اخبار البحرين

في الجلسة الافتتاحية من المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة.. تميز إقليمي لمملكة البحرين في تطبيق قانون العقوبات البديلة وتعزيز النهج الإصلاحي وتطوير منظومة العدالة الجنائية

خاص – (بنا)

 

المنامة في 03 يونيو/ بنا / أكد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية من المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، الذي نظمته وزارة الداخلية صباح اليوم، أهمية الدور المحوري للعقوبات البديلة في تعزيز النهج الإصلاحي وتطوير منظومة العدالة الجنائية، وذلك في إطار الرؤية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، التي أرست دعائم مشروع العقوبات والتدابير البديلة، بما يواكب أحدث النظم الديمقراطية والسياسات العقابية الفعالة لإعادة إدماج الجانحين في المجتمع.

 

وقد استعرضت الجلسة مسيرة مملكة البحرين الرائدة في إرساء منظومة إصلاحية متكاملة، من خلال تطبيق أول قانون من نوعه على مستوى الوطن العربي لتنظيم العقوبات البديلة، إلى جانب إطلاق برنامج “السجون المفتوحة”، كأول مبادرة إقليمية من نوعها، بما يعكس حرص المملكة على ترسيخ العدالة الإنسانية ضمن المعايير الدولية لحقوق الإنسان.

 

وقد شارك في الجلسة الافتتاحية كل من: الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام، وسعادة السيد نواف بن محمد المعاودة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، والشيخ خالد بن راشد آل خليفة مدير عام الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة بوزارة الداخلية، وسعادة السفير أليستر لونغ سفير المملكة المتحدة لدى مملكة البحرين، وسعادة السفير ستيفن سي. بوندي سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى مملكة البحرين. وقد أدار الجلسة السفير الدكتور يوسف عبدالكريم بوجيري، مدير عام الشؤون القانونية وحقوق الإنسان بوزارة الخارجية.

 

وأكد سعادة الدكتور علي بن فضل البوعينين النائب العام، أهمية دور النيابة العامة في تطبيق العقوبات البديلة، مشيرًا إلى أن آليات المتابعة القانونية تسهم في تحقيق الردع العام والخاص، وتعزز من فاعلية هذه العقوبات ضمن الإطار الإصلاحي الشامل.

 

وأوضح أن العقوبة لا تقتصر على الجانب العقابي فحسب، بل تمتد لتشمل الإصلاح الاجتماعي وإعادة تأهيل المحكوم عليهم، معتبرًا أن العفو يمكن أن يكون أداة إصلاحية فعالة إذا ما خدم الهدف الأسمى بإعادة دمج الفرد في المجتمع. ولفت إلى ضرورة توسيع مفهوم العقوبة، ليشمل بدائل قانونية تراعي الاعتبارات الإنسانية والاجتماعية، إلى جانب الإجراءات السالبة للحرية.

 

وفي هذا السياق، أشار إلى أن القانون رقم (13) لسنة 2017 بشأن العقوبات والتدابير البديلة، مثل نقلة نوعية في النظام العقابي الوطني، من خلال اعتماده على التدابير البديلة كخيار يوازن بين تحقيق العدالة وعدم المساس بحقوق الضحايا.

 

وفي إطار تطوير الإطار التشريعي، أكد النائب العام على أهمية مشاركة النيابة العامة في الدراسات القانونية والاجتماعية والاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز منظومة العقوبات البديلة، مشددًا على الدور الحيوي للسلطة التقديرية للقضاة في استبدال العقوبات السالبة للحرية ببدائل قانونية ضمن ضوابط واضحة، بما يضمن تحقيق الغايات الإصلاحية المرجوة.

 

وعلى الصعيد المجتمعي، أشار سعادته إلى أن تطبيق العقوبات البديلة ساهم في ترسيخ الاستقرار الأسري والحد من آثار السجن، مبينًا أن العديد من المستفيدين تمكنوا من اكتساب خبرات مهنية نوعية، بل ونجح البعض في تأسيس مشاريعهم الخاصة. كما أكد على أن المبادرة ساهمت في تعزيز تقبل المجتمع لمفهوم العقوبات البديلة، رغم بعض التوجسات الأولية، مشيدًا بدور اللقاءات المجتمعية مع منظمات المجتمع المدني في توضيح مقاصد القانون.

 

وشدد النائب العام على أهمية مراعاة الفئات الضعيفة، كالأحداث والنساء، ضمن سياسات العقوبات البديلة، مشيرًا إلى أن برنامج “السجون المفتوحة” يعد استجابة لتوجيهات عليا تهدف إلى تعزيز الإصلاح الجنائي وترسيخ ثقافة إعادة التأهيل.

 

ومن جانبه، أوضح سعادة السيد نواف بن محمد المعاودة وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية من المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، أن الجهود الوطنية لتطوير البنية التشريعية وتنفيذ سياسة العقوبات البديلة تأتي في إطار تعاون وثيق بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، تنفيذًا للرؤية الإصلاحية التي تستهدف ترسيخ مبادئ العدالة الاجتماعية وتعزيز المنظومة القانونية.

 

وبين سعادته أن المشروع الإصلاحي المتعلق بالعقوبات البديلة مر بعدة مراحل تطويرية، بدأت خلال الفترة من 2017 إلى 2018 بدراسة وتقييم آليات تنفيذ العقوبات البديلة، أعقبتها سلسلة من الإجراءات التنفيذية شملت إصدار 35 قرارًا لإنشاء البنية التحتية اللازمة لتفعيل المشروع.

 

وأضاف أن عام 2020 شهد توسعًا ملحوظًا في اختصاصات كل من النيابة العامة ووزارة الداخلية، ما أسهم في مضاعفة عدد المستفيدين من هذا النظام الإصلاحي، مؤكدًا أن التوسعة جاءت استجابة للنجاحات التي حققها البرنامج في مراحله الأولى.

 

وأشار وزير العدل إلى أن الفترة من 2020 إلى 2025 شهدت إدخال تعديلات تشريعية نوعية هدفت إلى توسيع نطاق تطبيق العقوبات البديلة وتعزيز آليات المتابعة والانضباط القانوني، حيث تم رفع عدد التدابير البديلة إلى تسعة تدابير في حال الإخلال ببرامج التأهيل، إلى جانب تطوير برامج تأهيلية شاملة تعنى بالرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للمحكومين. كما أضيفت مدونة سلوك تشكل إطارًا مرجعيًا يحدد معايير الالتزام والانضباط، الأمر الذي ساهم في تحقيق المزيد من الانضباط ضمن بيئة الإصلاح.

 

وأكد سعادته أن نسبة العودة إلى الجريمة بين المستفيدين من برنامج العقوبات البديلة تعد منخفضة جدًا، مما يدل على فاعلية النظام في تحقيق أهدافه الإصلاحية والاجتماعية، مشيرًا إلى أن هذا النجاح ساهم في تغيير النظرة المجتمعية تجاه المحكومين، وأصبح ينظر إليهم كأفراد قادرين على التغيير الإيجابي والمساهمة في خدمة الوطن.

 

بدوره، أكد الشيخ خالد بن راشد آل خليفة، مدير عام الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام والعقوبات البديلة بوزارة الداخلية، أن الجهود متواصلة لمواجهة التحديات المتعلقة بتنفيذ العقوبات البديلة، من خلال إطلاق حملات توعوية، وتنظيم ورش عمل، وبناء شراكات مجتمعية فاعلة مع المؤسسات التعليمية والاجتماعية، بهدف ترسيخ ثقافة إصلاحية شاملة في المجتمع.

 

وأكد أن التنسيق المشترك بين وزارة الداخلية والمجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل والجهات ذات العلاقة، يسهم في تحقيق الأهداف الإصلاحية للقانون، مشيرًا إلى أن قانون العقوبات البديلة يشمل جميع الجنسيات والفئات العمرية، دون تغيير في طبيعة الجريمة أو مدة العقوبة، وذلك بشرط الالتزام بالسلوك الحسن واستيفاء المتطلبات المالية المقررة.

 

وبين الشيخ خالد أن تطوير منظومة العقوبات البديلة شمل توسيع مجالات الاستفادة من القانون، من خلال إدراج آليات جديدة مثل المراقبة الإلكترونية، وتعديل شروط الحضور، وإضافة تدابير مبتكرة كمشاركة المستفيدين في برامج أممية، وأنشطة صحية، بالإضافة إلى إتاحة الحضور عبر المنصات الإلكترونية.

 

كما تم اعتماد برامج متخصصة للفئات المتوسطة وشديدة الخطورة، إلى جانب تنفيذ برنامج “السجون المفتوحة”، الذي يرتكز على مراحل تأهيلية متدرجة تهدف إلى إعادة دمج المحكومين في المجتمع.

 

وأشار إلى أهمية التعاون الدولي في تعزيز هذا المشروع الوطني، منوهًا بدور المملكة المتحدة في دعم البرنامج عبر تبادل الخبرات والزيارات الميدانية. ولفت إلى تبني برنامج متقدم لتقييم مستوى الخطورة، بما يمكن من تخصيص برامج تتناسب مع احتياجات كل مستفيد، مما يعزز فرص نجاح إعادة الإدماج.

 

كما استعرض نظام النقاط التحفيزي، المستوحى من تجارب رائدة في الولايات المتحدة، لتشجيع الالتزام والانضباط، إلى جانب برنامج “وياك” لعلاج الإدمان، والذي يعتمد خطة علاجية شاملة تشمل الدعم النفسي والاجتماعي.

 

وفي إطار التحول الرقمي، أكد الشيخ خالد بن راشد آل خليفة أن الوزارة تعتمد على منظومة إلكترونية متكاملة لمتابعة حالات المستفيدين، وتشمل تطبيقات ذكية مثل “سند” لتسهيل الحصول على الخدمات، و”التواجد” لتسجيل الحضور إلكترونيًا بدقة وكفاءة.

 

من جهته، أكد سعادة السفير أليستر لونغ، سفير المملكة المتحدة لدى مملكة البحرين، أهمية التعاون الثنائي بين البلدين في مجال تطوير نظم العدالة الإصلاحية، مشيدًا بما حققته مملكة البحرين من إنجازات ملموسة في تطبيق برنامج العقوبات البديلة.

 

وأعرب السفير عن إعجابه بالتجربة البحرينية، التي وصفها بالنموذج الرائد في المنطقة، مشيرًا إلى أن الإنجازات المعروضة خلال المؤتمر تعكس رؤية متقدمة تضع مملكة البحرين في صدارة الدول الساعية إلى تطوير سياسات عقابية عادلة وإنسانية، وتعزز مكانتها في مجال حقوق الإنسان.

 

بدوره، أكد سعادة السفير ستيفن سي. بوندي، سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى مملكة البحرين، في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية من المؤتمر الدولي الأول للعقوبات البديلة، أهمية الدعم الدولي وتبادل الخبرات في تعزيز مسارات العدالة الجنائية الإصلاحية، مشيدًا بالدور المحوري الذي تلعبه مملكة البحرين في تطوير برامج العدالة البديلة، وفقًا لأفضل الممارسات والمعايير الدولية.

 

وأوضح السفير الأمريكي أن البحرين تنتهج مسارًا إصلاحيًا رائدًا في مجال العقوبات البديلة، إلى جانب تنفيذ برنامج السجون المفتوحة، وهي مبادرات تسعى إلى إعادة تأهيل المحكومين ودمجهم بشكل فعال في المجتمع، بما يعكس التزام المملكة بالعدالة الإنسانية والإصلاح القانوني.

 

من: سماح علام

 

ع.س, ع.إ , A.A.M

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى