلة أجريت معه في موطنه سلوفينيا، بأنّه “من المشروع التساؤل عن سبب عدم استبعاد إسرائيل من المسابقات الأوروبية”، وأنّه “من الصعب التكهن بما سيحدث في المستقبل”.
ولفتت الصحيفة أيضًا إلى أنّه قبل نحو عشرة أيام، دعت رابطة مدربي كرة القدم الإيطالية إلى تعليق عضوية إسرائيل في الاتحادين الأوروبيّ والدوليّ لكرة القدم (حيث سيلتقي منتخبا البلدين في تصفيات كأس العالم في أيلول الجاري وأكتوبر القادم)، وبعد يوم واحد، أعلن الاتحاد النرويجي لكرة القدم أنّه سيتبرع بعائدات المباراة ضد إسرائيل الشهر المقبل (ضمن تصفيات كأس العالم أيضًا) لغزة.
شركة (بوما) الألمانيّة تُلغي رعايتها لمنتخب الكيان بكرة القدم
إلى ذلك، أعلنت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) في تشرين الثاني 2024 أنّ شركة (بوما) الألمانية أنهت عقد رعايتها مع اتحاد كرة القدم الإسرائيلي (IFA) بحلول 31 كانون الأول 2024، وذلك بعد حملة مقاطعة استمرت 5 سنوات.
وتعرضت (بوما) لحملة مقاطعة عالمية فعّالة منذ عام 2018، بدأت بنداء وجهه أكثر من 200 نادٍ رياضيٍّ فلسطينيٍّ يطالب الشركة الألمانية بإنهاء تواطؤها مع الاتحاد الإسرائيليّ لكرة القدم، الذي يضم أندية في مستعمراتٍ إسرائيليّةٍ مبنية على أراضٍ فلسطينيّةٍ مسلوبةٍ ويساهم في دعمها واحتضانها.
ولم تتمكن (بوما) من احتواء ضغط حملة المقاطعة العالمية ضدها، حيث أخبر محامي الشركة أحد ناشطي حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) عن طريق الخطأ أن جهود المقاطعة جعلت حياة الشركة “بائسة”.
كما كشفت مذكرة داخلية عن كذب شركة (بوما)، أثناء محاولتها طمأنة شركاء الأعمال وسفراء العلامة التجارية القلقين بشأن تواطؤها في نظام الاستعمار الاستيطاني والاحتلال العسكري الإسرائيليّ.
طرد السُيّاح الإسرائيليين من الفنادق
إلى ذلك، كشفت القناة الـ 13 بالتلفزيون العبريّ النقاب عن اتسّاعٍ غيرُ مسبوقٍ في رفض الفنادق الأوروبيّة باستقبال سائحين يهود من إسرائيل بسبب الجرائم الفظيعة التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزّة والضفّة الغربيّة المُحتلّة.
وعرض التقرير عددًا من القصص عن تعامل الفنادق الأوروبيّة مع السُيّاح الإسرائيليين، ومنها أنّ فندقًا في زيوريخ بسويسرا قام بإلغاء حجزٍ لعائلةٍ من الكيان، ووجّه لها رسالةً جاء فيها: “شعبك سرق أراضي الشعب الفلسطينيّ ويتقدّم بخطىً حثيثةٍ مثل هتلر، أنت ليس مرغوبًا بكَ لا هنا ولا في أيّ مكانٍ بالعالم، أبقى في بيتك”.
أمّا في مدينة سالونيكي اليونانيّة، وفق التلفزيون العبريّ فقد قامت عائلةً إسرائيليّةً بحجز مُسبقٍ لقضاء عطلةٍ هناك، ولكنّ الرياح لا تجري كما تشتهي السفن، ولذا وجّه الفندق رسالةً جوابيّةً للإسرائيليّ جاء فيها: “يتحتّم علينا إلغاء الحجز، لأنّنا قررنا هذا العام عدم استقبال السيّاح الإسرائيليين، وعندما سألت العائلة عن السبب تلقّت رسالة أخرى جاء فيها: “لا نقبل استقبال الإسرائيليين لأسبابٍ شخصيّةٍ تتعلّق بالمُوظفين والعمّال بالفندق على حدٍّ سواء”.
وأورد التلفزيون العبريّ مثالاً ثالثًا من صربيا، حيث رفض أحد الفنادق استقبال السائحين الإسرائيليين، وجاء في رسالته: “اليهود ليسوا مدعوين للإقامة في فندقنا، ولذا نطلب منك إلغاء الطلب عن طريق شركة (بوكينغ)”.
أمّا في جورجيا فكانت المفاجأة بانتظار السيّاح من الكيان، حيث أبلغهم الفندق الذي قاموا بحجر غرفٍ لهم مُسبقًا: “نحن لا نستقبل ولا نحجر للإسرائيليين، علينا أولاً فحص جوازات السفر”.
وبطبيعة الحال اتهّم التلفزيون العبريّ الدول الأوروبيّة بمُعاداة الساميّة، وأضاف أنّ شركة (بوكينغ) ستقوم بشطب أسماء الفنادق من قوائمها، ولكن بالمُقابِل فإنّ السُيّاح الذي خسروا الأموال لن يتلّقوا تعويضاتٍ من أيّ هيئةٍ في إسرائيل أوْ خارجها، وفق التلفزيون العبريّ.
وتسود التوقعات في الكيان أنْ تتنامى هذه الظاهرة وتتأجج، علمًا أنّ الخارجيّة الإسرائيليّة أصدرت تعليماتٍ للسُيّاح بعدم إظهار أيّ نوعٍ من المظاهر التي قد يُفهَم منها قدومهم من دولة الاحتلال.