من نزوح إلى آخر.. – سما الإخبارية

لم تكن أحلام الطفلة إسراء عرعراوي (9 سنوات)، التي نزحت مع عائلتها من مخيم جنين إلى منزل جدها، في مخيم العين غربي نابلس، إلا أن تعيش حياة هادئة بعيدا عن القصف والدمار، لتبدأ رحلة النزوح مرة أخرى، بسبب إجبارها على إخلاء منزلها، خلال عدوان الاحتلال على مخيم العين.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مخيم العين غرب نابلس فجر يوم أمس الأربعاء، وسط إطلاق نار كثيف، أدى إلى استشهاد الشاب عدي قاطوني واحتجاز جثمانه، واعتقال عدد من المواطنين، وإجبار أكثر من 80 عائلة على النزوح من منازلها.
عائلة عرعراوي التي نزحت من مخيم جنين منتصف شهر كانون الثاني 2025، بعد قصف طائرات الاحتلال منزلها الذي لم يعد صالحا للسكن، واستشهاد رب الأسرة أحمد عرعراوي، فاضطرت العائلة إلى اللجوء إلى مخيم العين في نابلس.
وتقول حنان عرعراوي زوجة الشهيد أحمد: “اليوم انقلبت حياتنا من نزوح إلى آخر”.
وتضيف لمراسل وفا: نزحت من مخيم جنين إلى منزل عائلتي في مخيم العين في نابلس، بعد خسارة منزلي في جنين، ولم أكن أتوقع أن نتعرض لنزوح آخر في نابلس، ما هذه الحياة(…)”.
وتتابع: “فقدت زوجي في الخامس عشر من كانون الثاني بداية العام الحالي في قصف من طائرات الاحتلال استهدف منزلنا، الذي لم يعد صالحا للسكن، ومع ذلك استهدفه الاحتلال مرة أخرى خلال العدوان الحالي، حسب ما وصل إلي من معلومات ممن نجحوا في الوصول إلى حارة الدمج في مخيم جنين”.
وتقول عرعراوي: “خرجت من مخيم جنين أنا وبناتي اسماء (11 عاما)، وإسراء (9 سنوات)، وآلاء (7 سنوات)، وابني أنس (6 سنوات)، ووالدة زوجي، إلى منزل عائلتي في مخيم العين، نبحث عن ملجأ آخر وأكثر أمانا، في ظل العدوان المتواصل على مخيم جنين”.
وتتابع: “خرجنا ونزحنا مرة أخرى من مخيم العين بعد ساعات من بدء العدوان، وذلك بسبب انتهاء مخزون المياه ومعاناة والدة زوجي مع المرض، فأُجبرنا على النزوح مرة أخرى، رغم أن الظروف كانت في مخيم جنين أصعب”.
وتضيف: “أولادي دائمو السؤال عن موعد عودتنا إلى مخيم جنين، فهم يعتقدون أنها فترة قصيرة ويعودون، لكن يبدو أن الأمر سيطول”.
وتحاول عرعراوي أن تخفف عن أولادها خلال رحلة النزوح الأخرى، لتنصاع لإلحاح طفلتها إسراء بإخراج قِدر الطعام الذي لم يُطبخ على النار بعد، فتقول: طلبوا مني أن أطبخ لهم على الإفطار ورق العنب، وكنت أعددتها في المساء، ولكن لم نستطع طبخها في المنزل، فأصرت ابنتي إسراء على إخراجها معنا إلى منزل أحد أخوالها”.
لم تكن عائلة عرعراوي وحدها التي لجأت إلى المخيمات في مدينة نابلس، فالكثير من النازحين الذين أُجبروا على الخروج من مخيم جنين ومخيمي طولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم، لجأوا إلى مخيمات بلاطة وعسكر والعين في مدينة نابلس، بعد العدوان المستمر منذ نحو شهرين.
ووفقا لبيان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، ووكالة “الأونروا”، والمنظمات الشريكة الأخرى التي أجرت تقييما لاحتياجات النازحين في جنين وطولكرم، فقد تم تهجير أكثر من 37,400 فلسطيني في المحافظتين، معظمهم من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين.
وكان محافظ نابلس غسان دغلس، قد تفقد الأهالي خلال زيارة مخيم العين عقب انسحاب قوات الاحتلال، بعد عدوان استمر لأكثر من 20 ساعة، مؤكدا لمراسل وفا، أن قوات الاحتلال أجبرت أكثر من 80 عائلة على النزوح قسرا عن منازلها في ظل ظروف صعبة خاصة في شهر رمضان.
وأوضح دغلس أن عددا كبيرا من اللاجئين يعيشون في أربعة مخيمات: بلاطة، وعسكر القديم والجديد، والعين)، إضافة إلى البلدة القديمة بنابلس، وإذا ما تعرضوا لموجة نزوح فسيكون الأمر صعبا للغاية، خاصة أن نابلس محاطة بنحو 10 حواجز وعدد من البوابات الحديدية عند مداخل القرى والبلدات، الأمر الذي يعني معاناة أخرى.