اخبار

ما خفي أعظم ولكن في الاتجاه المعاكس.. إبراهيم ابراش

سواء كان الأمر جهلاً وسوء تقدير أم خيانة وتواطؤ مع الاحتلال، فإن حركة حماس الإخونجية شريك للاحتلال في مخطط تصفية المشروع الوطني الفلسطيني الذي عجز العدو عن قهره طوال عقود ما قبل ظهور الحركة، وآخر دور قامت به حماس لتحقيق هذا الهدف الصهيوني هو عملية ٧ أكتوبر أو ما تسميه (طوفان الأقصى) والأقصى منه براء، وما نتج عنها من تدمير وقتل والتهيئة لتهجير سكان القطاع.

حركة حماس اليوم (تقاتل) بجيش مرتزقتها من الاعلاميين والمحللين السياسيين وبقايا قياداتها في الخارج، وسلاحهم الأكاذيب التي يبثونها عبر التصريحات والبيانات والفيديوهات في وسائط التواصل الاجتماعي وقناة الجزيرة. أما ميدانياً فلا يسقط أحد من هذا الجيش لا قتيلاً ولا جريحاً ولا مشرداً بل يعيشون بنعيم ورفاهية ويراكمون الثروات أما الضحايا فهم المدنيين من أهالي قطاع غزة من أطفال ونساء وشيوخ وشباب الذين ليسوا طرفاً في الحرب ولا يريدونها.

قيادات حركة حماس ما زالوا يواصلون التغرير بالشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية من التلاعب بالشعارات والكلمات وخصوصاً في مجال الدين كالقول بأن الحركة تدافع عن شرف الأمتين العربية والإسلامية أو أنها تدافع عن القدس، وأن أهالي غزة مشاريع شهادة وأن الحركة مستعدة لمواصلة القتال حتى آخر طفل فلسطيني وأن سلاح المقاومة خط أحمر، وإذا كان سلاح المقاومة خط أحمر فما هو الأمر بالنسبة لدم الشعب الفلسطيني؟ وأيهما أكثر أهمية وله الأولوية: الخط الأحمر لسلاح المقاومة أو الخط الأحمر لدماء الشعب ومعاناة حوالي ٢ مليون ونصف من الشعب؟ قيادات حماس في الخارج ومن خلال تصريحاتهم المستفزة والمتضاربة والبعيدة عن الواقع تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية عما يجري في قطاع غزة من موت ودمار وفوضى وفلتان ومؤشرات حرب أهلية.

لم يكن الأمر مقتصراً على حركة حماس بل كان لها شركاء. 

فكيف يُصدِق عاقل أن قطر وتركيا وقيادة جماعة الإخوان المسلمين، وبعد ان تم تدمير ٨٠% من قطاع غزة وأحوالي ربع مليون ما بين شهيد وجريح ومفقود واسي ومعاق، غير قادرين على إقناع حركة حماس أو إجبارها على تسليم المخطوفين الإسرائيليين والخروج من المشهد السياسي انقاذاً لما تبقى من بشر وحجر في قطاع غزة ومنع مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية؟ مع العلم ان هذه الأطراف الثلاثة حليفة لواشنطن التي تحارب بجانب إسرائيل وترعى المفاوضات المزعومة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المخطوفين! حيث في قطر أكبر قاعدة أمريكية ومنها تدير واشنطن الحرب على الفلسطينيين، وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي(النيتو) وجماعة الإخوان المسلمين صنيعة بريطانيا والغرب واداتهم في المنطقة. 

هذه الأطراف الثلاثة دعمت وباركت انقلاب حماس على السلطة الفلسطينية ومدوها بمقومات البقاء طوال ١٧ سنة وما زالت تحتضن قيادات الحركة ومرتزقتها وسارقوا المساعدات المتاجرين بالدم الفلسطيني؟

استمرار هذه الأطراف على موقفها يثير شبهة التواطؤ مع العدو ومشاركته عمليا في مخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، دون أن نبرئ الدول العربية من المسؤولية بسبب صمتها وعجزها وترك الشعب الفلسطيني يواجه وحيدا هذه الأطراف وإسرائيل والصهيونية العالمية وأمريكا. 

كلما ارتفعت وتيرة الإدانات الرسمية العربية وتزايدت المظاهرات المنددة بمخطط التهجير بتحريض أحياناً من الأنظمة وخصوصاً المطبِعة مع اسرائيل كلما زاد تخوفي بأن مصيبة ونكبة جديدة قريبة قادمة للفلسطينيين وخصوصاً أهالي غزة.

لو كانت النوايا صادقة عند الأنظمة وجمهورها لمنع مخطط التهجير لكانت اتخذت خطوة واحدة في بداية الحرب أو خلال ١٨ شهراً من حرب الإبادة كفيلة بمنعه ألا وهي سحب اعترافها بإسرائيل ووقف التطبيع أو على الأقل التهديد به، وما دام هذا الأمر لم يحدث فإن كل ما تقوم به الأنظمة فقط لرفع العتب والزعم أنها قامت بما تستطيع، وسينفذ نتنياهو وترامب مخطط التهجير الى سيناء على الأرجح.

لا فرق كبير بين الدول المطبعة والدول غير المطبعة لأن عدم التطبيع ليس دائماً موقفاً وطنياً. مثلاً دور دولة قطر (غير المُطبِعة مع إسرائيل) أخطر على الفلسطينيين والأمة العربية من دور الدول العربية المطبعة مثل مصر والأردن.

وتتجلى هذه الخطورة من خلال:

١- دورها في صناعة الانقسام الفلسطيني وديمومته بتنسيق مع اسرائيل.

٢- دورها الإعلامي المشبوه وخصوصاً دور مرتزقتها المحللين السياسيين والأمنيين ومراسليها من فلسطينيين وعرب على شاشة الجزيرة، بدون أن يكون لهم موقف وطني وقومي موحد بل أحياناً، وبتشجيع من القناة ومقدم البرنامج، يشتبكون بجدل يسيء للكل الفلسطيني حيث يخونون ويكفرون بعضهم بعضاً.

٣- في المقابل تستضيف محللين وسياسيين أمنيين إسرائيليين وتبث كل ما يصدر عن قادة إسرائيليين سياسيين وعسكرين مباشرة للجمهور باللغة العربية، وكلهم يتحدثون بنفس التوجه والموقف السياسي المعادي للفلسطينيين والمبرِر لقتلهم.

 ٤-احتضان قطر لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة، وقد أثبتت الحرب الأخيرة التي ما زالت جارية أن لا فرق بين واشنطن وتل أبيب وكلتا الدولتين شريك في الحرب، وكثير من العتاد العسكري الأمريكي الذي يدمر ويقتل أطفال غزة كان يصل لإسرائيل عبر قاعدة العيديد في قطر. 

٥- دورها الخبيث في إدارة مفاوضات الهدنة ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيث كانت معنية بإطالة أمد المفاوضات بما يخدم العدو وحركة حماس أيضاً دون اهتمام بما كان يجري في القطاع من فضائع وما تتعرض له القضية من خطر التصفية.

٦- انحيازها الواضح لحركة حماس وتحريضها على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية.

عدم إقامة قطر لعلاقات رسمية مع الكيان الصهيوني ليس موقفا أخلاقياً ووطنياً بل طُلب منها ذلك لتقوم بأدوار أكثر خطورة لخدمة هذا الكيان والسياسة الأمريكية في المنطقة.

بعد كل ما جرى لماذا نعتبر استسلام حماس من الكبائر ويجب عدم التفكير. به؟ وهل صدقنا أضاليل حماس والإخوان وقناة الجزيرة بأن حماس هي المقاومة وهي الإسلام وهي حركة ربانية؟  

إذا كان استسلام ما تبقى من مسلحي حماس في القطاع أو إخراجهم خارجه سيوقف حرب الإبادة ويمنع التهجير ويًعيد إعمار غزة فليكن ولا داع لتضخيم الأمر، فالمقاومة الوطنية كانت قبل حماس وستستمر بعدها بها أو بدونها.

لماذا ما زلنا مترددين في توجيه تهمة الغباء الاستراتيجي الذي يرتقي لدرجة الخيانة، إن لم تكن الخيانة عينها، على الذين يطلقون المقذوفات المشبوهة مؤخراً من شمال غزة على إسرائيل وهي المنطقة التي تخطط إسرائيل لضمها او تحويلها لمنطقة أمنية بدون بشر، مما يعطيها مزيداً من الذرائع لاستكمال مخطط التدمير والتهجير، حتى إن كان مطلقوها من حركة الجهاد الإسلامي؟

وأخيراً، عديدة أوراق القوة عند الشعب الفلسطيني وهي ليست الصواريخ والأنفاق ولا الأسرى الإسرائيليين، بل عدالة قضيته الوطنية وصموده على أرضه. إذا صمد الفلسطينيون وأفشلوا مخطط التهجير فهذا يعتبر أهم إنجاز في ظل الظروف الراهنة محلياً وعربياً ودولياً، كما لن تقوم الدولة اليهودية الخالصة التي يطمح لها نتنياهو واليمين الصهيوني المتطرف.

  كل حرب الإبادة والتطهير العرقي والسعي الغربي المهووس لدعم إسرائيل الهدف منه تهجير الفلسطينيين والحيلولة دون فشل وانهيار المشروع اليهودي الصهيوني بعد أن أصبح عدد الفلسطينيين في أرض فلسطين التاريخية (من البحر إلى النهر) يفوق عدد اليهود مما جعل استحالة قيام الدولة اليهودية الخالصة.

Ibrahemibrach1@gmail>com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى