إنها حرب على المخيمات.. تدميرها في غزة والضفة.. وتفكيكها في الدول العربية!

إن النص الذي كثيراً ما يُستشهد به في النقاش حول المشروع الصهيوني هو مقال زئيف جابوتنسكي (الجدار الحديدي) الذي نُشر عام 1923، والذي تضمن لجوء الصهيونية إلى العنف ضد العرب بتجريف المكان! كون الصهيونية مشروعاً استعمارياً هدفه ترسيخ اليهودية في الإقليم والمنطقة العربية!
بالتأكيد المشهد ليس عادياً! ولا يتطلب كثيراً من الثقافة السياسية! والمؤشرات لا تحتاج محللاً عبقرياً كي يقرأها فهي واضحة! إلا من كان في غيبوبة عدم الفهم! ولا يهم لنا هنا أن نعرف متى بدأت المؤامرة على فلسطين وشعبها أول مرة، ولا كيف! ولا من هم أبطالها! فقد تمت العملية بنجاح وانتهى الأمر!
إنها حرب شرسة على المخيمات في غزة والضفة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تجاوزت في أهدافها البعد العسكري من قتل وتدمير إلى ما هو سياسي بعيد المدى! فـ هي حرب على المكان والرواية والتاريخ لضرب رمزية المخيمات كحاضنة شعبية لحق العودة، أحد أبرز حقوق الفلسطينيين الغير قابل للتصرف.
خطة تصفية قضية فلسطين وشعبها لم تتوقف حتى اللحظة! فما بعد غزة (والضفة الغربية لاحقاً) هناك إجابات حاضرة لأسئلة غائبة وهي: ان صفقة القرن لازالت سارية المفعول ويتم الآن تنفيذ ما تبقى من بنودها حرفياً، وإنهاء دور UNRWA وإلغائها بشكل كامل كغطاء أممي وقانوني! فهي الشاهد الكبير على نكبة الفلسطينيين!
ad
تعدّدت أسباب تدمير المخيمات الفلسطينية في غزة والضفة، وليس صدفة ان يتم تحويل مخيمات شمال الضفة الغربية إلى غزة صغرى! والأمر لن يتوقف بل سيطال كافة مخيمات اللجوء في الدول العربية! بتفكيكها وافراغها من سكانها! وبناء مدن جديدة لهم في المناطق التي يعيشون فيها! ودمجهم في هياكل سياسية واقتصادية!
الهدف واحد! وهي فكرة مرتبطة أساساً بمشروع تصفية القضية الفلسطينية، فـ إسرائيل ترغب في محو الشاهد على فاشيّتها ونازيّتها! والخطة التي يتم تنفيذها الآن تنُص على تدمير مخيمات اللجوء في غزة والضفة بمحوها وإلغاء شكلها ومصطلحها! وتحويل القضية إلى مسألة اقتصادية خاضعة لـ صناديق مالية معينة،،، فإذا أصبحت المخيمات في غزة والضفة غير صالحة للعيش، فإن سكانها سيجبرون على هجرها! وهذا ما تخطط له إسرائيل.
معروف انه كلما تغيرت الخريطة تغيرت معها أدوات الصراع! لكن ما لا يدركه كثيراً من القادة العرب ان خرائط العنف والتدمير والتهجير التي تُرسم حالياً ليست لإفراغ أزمة اللجوء الفلسطيني من محتواها فحسب! بل لإعادة صياغة خارطة سياسية وجغرافية وديموغرافية جديدة في المنطقة.
الأردن اليوم يتعرض لوضع اقتصادي متردٍ! وهناك محاولات لإضعاف دوره وهيبة الحكم فيه! وإشغاله بـ تحدياته الاقتصادية،، وتفتيت جبهته الداخلية! ولأسباب تتشابك فيها الجغرافيا مع السياسة! هناك تساؤلات تتأرجح بين حقيقة ما حدث وما سيحدث لاحقاً، حيث بدأنا نسمع ولأول مرة عن مصطلحات ذات أبعاد معقدة يتداخل فيها السياسي والاقتصادي والديموغرافي، دون الانتباه لـ حمولتها المعرفية والسياسية! لأنها وُظّفَت توظيفاً عائماً غائماً! وصلت الى تراشقٍ على وسائل التواصل الاجتماعي بإسقاط كلمة الأردنية من إسم المملكة الأردنية الهاشمية! وإلى أشياء مُبهمة أخرى كتأسيس الشركة الأردنية لتطوير المدن والمرافق.
صدقوني أن هذه الحرب الطاحنة في غزة وبعض من أرجاء الضفة لا تستهدف مجموعة معينة كما تحاول وسائل الإعلام الغربية تصويرها! بل هي حرب تستهدف مخيمات اللجوء الفلسطينية وتدميرها ومحوها بالكامل كونها الشاهد على جرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين.
كاتب اردني