المقاربة التواصلية للإدارة القضائية… إصدار جديد للوزير السابق بنعبد القادر

تشكل الممارسات التواصلية للإدارة القضائية بالمغرب، بتعقيداتها ومخاضاتها، أنشطة جنينية لإنتاج وإعادة إنتاج حقل التواصل العمومي بالمرفق العام للعدالة، وذلك في سياق مسار إصلاحي تتداخل فيه الرهانات التواصلية لمختلف مهنيي القضاء والمتقاضين وعموم المرتفقين، ذلك ما خلص إليه الكتاب الذي أصدره هذا الأسبوع الدكتور محمد بنعبدالقادر، الباحث في سوسيولوجيا الاتصال، بعنوان « العدالة والتواصل من أجل مقاربة تواصلية للإدارة القضائية »، والذي يتناول فيه بالتحليل مجمل الرهانات والممارسات التواصلية في إدارة قطاع العدل بالمغرب، وذلك في سياق يتسم أساسا بدينامية إصلاحية فتحت آفاقا جديدة على مستوى تحديث حكامة المنظومة القضائية.
اليوم وأكثر من أي وقت مضى، يقول المؤلف (وزير إصلاح الإدارة ثم وزير العدل سابقا)، توجد الإدارة العمومية بالمغرب التي تعاني من خصاص في قدراتها التواصلية، في أمس الحاجة إلى تقديم خدمات أساسية لمجتمع أصبح أكثر إلحاحا في طلبه وأكثر إدراكا لحقوقه وواجباته من ذي قبل، ما دفع ببعض القطاعات ومن بينها قطاع العدل، إلى إطلاق مشاريع لتأهيل قدراتها في التواصل من أجل تجويد خدماتها وتحسين علاقاتها بالجمهور.
في هذا الإطار، يسعى الكتاب الصادر عن منشورات الخيام إلى دراسة كيفية اندراج التواصل العمومي كما هو ممارس من لدن الإدارة القضائية ضمن منطق حكامة المرفق العام، وكيف يرتكز هذا التواصل على واجب الإدارة القضائية في تمكين عموم المتقاضين والمواطنين من المعلومة التي في حوزتها، والتي لهم الحق في الاستفادة منها في إطار ما يتيحه القانون.
لقد أبان مؤلف الكتاب من خلال تحليله للنصوص المرجعية لإصلاح العدالة، وكذا بحثه الميداني حول تصورات الفاعلين الأساسيين لمنظومة العدالة، كيف أن الممارسات التواصلية للإدارة القضائية بالمغرب، تمثل في تنوعها وتعقيداتها تعبيرا ملموسا عن مدى قدرة هذه المؤسسة في هذه المرحلة بالضبط، على إدماج تكنولوجيا الإعلام والاتصال، والانفتاح على المجتمع.
ومن أجل أن تحقق المؤسسة القضائية تموقعا إيجابيا في المجال العمومي، لا يكفي، يقول مؤلف الكتاب، أن تحكم العدالة بالحق، بل ينبغي أن يُنظر إليها من طرف الرأي العام على أنها تحكم بالحق، ومن هنا أهمية التواصل الذي يؤسس انطلاقا من أحكام العدالة ضمانات لتعزيز ثقة المواطن في النظام القضائي، ومن هنا أيضا الحاجة إلى تمكين وسائل الإعلام من نقل حقائق المؤسسة القضائية، والحاجة إلى تمكين الجمهور من المعلومة اللازمة لفهم إجراءات وقرارات العدالة.