اخبار الإمارات

أفريقيا في 2023.. عدوى الانقلابات ونزاعات داخلية وهجمات مسلحة

ت + ت الحجم الطبيعي

لم يكن العام 2023 عادياً بالنسبة للقارة السمراء، لقد شهد العام تصاعداً واسعاً في وتيرة الأحداث المفصلية والتطورات العاصفة التي ترزح القارة تحت وطأتها بشكل مستمر؛ ما بين انقلابات وتطورات سياسية كبيرة، علاوة على تصاعد خطر الإرهاب والنزاعات المسلحة والأزمات البينية والداخلية الممتدة.

يضاف إلى ذلك أيضاً تأثيرات تغير المناخ على القارة، والتي رغم كونها غير مسؤولة عن الانبعاثات المسببة لتغير المناخ إلا أنها تدفع ضريبة وفاتورة باهظة جراء تلك التغيرات.

‏لقد شهدت القارة السمراء في العام 2023 أحداثاً ساخنة في مختلف أرجائها تقريباً، لا سيما في وسط وغرب أفريقيا، وهي منطقة حبلى بالأحداث والتطورات التي شكلت معلماً من أبرز تطورات العام في أفريقيا.

الحرب في السودان
من بين أبرز الأحداث الرئيسية التي شهدتها القارة خلال العام، كانت الحرب في السودان، والتي انطلقت شرارتها في منتصف شهر أبريل الماضي، بين القوات المسلحة «بقيادة عبدالفتاح البرهان» وقوات الدعم السريع «بقيادة محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي».

اقتصر النزاع في بدايته على ولاية الخرطوم، قبل أن يمتد إلى ولايات أخرى، وقد أسهم في تفاقم معاناة السودانيين، وموجات هجرة ونزوح واسعة، فيما لم تنجح الوساطات المتكررة في وضع حد لتلك الأزمة.

تنعكس الحرب بشكل واضح على حياة السودانيين، وعلى اقتصاد البلاد الذي تراجع بنسبة تصل إلى 42 % بحسب تقارير الأمم المتحدة، ومن المرجح أن يسجل انكماشاً هو الأعلى في تاريخ البلاد بنسبة 18 %، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي. يأتي ذلك علاوة على بيانات دقت ناقوس الخطر بشأن تفاقم أزمات الغذاء والفقر والبطالة بالبلاد، تحت وطأة الحرب المشتعلة هناك.

انقلاب النيجر والغابون
محطة أخرى من المحطات الأكثر سخونة التي شهدتها القارة في العام الذي يلملم أوراقه، كانت مرتبطة بعدوى الانقلابات «المعتادة» في القارة السمراء، حيث شهدت أفريقيا انقلابين عسكريين، الأول في شهر يوليو في جمهورية النيجر غرب القارة. أطاح الانقلاب بالرئيس محمد بازوم، وأعلن قائد الحرس الرئاسي الجنرال عبدالرحمن تشياني نفسه زعيماً للمجلس العسكري. وقد شكل هذا الانقلاب دلالات واسعة، بما في ذلك ما عكسه من تساقط آخر أوراق فرنسا في القارة السمراء، وتنامي مشاعر العداء للغرب.

الانقلاب الثاني كان في نهاية شهر أغسطس من العام نفسه، في الغابون، وسط القارة، من خلال مجموعة من كبار الضباط في الجيش، بعيد الإعلان عن فوز الرئيس علي بونغو أونديمبا بولاية ثالثة في الانتخابات التي أجريت حينها.

ويشار في هذا السياق، إلى أن القارة السمراء شهدت منذ العام 2020 ثمانية انقلابات عسكرية في منطقة غرب ووسط أفريقيا، وهو عرض مستمر لعدوى الانقلابات التي توصم القارة.

تصاعد النشاط الإرهابي
فيما تواصلت في الوقت نفسه العمليات الإرهابية في القارة، حيث تستغل التنظيمات المتطرفة «وعلى رأسها داعش والقاعدة، وما يتفرع عنهما من جماعات مثل بوكو حرام النيجيرية والشباب الصومالية» حالة الاضطراب الأمني والسياسي والاقتصادي هناك لتحقيق اختراقات جديدة في بيئة مواتية لنمو الإرهاب، ففي شهر نوفمبر وحده شهده القارة 23 عملية إرهابية «ما بين تفجيرات واغتيالات» أسفرت عن مقتل 128 شخصاً وإصابة 33 آخرين، علاوة على 15 مختطفاً، بخلاف تشريد ونزوح المئات، بحسب تقديرات وحدة الرصد باللغات الأفريقية التابعة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف.

يأتي ذلك في وقت تعاني فيه دول أفريقية تحت وطأة حالة عدم الاستقرار السياسي «من بينها ليبيا التي تتعثر فيها الحلول السياسية وتعرقل إجراء الانتخابات المنتظرة لإنهاء سنوات الاضطراب»، فضلاً عن عديد من الدول التي تواجه ضغوطات اقتصادية واسعة مع تفاقم فاتورة الديون بشكل خاص.

ضغوطات اقتصادية
وترزح دول القارة تحت وطأة ضغوطات اقتصادية واسعة، لا سيما مع تفاقم فاتورة التضخم، نتيجة عوامل داخلية وخارجية مختلفة، بما في ذلك ارتدادات التطورات الجيوسياسية المختلفة، وبما تسبب في مفاقمة مشكلات واسعة، طالت الغذاء والسلع الأساسية ومدى قدرة تلك البلدان على الوفاء بتعهداتها الداخلية والخارجية. وهو ما دفع عديداً من مؤسسات التصنيف الائتماني لخفض تصنيف بعض دول القارة.

كوارث طبيعية
وبخلاف العوامل الأمنية والسياسية والاقتصادية، فإن القارة كانت على موعدٍ مع عديد من الأحداث البيئية الصاخبة، والتي تمثلت في كوارث طبيعية بما لها من كلفة بشرية ومادية واسعة، أبرزها زلزال الحوز في المغرب في 8 سبتمبر، والذي ضرب المغرب بقوة 6.8 درجات على مقياس ريختر، خلف أكثر من 2900 قتيل و5500 جريح معظمهم بأقاليم الحوز و‌تارودانت و‌شيشاوة، بخلاف الآثار التدميرية الواسعة.

وكانت ليبيا كذلك على موعدٍ من واحد من أبرز الكوارث الطبيعية في العام 2023، والمرتبط بـ«إعصار دانيال»، الذي كانت ليبيا هي أكثر الدول المتضررة منه، بعد أن تسببت الأمطار الغزيرة في انهيار سدين بالقرب من مدينة درنة، علاوة على حدوث سيل من الفيضانات تسببت في مقتل أكثر من 4 آلاف شخص في أقل التقديرات، في بلد دمرت الحرب الدائرة فيه قدرات البنية التحتية على المواجهة.


تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى