| عندما يصبح إغلاق الهاتف في نهاية اليوم حقاً مشروعاً.. قانون “الحق في الانفصال الرقمي”

- القانون يفرض غرامات مالية قد تتراوح بين 750 و 7,500 يورو على المخالفين
في عالم يزداد فيه الاتصال والترابط الرقمي، بدأت دول مختلفة حول العالم في تطبيق قوانين تهدف إلى حماية الموظفين من متطلبات العمل المستمرة التي تتجاوز ساعات الدوام الرسمية.
ويُعرف هذا التشريع باسم “الحق في الانفصال الرقمي”.
إنه يمنح الموظفين الحق في تجاهل رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات والرسائل المتعلقة بالعمل بعد انتهاء ساعات الدوام، بهدف تعزيز التوازن بين العمل والحياة وحماية الصحة النفسية للموظفين من الإرهاق.
إسبانيا: رائدة في حماية التوازن بين العمل والحياة
تُعد إسبانيا واحدة من الدول الرائدة في تطبيق هذا القانون. فبموجب تشريعاتها، يُمنح الموظف الحق الكامل في عدم الرد على أي اتصالات عمل بعد انتهاء ساعات الدوام.
كما يُلزم القانون أصحاب العمل باحترام هذا الحق، ويفرض غرامات مالية قد تتراوح بين 750 و 7,500 يورو على المخالفين، حسب شدة المخالفة.
ويهدف هذا الإجراء إلى حماية الموظفين من الضغوط النفسية المستمرة، وضمان حصولهم على فترة راحة حقيقية لا يتم فيها إزعاجهم بالمهام الوظيفية.
ويُستثنى من ذلك فقط الحالات الطارئة جداً التي تتطلب تدخلاً عاجلاً، لكن هذا الاستثناء لا يُعد مبرراً للتواصل المستمر أو الروتيني.
أستراليا: أحدث المنضمين للقائمة
انضمت أستراليا مؤخراً إلى الدول التي تمنح موظفيها “الحق في الانفصال”.
وبموجب التشريع الجديد، لا يمكن لأي منظمة معاقبة الموظفين لعدم استجابتهم لاتصالات العمل خارج الساعات المحددة.
بينما يمكن لأصحاب العمل والعملاء التواصل مع الموظفين، إلا أن الأخير لديه الحق القانوني في رفض الرد ما لم يكن طلب الرد “غير معقول”.
وتُقيّم لجنة “العمل العادل الأسترالية” ما يُعتبر “غير معقول” بالنظر إلى عدة عوامل، مثل طبيعة الدور الوظيفي، ومستوى المسؤولية، وكيفية إجراء الاتصال.
مبادرات عالمية لدعم التوازن المهني
لم تقتصر هذه المبادرات على إسبانيا وأستراليا فقط، بل تبنتها دول أخرى بهدف تنظيم العلاقة بين الموظف ومهام عمله خارج الدوام:
فرنسا: منذ عام 2017، تُطالب الشركات التي تضم أكثر من 50 موظفاً بالتفاوض مع ممثلي العمال لتحديد متى يمكن الاتصال بهم إلكترونياً. وفي حال عدم الامتثال، قد تُفرض غرامات تصل إلى 1% من إجمالي تعويض العامل.
بلجيكا: منحت الموظفين الحق في تجاهل الرسائل المتعلقة بالعمل بعد ساعات الدوام منذ عام 2022، وقد امتد هذا التشريع ليشمل موظفي القطاع الخاص في الشركات التي تضم 20 موظفاً أو أكثر.
البرتغال: تُحظر على أصحاب العمل التواصل مع موظفيهم بعد ساعات العمل، وتُعرف هذه القوانين باسم “الحق في الراحة”.
كما يحق للموظفين الحصول على 11 ساعة متواصلة على الأقل من “الراحة الليلية” دون إزعاج.
إيرلندا: اعتمدت إيرلندا قواعد تمنح العمال الحق في عدم الاستجابة لشؤون العمل خارج ساعات الدوام، وتُفرض على أصحاب العمل احترام هذا الحق.
إيطاليا: ينطبق هذا التشريع بشكل خاص على العمل عن بُعد، حيث ينص على ضرورة تحديد فترات راحة واضحة في كل اتفاقية عمل عن بُعد، مع ضمان قدرة الموظف على الانفصال التام عن أجهزة العمل.
ماذا عن المستقبل؟
مع تزايد الوعي بأهمية الصحة النفسية والتوازن بين العمل والحياة، يبدو أن المملكة المتحدة في طريقها لتبني تشريعات مماثلة، حيث أظهرت الدراسات أن 60% من الموظفين يؤيدون تطبيق “الحق في الانفصال”.
إن هذه التحركات العالمية تشير إلى تغير كبير في ثقافة العمل، حيث لم يعد العمل يعني التواجد على مدار الساعة.
بل أصبح التوازن والراحة جزءاً أساسياً من حقوق الموظف، مما يساهم في بناء بيئة عمل أكثر صحة وإنتاجية على المدى الطويل.