| زلزال روسيا الهائل.. كيف نجت كامتشاتكا من كارثة محققة؟

- تحذيرات من تسونامي بعد الزلزال.. وأمواج تضرب جزر الكوريل
- كامتشاتكا تنجو من كارثة كبرى بفضل أربعة عوامل حاسمة
- نظام الإنذار المبكر والاستعداد المسبق يحولان دون وقوع خسائر فادحة
في فجر يوم الأربعاء، 30 يوليو 2025، حبس العالم أنفاسه مع ورود الأنباء العاجلة: زلزال عنيف بقوة 8.8 درجة على مقياس ريختر، وهو من بين الأقوى في التاريخ المسجل، ضرب قبالة ساحل شبه جزيرة كامتشاتكا في أقصى شرق
روسيا. مباشرةً، انطلقت صفارات الإنذار من تسونامي عبر سواحل المحيط الهادئ، من اليابان إلى هاواي، وبدا أن كارثة كبرى تلوح في الأفق.
ولكن، مع مرور الساعات الحاسمة، تكشفت حقيقة أذهلت المراقبين: فرغم القوة الهائلة للزلزال، كانت الأضرار المسجلة محدودة بشكل لا يتناسب إطلاقاً مع حجم الحدث ، بناءً على معلومات موثقة حتى اللحظة، لماذا لم يتسبب هذا الزلزال
الهائل بأضرار أكبر؟
آخر التطورات: تسونامي محدود وأضرار محصورة
وفقاً لوزارة الطوارئ الروسية وهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS)، وقع مركز الزلزال في المحيط الهادئ على بعد عشرات الكيلومترات من الساحل.
وأثار الزلزال موجات تسونامي، حيث أفادت السلطات في إقليم ساخالين بأن أمواجاً بلغ ارتفاعها ما بين 3 إلى 4 أمتار غمرت أجزاء من ميناء مدينة سيفيروكوريلسك في جزر الكوريل، وألحقت أضراراً بمصنع لتجهيز الأسماك وروضة
ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن حاكم كامتشاتكا، فلاديمير سولودوف، أنه لم يتم تسجيل أي وفيات أو إصابات خطيرة، وأن معظم المباني في الإقليم صمدت أمام الاهتزازات.
وقد تم إجلاء آلاف السكان من المناطق الساحلية المنخفضة كإجراء احترازي.
أربعة أسباب حالت دون وقوع كارثة
إن نجاة المنطقة من دمار شامل ليست مصادفة، بل هي نتيجة مباشرة لأربعة عوامل رئيسية:
1. الجغرافيا القاسية والعزلة السكانية
العامل الأهم على الإطلاق هو الموقع، شبه جزيرة كامتشاتكا هي واحدة من أقل المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض، حيث يعيش فيها حوالي 300 ألف شخص فقط، معظمهم يتركز في العاصمة بتروبافلوفسككامتشاتسكي، بينما تمتد مساحات شاسعة من البراري والبراكين كأراضٍ خالية.
“تقع المنطقة فوق حزام النار في المحيط الهادئ، وهي معتادة على النشاط الزلزالي، لكن عزلتها هي درعها الأول”، لو أن زلزالاً بهذه القوة ضرب منطقة مكتظة بالسكان، لكان عدد الضحايا بالآلاف.
2. طبيعة الزلزال: قوة ضائعة في المحيط
لم تكن قوة الاهتزاز على اليابسة بالشدة المتوقعة من زلزال بقوة 8.8 درجة.
ونقلت وسائل إعلام عن دانيلا تشيبروف، مديرة فرع هيئة الجيوفيزياء في كامتشاتكا، قولها: “نظراً لخصائص مركز الزلزال، لم تكن شدة الاهتزاز عالية كما هو متوقع”.
ويفسر ذلك بأن جزءاً كبيراً من طاقة الزلزال الهائلة تبدد في مياه المحيط الهادئ الشاسعة قبل أن تصل الموجات الزلزالية إلى اليابسة بكامل قوتها.
كما أن خصائص الصدع الجيولوجي ونوع الحركة التكتونية قد تكون ساهمت في إطلاق الطاقة بشكل لا يترجم إلى اهتزازات سطحية مدمرة بنفس القدر.
3. دروس الماضي: بنية تحتية مستعدة
كامتشاتكا تعيش وتتنفس على إيقاع الزلازل. الكارثة الكبرى التي خلفها زلزال عام 1952 (بقوة 9.0 درجات) وما سببه من تسونامي مدمر، دفعت السلطات السوفيتية آنذاك، والروسية لاحقاً، إلى فرض معايير بناء صارمة للغاية.
المباني في المدن الرئيسية مصممة خصيصاً لمقاومة الزلازل العنيفة، وقد أثبتت هذه البنية التحتية، بما في ذلك المنشآت الصناعية والعسكرية، قدرتها على الصمود.
4. فعالية أنظمة الإنذار المبكر
أكدت السلطات المحلية أن أنظمة الإنذار من التسونامي عملت بفعالية، ما أتاح وقتاً ثميناً لإجلاء السكان من المناطق الساحلية الخطرة إلى مناطق مرتفعة.
هذه الاستجابة السريعة، التي ولدت من رحم تجارب الماضي، كانت حاسمة في منع وقوع خسائر في الأرواح.
يُظهر زلزال كامتشاتكا الأخير بوضوح أن قوة الطبيعة الخام، مهما كانت هائلة، يمكن التخفيف من أسوأ آثارها عندما تتضافر عوامل الجغرافيا المنعزلة مع الاستعداد البشري المسبق والمدعوم بالعلم والخبرة.
لقد كانت المنطقة على موعد مع كارثة، لكنها نجت بفضل موقعها الفريد والدروس القاسية التي تعلمتها من تاريخها الزلزالي