وزير الخارجية الإسرائيلي: القضية الفلسطينية لن تكون عقبة أمام السلام مع السعودية

عبّر وزير خارجية “إسرائيل” إيلي كوهن عن وجهة نظر إيجابية حول إمكانية صناعة السلام في الشرق الاوسط مؤكدًا في حديثه لجريدة “إيلاف” السعودية وجود فرصة للتقارب والتعايش بين المسلمين واليهود.

ودافع كوهين عن نهج رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتانياهو مذكرًا بأن حكوماته جلبت ثلاث اتفاقيات سلام، فيما انتقد عدم حضور رئيس الوزراء السابق يائير لبيد إلى الكنيست لدعم اتفاق السلام مع الامارات في حينه.

وكشف كوهين رغبة إسرائيلية حقيقية لتحقيق اتفاق سلام مع السعودية، منوهاً بإمكانية السعودية وإسرائيل “صناعة التاريخ وتغيير وجه الشرق الأوسط والعالم”. وقال كوهين إن “القضية الفلسطينية، لن تكون عائقًا امام تحقيق السلام والحكومة الحالية ستقوم بخطوات عملية لتحسين الاقتصاد الفلسطيني”.

على الجبهة الشمالية حيث تشتبك إسرائيل مع لبنان، حذّر كوهين من مغبة المغامرة، مهددًا: “باستطاعة إسرائيل إعادة لبنان إلى العصر الحجري”. ولم يتردد كوهين من السخرية من أمين عام حزب الله حسن نصرالله، لافتاً إلى أن “نصرالله يقوم بخدعٍ في الخيام بينما يختبئ في القبو كالفأر”.

كوهين هو أحد الشخصيات المحسوبة على قيادة الليكود، وشغل سابقًا منصب وزير الاقتصاد ووزير الاستخبارات. وهذا اللقاء هو الأول له لموقع باللغة العربية.

وفيما يلي تفاصيل الحوار:

إسرائيل والديمقراطية
*كيف يرونكم في الخارج؟ ايران، حزب الله وسوريا، كل هؤلاء يظنون الآن انه الوقت المناسب لمهاجمة إسرائيل في ظل الخلاف والنقاش الداخلي الصعب حول الإصلاحات؟
الإجابة هنا تتفرّع إلى قسمين: من وجهة نظري، الشعب الإيراني ينظر بإعجاب وتقدير للديمقراطية الإسرائيلية. فهو يرى تطبيق أسس الديمقراطية الحقيقية في تعامل الحكومة مع المتظاهرين. فالأشخاص الذين يفكرون بشكلٍ مغاير يستطيعون التظاهر وإبداء رأيهم بحرية في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

بالنسبة، للقيادات في إيران وتنظيمات حزب الله الإرهابية، فهم يظنون ان ما يحصل يعطي مؤشرًا على نوع من الضعف في الداخل الإسرائيلي، وهم مخطئون. فهذه التظاهرات تُعبّر عن قوة وتماسك الدولة الإسرائيلية. وعليهم أن يعرفوا أن الشعب اليهودي تميّز دائما بنقاشاته الداخلية، ولكن في ساعة الامتحان يتحدّ.

ولقد رأينا هذا الاتحاد مؤخرًا خلال العملية التي نُفِّذَت في غزة ضد الجهاد الإسلامي في شهر مارس (آذار)، وفي جنين بشهر مايو (أيار). قد نختلف على قضايا داخلية فيما بيننا، ولكن في مواجهة التنظيمات الإرهابية سنكون دائما يدًا واحدة، لأن هذه التنظيمات لا تفرّق بين الذين يؤيدون الإصلاحات ومن هم ضدها، لأنهم ضد “دولة إسرائيل”.

*ولكن هذا النقاش انتقل الى الجيش والطيارين والضباط والمجندين والمتطوعين. وهناك رفضٌ للتجنيد والتطوع. وفي هذا هم يرون شيئًا أساسيًا في ضعف الدولة؟
تأثير ذلك على ارض الواقع صفر. لقد كنت حاضرًا كعضو مجلس وزاري في إيجازٍ أمني حول تداعيات هذه الاحتجاجات. ولقد اتُخِذَ القرار بتمرير الجزء الأول من الإصلاحات لأن تأثير المعارضة على الأرض معدوم. والحقيقة أن المعارضة تستخدم الصحافة لتضخيم الأمور وتُظهر الموضوع بشكلٍ مبالغ فيه من أجل العناوين الجاذبة. وهناك من يطمح لاستغلال التظاهرات لتغيير الحكومة، لكن، على أرض الواقع الأمور مختلفة بشكلٍ جذري.

*هل هذا يعني ان الحكومة ماضية قدمًا في التشريعات القضائية ام ستتوقف لشهر أو شهرين في محاولة الوصول الى تفاهمات_كما قال رئيس الوزراء نتانياهو ؟”
نحن الآن في إجازة من الكنيست، ورئيس الوزراء قال إنه سيعطي وقتًا حتى نوفمبر (تشرين الثاني) من اجل التوصل الى تفاهمات.

*وإذا لم يتم التوصل الى تفاهمات؟
عندها سوف نتصرف بشكلٍ مسؤول من أجل تقديم المواضيع المتفق عليها، لمصلحة كل الشعب في إسرائيل.

التدخل الأميركي
*ماذا عن الموقف الأميركي. هل تعتبرونه تدخلاً في الشأن الإسرائيلي، أم قلقًا من أصدقاء وحلفاء حقيقيين؟
الولايات المتحدة هي أكبر حليف لإسرائيل، ولدينا قيم مشتركة. اعتقد ان ما صدر عن الولايات المتحدة تصريحاتٌ تنجم عن اهتمام. ولكن في نهاية المطاف، الحديث عن شأن داخلي إسرائيلي سيتم البت فيه بطريقة ديمقراطية، على يد الشعب الإسرائيلي. وهذه الأمور في طور المباحثات بهدف الوصول الى اتفاق.

السلام مع السعودية
*تعمل الولايات المتحدة من اجل تحقيق سلام بين إسرائيل والسعودية. فكيف تنظرون إلى هذه المسألة؟
اعتقد ان هنالك فرصة تاريخية لعملية سلام ستغيّر وجه الشرق الأوسط والعالم كله. هذا السلام سيقرّب ويغيّر العلاقة بين العالم الإسلامي واليهودي. وأرى ان البلدين قادران على صناعة التاريخ. هنالك مصلحة للولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل لتقديم اتفاق سلام، فبالنسبة الولايات المتحدة، الرئيس الأميركي جو بايدن سيحصل على انجاز قبيل الانتخابات. وهذا سيقوي الاقتصاد المحلي الاميركي، ويؤثر بالتالي على الاقتصاد العالمي.
كما يساهم تحقيق السلام في تعزيز السعودية أمنيا، وستتمكن القيادة السعودية من تحقيق انجازٍ تاريخي يعزز الاقتصاد السعودي ويأتي بتعاون تكنولوجي مفيد.
ولا شك أن إسرائيل ستحقق فوائد عالية في تعزيز الاستقرار الذي سيعطيها امكانيات اقتصادية كبيرة.

الملف الفلسطيني
* السعودية تطالب إسرائيل بالتقدم في الشأن الفلسطيني. فهل أنتم جاهزون في هذه الحكومة التي يسيطر عليها الليكود واليمين؟

هناك أربعة من أصل خمس اتفاقيات سلام قامت بها إسرائيل صنعهم “الليكود”. وحكومات نتنياهو أبرمت ثلاث اتفاقيات سلام، على عكس الحكومة السابقة. وأذكّر هنا بأن يائير لبيد لم يحضر إلى الكنيست لدعم اتفاق السلام مع الامارات في حينه.

القضية الفلسطينية لن تكون عائقًا أمام السلام. أثبتنا ذلك أيضا في اتفاقيات أبراهام. ولدينا جميعًا مصلحة في تحسين الحياة في مناطق السلطة الفلسطينية.

* السعوديون يقولون: إذا تقدمتم في الشأن الفلسطيني، تعالوا لنصنع السلام، واذا لم تتقدموا فلدينا الوقت؟
تحسين مستوى حياة الفلسطينيين اقتصاديًا هي مصلحة مشتركة لنا جميعًا. ولا تنسوا أن نتانياهو حقق اتفاقيات السلام في ظل النقاش حول القضية الفلسطينية. اعتقد ان الامر الأساسي الذي يضعه السعوديون نصب اعينهم، هو الدفاع في وجه التهديد الإيراني. فالأهم أن هناك مصلحة مشتركة أميركية سعودية وإسرائيلية في عدم إعطاء ايران أي موطئ قدم في مناطق السلطة الفلسطينية، وفي يهودا والسامرة (الضفة الغربية). ولهذا انا متأكد أن الملف الفلسطيني لن يكون عائقًا امام السلام.

صناعة التاريخ
* قلت إن بإمكان القيادتين السعودية والإسرائيلية صناعة التاريخ. هل تستند في قولك هذا إلى معلومات أو مباحثات سرّية؟
القيادتان بإمكانهما صناعة السلام بين الامة الإسلامية والشعب اليهودي، وتستطيعان تغيير الشرق الأوسط ليصبح أكثر امانًا للأجيال المقبلة.

*هل تمت لقاءات سرية بين القيادتين السعودية والإسرائيلية؟
لا أستطيع الإجابة.

*لقد شاركت في لقاءات تواجد فيها مسؤولون سعوديون. فهل كانت لك لقاءات معهم؟ ألم تتصافحوا أو تتحدثوا؟
الوسيط مع السعودية هي الولايات المتحدة.

*من المؤكد أنك التقيت بنظيرك السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مناسباتٍ مختلفة. فهل دعوته لزيارة تل ابيب أو القدس؟
استضافة وزير الخارجية السعودي ستكون مثل يوم عيد في إسرائيل. أرى أنه لدينا الكثير من العمل والمصالح المشتركة. فإيران هي عدونا المشترك، والسلام بيننا سيكون لمصلحة سكان إسرائيل والسعودية، ولمصلحة الشعب اليهودي والشعب المسلم، وأنا يسرّني جدًا استضافته في إسرائيل.

جبهة الشمال
*فيما يخص موضوع حزب الله والخيام في الشمال، ماذا ستفعلون؟
نصر الله يقوم بخدع، لأنه ضعيف وهو يختبئ مثل الفأر في القبو. “حزب الله” هو فرع إيران في لبنان، ولقد حوّله من دولة مزدهرة الى دولة مدمرة، من كل النواحي، بينما تستمر إسرائيل في كونها دولة قوية. نصر الله قال في العام 2006 انه لم يعرف قوة إسرائيل، ونحن نقترح عليه الا يختبرها مجددًا. إسرائيل تستطيع إعادة لبنان الى العصر الحجري.

*بخصوص الخيام التي نصبوها على أراضيكم، ماذا ستفعلون؟ هل ستذهبون الى الدبلوماسية أم الى القوة؟
دولة إسرائيل تجيد إغلاق الحسابات في التوقيت المناسب لها. لقد محونا كل قادة الجهاد في غزة، ونشطنا ضد إرهابيين في خارج البلاد. نحن نستطيع الوصول الى كل شخص في كل مكان، لكننا نعالج كل شيء في الوقت المناسب. وفي هذا الموضوع، نترك لأنفسنا كل الإمكانيات متاحة، الدبلوماسية والعسكرية أيضًا.

*هل هذا يشمل استهداف نصر الله شخصيًا او قيادات حزب الله؟
نحن لا نفصّل الطريقة التي سنعمل بها. ولكن، أقول بشكلٍ واضح: دولة إسرائيل تستطيع الوصول الى كل شخص في كل مكان.

الحرم الشريف
*في الفترة الأخيرة نرى ان دخول الوزراء الى ساحات الحرم الشريف تجلب ردود فعل ناقدة حتى من الدول الصديقة لإسرائيل في العالم الإسلامي مثل: الامارات والبحرين والمغرب والأردن. كيف تواجه ذلك أمام زملائك في تلك الدول؟
أقول بشكلٍ واضح. في دولة إسرائيل يتم الحفاظ على الوضع القائم في موضوع القدس وجبل الهيكل، وهنالك حرية عبادة لكل الديانات لليهود والمسلمين والمسيحيين. هذا هو الوضع منذ قيام الدولة واثناء حكم الليكود. وهذا ما سيكون في المستقبل أيضًا، لهذا، نحن نؤمّن الحرية الدينية للجميع.

* لكن، موضوع دخول الوزراء الى الحرم القدسي يجرّ ردود فعل غاضبة حتى من الدول القريبة جدًا، وبالذات منهم: مثل البحرين التي اجلت زيارتك أنت اليها بعد دخول الوزير بن غفير الى الحرم الشريف؟
صعود وزراء الى جبل الهيكل ليس تجاوزًا للوضع القائم. لقد صعد وزراء في الماضي أيضا، ولهذا لا يوجد أي تغيير في سياسة الحكومة.

أفريقيا.. روسيا وإيران
*أنتم تتجهون إلى أفريقيا لإقامة علاقات وفرص مع دول مسلمة وغير مسلمة. لماذا تركزون على أفريقيا بالذات؟
خلال سبعة أشهر زرت تسعة وعشرين دولة، ثلاثة من بينهم فقط كانوا في أفريقيا. هنالك إمكانيات كبيرة جدًا من الناحية السياسية والاقتصادية. ونحن فعليا نقوي العلاقات مع الجميع.

*مع أي الدول تريدون تقوية العلاقات في تلك المنطقة؟
لدينا علاقات مع غالبية الدول. وهنالك بعض الدول الإسلامية، ونحن بالتأكيد مستعدين لأن يكونوا جزءًا من العلاقة مع إسرائيل.

* كيف ترى مستقبل العلاقات مع روسيا الآن في ظل الحرب مع أوكرانيا؟
نحن في علاقات مستمرة مع روسيا. وهي وافقت مؤخرًا على افتتاح فرع من سفارتها في القدس.

**ماذا عن التحالف بين روسيا وإيران.. ألا يزعجكم؟
– إيران مثل السرطان. فكل دولة أقامت علاقات معها تأذت في النهاية. رأينا هذا مع حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن. نرى هذا في سوريا، وأيضا في العراق، وفي كل الدول الأفريقية التي تدخلت بها. فإيران هي المموّل رقم واحد للإرهاب في العالم اليوم. لكنني أرى ان كل الشعب اليهودي وغالبية الشعب المسلم يريدون العيش معًا في امان وسلام، على قاعدة الاحترام المتبادل لحرية العبادة والأديان.

رسالة
* ما هي الأشياء الجديدة التي قمتم بها في وزارة الخارجية وقدمت صورة إسرائيل بصورةٍ مختلفة في العالم، بغض النظر عن الأخبار الذي يتم بثّها حاليًا؟
نحن كنا الأوائل في إرسال بعثة الى تركيا لتحسين العلاقات معهم.
ولقد كنت اول وزير خارجية في الشرق الأوسط يصل الى اوكرانيا لدعم زيلنسكي.
لقد وقعنا اتفاقية تجارية مع الامارات. وأذربيجان، دولة إسلامية شيعية، افتتحت أول سفارة في إسرائيل، وانا افتتحت سفارة في تركمنستان.
لقد زرت السودان، ووضعنا الأسس لاتفاقية سلام. وتشاد الدولة الإسلامية في أفريقيا، افتتحت سفارة في إسرائيل. ولهذا نحن فعليًا نرى عددًا من الإنجازات السياسية التي تحققت لإسرائيل.

* هل لديك رسالة خاصة؟

سيسرني ان أرى المسلمين سكان إسرائيل يسافرون في طائرات منظمة ورحلات مباشرة لإداء فريضة الحج في مكة.

وسيسرني استضافة المسلمين من السعودية والعالم العربي في إسرائيل. انا متأكد اننا والسعودية نستطيع تحويل الشرق الأوسط الى المكان الأكثر جاذبية في العالم.