اخبار الأردن

| ما هو الكحول الميثيلي الذي أودى بحياة 7 أشخاص في الأردن؟

  • الميثانول، المعروف بـ”كحول الخشب”، هو سائل شفاف عديم اللون

 على إثر الحادثة التي هزت محافظة الزرقاء وأودت بحياة سبعة أشخاص، كشفت مديرية الأمن العام، اليوم الأحد، أن سبب الوفاة هو تناول مشروبات كحولية مغشوشة تحتوي على مادة “الميثانول” شديدة السمية. الصادم في القضية أن هذه المشروبات القاتلة تم إنتاجها في أحد المصانع المرخصة، والذي قامت السلطات بإغلاقه فوراً وإلقاء القبض على القائمين عليه لاستكمال التحقيقات.


هذه الحادثة المأساوية تعيد تسليط الضوء على الخطر الكامن في هذه المادة الكيميائية، وتطرح تساؤلات حيوية حول طبيعتها، وسبب كونها قاتلة، وكيف يمكن لمركب صناعي أن يجد طريقه إلى المستهلكين.

ما هو الميثانول؟ القاتل الشفاف

الميثانول (CH 3 OH)، المعروف أيضاً باسم “كحول الخشب”، هو أبسط أنواع الكحوليات. وهو سائل شفاف عديم اللون، ذو رائحة تشبه إلى حد كبير رائحة الكحول الميثيلي (الإيثانول) المستخدم في التعقيم والمشروبات الكحولية المعتادة. هذا التشابه الخادع في المظهر والرائحة يجعله خطيراً للغاية، حيث لا يمكن للمستهلك العادي تمييزه.

ووفقاً للمراكز العلمية المتخصصة، يُستخدم الميثانول على نطاق واسع في الصناعة كمذيب فعال للدهانات والأصباغ، وكمادة مانعة للتجمد في سوائل تبريد السيارات، وفي إنتاج المواد البلاستيكية والوقود. لم يتم تصنيعه أبداً للاستهلاك البشري، ويعتبر تناوله فعلاً مميتاً.

التفاعل الكيميائي القاتل داخل الجسم

يكمن الخطر القاتل للميثانول في طريقة تعامل جسم الإنسان معه. على عكس الإيثانول الذي يستطيع الجسم استقلابه بأمان نسبي، فإن الميثانول يتحول داخل الكبد إلى مركبات فتاكة عبر سلسلة من التفاعلات:

التحول إلى فورمالديهايد: يقوم إنزيم في الكبد بتحويل الميثانول إلى الفورمالديهايد، وهي نفس المادة السامة والمسرطنة المستخدمة في عمليات التحنيط وحفظ الأنسجة الميتة.

التحول إلى حمض الفورميك: يتم تحويل الفورمالديهايد بسرعة إلى حمض الفورميك، وهو السم الحقيقي والمسؤول المباشر عن معظم الأعراض القاتلة.

هذا الحمض يهاجم الجسم بعنف، مسبباً حالة تُعرف بـ الحماض الأيضي (Metabolic Acidosis)، حيث ترتفع حموضة الدم لمستويات تمنع الخلايا من استخدام الأكسجين. كما يستهدف حمض الفورميك العصب البصري بشكل مباشر، مسبباً تلفاً سريعاً وغير قابل للإصلاح يؤدي إلى العمى الدائم، إضافة إلى تأثيرات مدمرة على الدماغ والكلى وأعضاء حيوية أخرى.

أعراض التسمم: مهلة خادعة ونهاية مأساوية
كما توضح المراكز العالمية لمكافحة السموم، فإن أعراض التسمم بالكحول الميثيلي الميثانول لا تظهر فوراً، بل تبدأ بعد فترة كمون تتراوح بين 12 إلى 24 ساعة، وهي الفترة التي يستغرقها الكبد لتحويله إلى سمومه. بعد هذه المهلة الخادعة، تبدأ الأعراض الكارثية بالظهور:

اضطرابات بصرية حادة: تبدأ بزغللة ورؤية ضبابية تشبه “العاصفة الثلجية”، وقد تنتهي بالعمى الكامل.

آلام حادة في البطن وغثيان وقيء مستمر.

صعوبة شديدة في التنفس وتشنجات عصبية.

فشل كلوي حاد وغيبوبة، قد تنتهي بالوفاة نتيجة فشل الجهاز التنفسي والدوري.

إن الخيط الرفيع بين الحياة والموت يتضح في أن جرعة صغيرة جداً لا تتجاوز 10 ملليلتر (حوالي ملعقتين صغيرتين) كفيلة بإحداث عمى دائم، في حين أن تناول كمية تتراوح بين 30 إلى 100 ملليلتر يعتبر جرعة قاتلة لمعظم البالغين، وهي الكمية التي قد توجد في عدد قليل من المشروبات المغشوشة.

إن حادثة الزرقاء تدق ناقوس الخطر حول ضرورة تشديد الرقابة على المواد الكيميائية الصناعية، وتوعية الجمهور بمخاطر المنتجات مجهولة المصدر، التي قد تحول لحظة لهو إلى مأساة لا يمكن تداركها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى