معاريف: نبوءات الغضب عن نهاية السلطة الفلسطينية لم تأت مفاجئة
معاريف -بقلم د. موشيه إلعاد- حسين الشيخ، مدعي تاج رئيس السلطة الفلسطينية بعد أبو مازن، أعلن مؤخراً بأن “السلطة الفلسطينية قريبة من الإفلاس”، وأنها ستتوقف عن أداء مهامها، مما سيؤدي على حد قوله إلى إعادة إدارة الضفة الغربية لدولة إسرائيل.
وحسب نهج الشيخ، فإن المسؤولة المباشرة عن الوضع ليست سوى إسرائيل. فالاقتحامات المتكررة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في “المناطق” (الضفة الغربية) والتي تخرق اتفاقات أوسلو، تؤدي بالسلطة إلى الإعلان بأنه “لم يعد بوسعها”.
إن نبوءات الغضب عن نهاية السلطة الفلسطينية لم تأت مفاجئة؛ فكل بضعة أسابيع تطلق شخصيات رفيعة المستوى في السلطة الفلسطينية تصريحات على نمط “سنوقف التنسيق الأمني” أو “سنرفع شكوى إلى المحكمة الدولية”، بينما يعرف الجميع بأن ليس خلف هذه الإعلانات أي شيء حقيقي، بل مجرد تصريحات تأتي تحت ضغط الجمهور الفلسطيني ليس إلا. وإذا كان كذلك، فما الذي يدفع مسؤولي السلطة ليبثوا كل مرة من جديد فزعاً ويطلقوا تهديدات على نمط “أمسكوا بنا”؟
منذ قيامها في العام 1996، استثمرت مبالغ طائلة في السلطة الفلسطينية. فقد امتنعت الدول المانحة للسلطة بثبات على مدى عشرات السنين عن فحص مقاصد الأموال، وذلك منعاً لمواجهات سياسية. تتناسب هذه السياسة مع فكر الدول الأوروبية وموقفها من الفلسطينيين منذ 1948 وبموجبه أُصلح الظلم اليهودي بخلق ظلم للفلسطينيين، وعليه يجب مساعدة الأخيرين. لا يدخلون في جدال مع الفلسطينيين، لا يراقبونهم ولا ينتقدونهم، بل يضخون إليهم الأموال وكأنهم يضخون مالاً في برميل بلا قعر.
إن إدارة فاشلة للسلطة الفلسطينية طوال السنين تجد تعبيرها بديون متضخمة لا نهاية لها، ومشكوك فيه أن تسدد ومثال ذلك ما هو لشركة الكهرباء الإسرائيلية. وتحرص قيادة السلطة على أنها في كل منحة تتلقاها تدفع قبل أي شيء آخر الرواتب للموظفين ورجال الأمن، قسم كبير من المنحة يضخ إلى جيوب كبار المسؤولين، فلا يتبقى لتقليص الديون ولتنمية البنى التحتية لرفاه سكان الضفة شيء.
لقد توقفت أجهزة أمن السلطة عن تشكيل قوة إنفاذ ناجعة وجدية في مدن الضفة، بل لا تركز إلا على حماية قيادة أبو مازن في رام الله. لكن وخوفاً من غضب جماهيري قد يسبق الانقلاب في المجتمع الفلسطيني، نرى مسؤولي السلطة يصرحون بين الحين والآخر بأن أفعال إسرائيل ستؤدي إلى حلها.
السلطة لن تحل بسبب اقتحام مقاتلي “يمام” و”دفدوفان” إلى مناطق “أ”، بل حين يتوقف ضخ الأموال. لا يبقي رأس هذا الجسم مرفوعاً إلا المنحة من الأوروبيين الذين لا يزالون يؤمنون بإمكانية إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية وحرة ذات استقلال اقتصادي. هذا كفيل بأن يحصل حين يبدأ الأوروبيون مسيرة إشفاء أبو مازن ورجاله من إدمان المنح.