| تداعيات كارثية محتملة لقصف المفاعلات النووية الإيرانية على الدول العربية المجاورة

- تمتلك إيران عدة منشآت نووية رئيسية
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والحديث عن ضربات إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية، يبرز تساؤل بالغ الأهمية حول الكارثة البيئية والإنسانية التي قد تنجم عن مثل هذا السيناريو، وتداعياته المدمرة على الدول العربية المجاورة، لا سيما الأردن، سوريا، لبنان، العراق، وفلسطين.
إن أي استهداف للمنشآت النووية، حتى لو كان “دقيقاً”، يحمل في طياته مخاطر إشعاعية وبيئية وصحية واقتصادية وسياسية واسعة النطاق تتجاوز الحدود الجغرافية.
المفاعلات النووية الإيرانية: الأهداف المحتملة ومواقعها
تمتلك إيران عدة منشآت نووية رئيسية، منها:
منشأة نطنز، وهي منشأة لتخصيب اليورانيوم، تقع تحت الأرض وتعتبر الأكثر أهمية في البرنامج النووي الإيراني.
منشأة فوردو، أيضاً منشأة لتخصيب اليورانيوم، وهي محصنة للغاية وموجودة تحت جبل.
مفاعل أراك، مفاعل ماء ثقيل (إنتاج البلوتونيوم)، على الرغم من تعديله بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
محطة بوشهر للطاقة النووية وهي محطة طاقة نووية عاملة، تنتج الكهرباء.
كما تمتلك مراكز أبحاث وتطوير أخرى متفرقة في أنحاء البلاد، حيث أن معظم هذه المنشآت تقع في المناطق الوسطى أو الغربية من إيران، مما يجعل الدول العربية الواقعة غربها وشمال غربها في مرمى التأثر المباشر.
التأثيرات المحتملة
في حال تعرضت هذه المفاعلات للقصف، فإن السيناريوهات المحتملة تتراوح بين التسرب الإشعاعي المحدود إلى كارثة شبيهة بتشيرنوبل أو فوكوشيما، لكن بمدى جغرافي أوسع.
التسرب الإشعاعي وانتشار الغبار النووي:
تتجه الرياح السائدة في المنطقة في معظم الأوقات من الغرب إلى الشرق، لكن هناك أنماط رياح موسمية أو محلية يمكن أن تحمل الملوثات الإشعاعية باتجاه الغرب والشمال الغربي. في حال وقوع القصف، فإن اتجاه الرياح في لحظة الهجوم سيحدد بشكل مباشر الدول الأكثر تضرراً.
الأردن، سوريا، العراق، لبنان، وفلسطين ،هذه الدول بحكم قربها الجغرافي، ستكون عرضة لاستقبال الغبار النووي المحمل بالإشعاع ، ويمكن أن يستقر هذا الغبار على التربة، ومصادر المياه (الأنهار والآبار)، والمحاصيل الزراعية، مما يؤدي إلى تلوث بيئي واسع النطاق.
التداعيات الصحية الفورية والبعيدة المدى:
يعتبر التعرض لجرعات عالية من الإشعاع يمكن أن يسبب أمراضاً إشعاعية حادة (Acute Radiation Sickness) تظهر أعراضها خلال ساعات أو أيام (غثيان، قيء، إسهال، تساقط شعر، نزيف).
الآثار المزمنة فعلى المدى الطويل، تزداد مخاطر الإصابة بالسرطانات (خاصة سرطان الغدة الدرقية، سرطان الدم، وسرطانات الجهاز التنفسي)، والتشوهات الخلقية، والعقم، والأمراض الوراثية، ومشكلات في الجهاز المناعي.
الأطفال والنساء الحوامل هم الفئات الأكثر ضعفاً.
الكارثة البيئية والزراعية:
كما ستصبح الأراضي الزراعية ومصادر المياه ملوثة بالإشعاع، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام البشري والزراعة لسنوات طويلة، وربما لعقود.
تأثر الثروة الحيوانية والسمكية الحيوانات والنباتات التي تتغذى من البيئة الملوثة ستُصبح بدورها ملوثة، مما يؤثر على السلسلة الغذائية بأكملها. الثروة السمكية في الخليج العربي وشرق البحر الأبيض المتوسط قد تتأثر أيضاً.
التصحر وتدهور الأراضي: التلوث الإشعاعي يمكن أن يفاقم من مشكلات التصحر وتدهور جودة الأراضي.
التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية: أزمة شاملة
نزوح وهجرة جماعية:
تُتوقع موجات نزوح واسعة من المناطق المتأثرة مباشرة بالغبار الإشعاعي، مما سيضع ضغطاً هائلاً على البنى التحتية للدول المجاورة، التي تعاني أصلاً من أزمات لاجئين سابقة.
وفي هال تمت عمليات نزوح جديدة فان هذا سيخلق أزمة إنسانية كبرى تتطلب استجابة دولية غير مسبوقة.
انهيار اقتصادي:
القطاعات المتضررة: ستتأثر بشدة قطاعات الزراعة، الثروة الحيوانية، السياحة، والطاقة.
وقف التجارة: قد تفرض الدول قيوداً على استيراد المنتجات من المنطقة المتأثرة، مما يضر بالتجارة الإقليمية.
تكاليف التنظيف وإعادة التأهيل: ستكون تكاليف تنظيف التلوث الإشعاعي وإعادة تأهيل المناطق المتضررة باهظة، وقد تتجاوز قدرات هذه الدول بكثير.
التنسيق الإقليمي والدولي
ويعتبر التهديد بقصف المفاعلات النووية الإيرانية ليس مجرد قضية أمنية تخص أطراف الصراع، بل هو كابوس بيئي وإنساني يتهدد المنطقة بأسرها.
الوعي بهذه المخاطر هو الخطوة الأولى نحو المطالبة بالحلول الدبلوماسية وتجنب سيناريو قد يغير وجه الشرق الأوسط لعقود قادمة.