اخبار

فلسطينيو غزة في مصر يرفضون التهجير ويسألون عن موعد عودتهم إلى الوطن

يطرح آلاف الفلسطينيين الذين غادروا قطاع غزة إلى مصر وسط الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واستمرّت أكثر من 15 شهراً، تساؤلات حول موعد عودتهم إلى مناطقهم ومنازلهم، بعد مرور أكثر من أسبوعَين على تاريخ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في القطاع. كذلك، يتّفقون على رفض مقترح “النزوح الجماعي” أو بالأحرى التهجير الجماعي الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإفراغ قطاع غزة من أهله.

تقول شروق التي تعمل في بيع الأطعمة الفلسطينية في القاهرة، تحت اسم “البنت الغزوية”، إنّ “كثيرين هم الناس المشتتون. وأنا واحدة منهم الصراحة”. وتشرح أنّ الناس لا يعلمون ما إذا كانوا سيعودون إلى بلادهم ويستقرّون بين الركام أو في أماكن تحتاج إلى إعمار، أو ينتظرون في مصر إلى حين انتهاء الإعمار. وسواء تمكّنت شروق من العودة إلى منزلها في قطاع غزة قريباً أم لا، فإنّها ترفض نقل فلسطينيين مثلها للعيش خارج أراضيهم. وتؤكد: “نحن شعب قطاع غزة لا نستطيع العيش إلا فيه”.

وكان ترامب، الذي تسلّم ولايته الرئاسية الثانية في العشرين من يناير/ كانون الثاني المنصرم، قد اقترح تهجير أهل قطاع غزة بمعظمهم ونقلهم جماعياً إلى مصر والأردن. لكنّ هذا المقترح لاقى تنديداً واسعاً في العالم العربي، إذ إنّه شكل من أشكال التطهير العرقي. وقد أوضح ترامب: “نتحدّث عن مليون ونصف مليون شخص، ونقوم بتطهير المنطقة (التي عصفت بها الحرب) برمّتها”. وعند سؤاله عمّا إذا كان ذلك حلاً مؤقتاً أم طويل الأمد، قال “يمكن أن يكون هذا أو ذاك”.

وفي تعليق على مقترح ترامب، أفادت السلطات المصرية بأنّها لن تشارك أبداً في عملية نزوح جماعي للفلسطينيين من قطاع غزة، الأمر الذي وصفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأنّه “ظلم”. لكنّ، اليوم، ثمّة 100 ألف فلسطيني تقريباً في مصر يقرّون بأنّهم لا يعلمون كيف ومتى سيتمكّنون من العودة إلى منازلهم.

خيام فوق ركام المنازل، 29 يناير 2025 (خليل الكحلوت/الأناضول)
قضايا وناس
الحياة في غزة… فرحة العودة تصطدم بالواقع الكارثي

وخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، كانت الحدود مغلقة في معظم الأوقات، الأمر الذي جعل الغالبية العظمى من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون فلسطيني بلا مأوى، وقد اضطروا إلى العيش في أماكن إيواء مؤقتة في داخل القطاع. لكن سُمح لعدد من الأشخاص بالمغادرة في بعض الأحيان، من بينهم فلسطينيون مزدوجو الجنسية وأقارب لهم ومرضى مصابون بأمراض مزمنة أو عضال جرى إجلاؤهم لأسباب إنسانية، علماً أنّ عمليات الإجلاء أتت بمعظمها من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر.

ولا يملك الفلسطينيون في مصر بمعظمهم تصريحات تسمح لهم بالبقاء مدة طويلة هناك، وهم يعدّون إقاماتهم مؤقّتة ويعتمدون على أعمال تجارية بسيطة أو مدّخرات للبقاء على قيد الحياة. وحتى الآن، لم يحسم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم في يناير المنصرم مصيرهم بعد. ويقول عدد منهم إنّهم سوف يعودون بمجرّد أن تُتاح لهم الفرصة، ومثال على ذلك حسين فرحات الذي يؤكد أنّ “لا شيء يعوّض بلاد الإنسان وأرضه”، علماً أنّه أب لطفلَين.

لكنّ فلسطينيين آخرين، من أهالي قطاع غزة الذين لجأوا إلى مصر خلال حرب الإسرائيلية المدمّرة الأخيرة، يقرّون بأنّ القرار أكثر تعقيداً في ظلّ عدم توفّر مسكن يعودون إليه. وتقول الفلسطينية عبير كمال، التي تعيش في القاهرة منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 وتبيع حقائب تصنعها يدوياً مع شقيقاتها: “على الرغم من توقّف الحرب، فإنّنا حتى الآن لا نعرف مصيرنا. لم يذكر أحد أمر العالقين في القاهرة”. وتتساءل: “هل سنعود؟ أو ما الذي سيحلّ بنا؟ وعندما نعود، إلى أين نتوجّه؟ بيوتنا راحت”، مؤكدة أنّ “لا شيء تبقّى؛ لا بيتي ولا بيت أهلي ولا شيء آخر”.

وبينما قد تكون لفلسطينيي قطاع غزة في مصر خطط شخصية مختلفة، فإنّهم جميعاً اتّفقوا على رفض كلّ مقترح يطرحه ترامب لإجلاء أعداد كبيرة من مواطنيهم من القطاع. ويقول الفلسطيني فارس محمود الذي يقيم في القاهرة: “هذه أرضنا وليست أرضه (…) نحن نغادرها عندما نشاء ونعود إليها عندما نرغب في ذلك. يعني هذه أرضنا وأرض أجدادنا وآبائنا، ومن المستحيل أن نتخلّى عنها. فليقل ما يريد”.

(رويترز)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى