اخبار البحرين

في الذكرى الرابعة والعشرين لميثاق العمل الوطني.. وثيقة شاملة مهدت الطريق لانطلاقة المسيرة التنموية في مملكة البحرين

المنامة في 13 فبراير/ بنا / تحتفل مملكة البحرين يوم غد، الجمعة، بالذكرى الرابعة والعشرين لإقرار ميثاق العمل الوطني، التي توافق الرابع عشر من فبراير من كل عام، في مناسبة سنوية تستعيد فيها المملكة وشعبها ذكرى أحد أهم وأبرز المنجزات الوطنية التي تحققت في تاريخها الحديث، فالميثاق الذي جاء بمبادرة سامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، شكّل نقطة انطلاق لمسيرة النهضة والتطور في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية في البلاد.

 

ويتزامن احتفال المملكة بالميثاق هذا العام مع (اليوبيل الفضي) وذكرى مرور 25 عامًا على تولي جلالة الملك المعظم أيده الله مقاليد الحكم، في فرصة لتسليط الضوء على مخرجات المشروع الإصلاحي الشامل الذي تبناه جلالة الملك المعظم، الذي يمثل ميثاق العمل الوطني باكورته، ثم دستور عام 2022م وتعديلاته وما تلاه من تطورات تشريعية وقانونية، التي أسهمت جميعًا في الارتقاء بمكانة البحرين إلى مصاف الدول الديمقراطية المتقدمة، ووضعت إطارًا راسخًا لدولة القانون والمؤسسات.

 

وتنبثق أهمية ميثاق العمل الوطني في كونه وثيقة شاملة للإصلاح والتحديث مهدت الطريق لانطلاقة المسيرة الديمقراطية والتنموية في مملكة البحرين، إذ تضمن رؤية متكاملة تشدد على الحفاظ على هوية البحريـن الحضارية التاريخيـة العربيـة الإسلامية، والمقومات الأساسية للمجتمع، كما أن الميثاق حدد ـ كماء جاء في ديباجته ـ الرؤية المستقبلية لبناء مستقبل مشرق للوطن ملؤه الحرية والمساواة، وركيزته الحرية، والعدالة، والمساواة، والشورى، وتعزيز المشاركة الشعبية في صناعة القرار، ورسم الأطر العامة لعلاقـات مملكة البحرين بمحيطها الخليجي والعربي والدولي.

 

ولقد قدّم شعب البحرين، في الاستفتاء الشعبي الذي أجري في 14 فبراير 2001، ملحمة عظيمة جسدت أسمى قيم المحبة والولاء للوطن، حيث صوت 98.4 % من أبناء البحرين بالموافقة على ميثاق العمل الوطني، في مشهد فريد سيظل خالدًا في الذاكرة الوطنية جسد التوافق الشعبي، وليكون ذلك إيذانًا ببدء مرحلة جديدة في مسيرة العمل الوطني، ولتتواصل بعدها الخطوات والإجراءات التطويرية والتحديثية، التي جعلت من مملكة البحرين دولة عصرية ورائدة في النهضة والتطور، وليكون الميثاق تجسيدًا واضحًا لترابط إرادة أبناء البحرين مع الإرادة الملكية السامية، وانعكاسًا لحرصهم على الإسهام بعطائهم في استكمال الجهود من أجل مستقبل أكثر إشراقًا للوطن والمواطنين.

 

وتتجلى أهمية ذكرى ميثاق العمل الوطني في طبيعة مضمونه وما احتوى عليه من مبادئ أسهمت في وضع ركائز مشروع النهضة والتطوير الشامل في البلاد، فالميثاق كما وصفه جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه في خطاباته السامية: “نقطة الانطلاق لبناء قواعد النهضة الحديثة لبلدنا العزيز، عندما اختار الشعب في استفتاء تاريخي غير مسبوق نهج المشاركة الديمقراطية لتحقيق التنمية والازدهار، بما ينسجم مع تاريخه وأصالته الحضارية وتطلعاته نحو حياة أفضل، وتطوير نوعي للحياة السياسية، وتعزيز للمشاركة الوطنية، في سبيل تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والاجتماعية”، وأنه أيضًا: “وثيقة ‏للعهد وركيزة لعقد اجتماعي جديد في مسيرتنا الوطنية يرسخ ويوثق أصالة البحرين ‏وتميزها وتراثها الحضاري، ويؤكد وحدة الوطن أرضًا وشعبًا”.

 

كما تبرز أهمية الميثاق في كونه الخطوة المحورية الأولى التي بدأ بها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم حفظه الله، وهو المشروع الذي تبنى خيار الديمقراطية كنهج شامل للحياة في مملكة البحرين، وفتح الآفاق لجميع أبناء شعب البحرين بجميع فئاتهم للتفاعل والمشاركة في نهضة الوطن، وعزز من دور المؤسسات الوطنية في القطاعين العام والخاص، وسيادة القانون والفصل بين السلطات، فضلًا عن التأكيد على الإرث الحضاري للبحرين، وتحقيق كل العوامل التي تضمن التلاحم المجتمعي والاستقرار والتعايش كقيم إنسانية نبيلة متجذرة في تاريخ البحرين وشعبها.

 

ورسخ ميثاق العمل الوطني أيضًا ركائز نظام اقتصادي، تواصل الحكومة الموقرة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله تنفيذه بكفاءة واقتدار، يقوم على الحرية والانفتاح لتحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تبني برامج وسياسات تدعم تنوع الاقتصاد الوطني، وتولي اهتمامًا بالاستثمار في الإنسان باعتباره محور التنمية وهدفها، إلى جانب تعزيز الحرية الاقتصادية والانفتاح، وهو الأمر الذي أسهم في ارتقاء مملكة البحرين في المجالات الاقتصادية والتنموية، وأصبحت بيئة جاذبة للاستثمار والمستثمرين.

 

ويحسب لميثاق العمل الوطني أنه كان شعلة الانطلاق لمسيرة رائدة من التنمية الشاملة، حققت فيها مملكة البحرين صدارة مؤشرات التنمية البشرية إقليميًا ودوليًا، في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والبنية التحتية، والعمل وتمكين المرأة عامًا تلو الآخر، ووفقًا لأحدث المؤشرات، فقد تحسن أداء مملكة البحرين ضمن تصنيف التنافسية العالمية 2024 الصادر عن مركز التنافسية العالمية المعهد الدولي للتنمية الإدارية (IMD)، حيث احتلت المركز 21 عالميًا ضمن تصنيف العام 2024، كما تقدمت لتصبح في المركز 5 عالميًا والثالث عربيًا من أصل 170 دولة ضمن مؤشر تنمية تقنية المعلومات والاتصالات 2024 الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات.

 

كما شكل الميثاق ركيزة مهمة في مسيرة المرأة البحرينية، حيث تضمن نصوصًا تمت ترجمتها في الدستور بشأن منح حق المرأة في المشاركة السياسية وتكافؤ الفرص في مختلف القطاعات وتبوئها لمناصب قيادية في القطاعين العام والخاص، وارتفعت نسبة تمثيلها في السلطة التشريعية ثلاث مرات خلال 20 عامًا، من 8% في انتخابات العام 2002م إلى 23% في انتخابات العام 2022م. وشكّلت النساء 25% من عضوية مجلس الشورى و20% من عضوية مجلس النواب.

 

وعلى صعيد السياسة الخارجية، تضمن الميثاق تأكيدًا على الأطر العامة لسياسة مملكة البحرين الخارجية في علاقاتها بشقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والعالمين العربي والإسلامي، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، وقد استطاعت مملكة البحرين في ظل الرؤى الحكيمة والتوجيهات السديدة لجلالة الملك المعظم، أيده الله، القيام بدور محوري ومؤثر في دعم ونشر السلام والتفاهم والتضامن الدولي والتعايش والتقارب الإنساني، وتعمل باستمرار من أجل خير البشرية وأمانها ورخائها.

 

إن ما أحدثه ميثاق العمل الوطني من تغيرات جذرية في مسيرة الحياة بمملكة البحرين لا يمكن اختصاره لتشعب مجالاته ونجاحاته في شتى الميادين، ولكن يمكن التأكيد، في هذا المقام، على أن الاحتفال بذكرى ميثاق العمل الوطني تعد مناسبة لاستذكار تلك اللحظة الفارقة في التاريخ الوطني، تلك اللحظة التي التقت فيها الإرادة الملكية السامية مع إرادة الشعب لرسم مستقبل الوطن المزدهر، كما أنها تمثل فرصة لتجديد الولاء والانتماء الوطني وتجديد العزم والإرادة على استمرار العمل بروح الفريق الواحد (فريق البحرين) لاستكمال مسيرة النهضة والبناء والتقدم في جميع المجالات.

أ.ش, م.ص, ت.و, M.B

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى