مؤتمر نيويورك: فرصة تاريخية على حماس أن تلتقطها.. د. جمال خالد الفاضي

شهدت الساحة الدولية بالأمس حراكًا لافتًا من فرنسا والمملكة العربية السعودية تمثل في دعوتهما الصريحة للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومطالبتهما إسرائيل بالانسحاب من غزة، بالتوازي مع دعوتهما حركة حماس لتسليم الرهائن وسلاحها. وقد توج هذا الجهد بالبيان الختامي لمؤتمر نيويورك، الذي يفتح نافذة أمل جديدة أمام القضية الفلسطينية، ويضع جميع الأطراف أمام مسؤوليات تاريخية لا تحتمل المراوغة أو التأجيل.
إننا أمام لحظة سياسية فارقة، ربما لن تتكرر في المستقبل القريب. فالتغير في الموقف الدولي، والجرأة التي أظهرتها بعض القوى الكبرى في طرح فكرة الدولة الفلسطينية كحل وحيد للاستقرار، يضعان جميع الأطراف، بما فيها حماس ، أمام مسؤولية تاريخية، ولعلها تمثل اختبارًا حقيقيًا لحركة حماس، التي أكدت في بياناتها التي لا تعد خلال حرب الإبادة أنها تتحرك دفاعًا عن مصالح الشعب الفلسطيني، وأن كل ما تقوم به في الميدان وبالمفاوضات من أجل قضيته. والآن، باتت اللحظة مواتية لكي تترجم حماس أقوالها إلى أفعال، وتثبت أن مصلحة الشعب الفلسطيني تتقدم على أي اعتبارات حزبية أو أيديولوجية أو أي تحالفات مثيرة للريبة.
إن قبول حماس بخطوات شجاعة إلى الأمام، حتى لو كان ذلك على حساب دورها المباشر في المشهد، يمكن أن يسجل في صفحات التاريخ كقرار استثنائي يهدف لإنقاذ شعبنا، ووقف آلة الإبادة، وتمهيد الطريق نحو ترسيخ الدولة الفلسطينية على الأرض. أما إذا تمسكت حماس بمواقفها الراهنة، فإنها تخاطر بأن تُسجل في الوعي الجمعي كقوة أعاقت فرصة سلام تاريخية، واختارت ذاتها على حساب قضية أكبر وأعمق، حيث وفّر مؤتمر نيويورك لحماس،وربما لأول مرة منذ سنوات، غطاءً سياسيًا دوليًا يمكن البناء عليه لإعادة صياغة المشهد الفلسطيني برمته.
إن العالم اليوم ينظر إلى غزة بعيون مفتوحة، والمواقف الدولية تتبدل بوتيرة غير مسبوقة، لكن هذا الزخم لن يستمر إلى الأبد. لذلك، فإن التمسك بالمكاسب الحزبية الضيقة سيكون بمثابة إهدار لهذه اللحظة التاريخية، وربما آخر فرصة لإنهاء مأساة مستمرة منذ عقود.
اليوم، الخيار أمام حماس واضح وجلي: إما أن تنحاز إلى الدولة الفلسطينية وحماية شعبنا، أو أن تبقى رهينة حزبيتها وأنانيتهاوجماعة الأخوان المسلمين. إنها لحظة اختبار أمام التاريخ.