الأحزاب المغربية فقدت استقلاليتها وتحولت إلى « واجهات » لحزب واحد

حذر أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، محمد الساسي، من فقدان الأحزاب السياسية المغربية لاستقلالية قرارها، مؤكداً أن المشهد الحزبي الحالي يعيش « تعددية شكلية تخفي واقع حزب واحد بأسماء مختلفة »، في إشارة إلى انصهار المكونات الحزبية في ظل هيمنة القرار المركزي.
وجاء كلام الساسي خلال ندوة نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني تحت عنوان « السياسة اليوم: أزمة فعل أم أزمة صورة؟ »، حيث اعتبر أن التبعية للنظام طغت على استقلالية الأحزاب، وهو ما أدى إلى « شبه إجماع غير معلن » بين مختلف التيارات السياسية على القبول بمركزية الملكية في ممارسة السلطة، دون مساءلة أو معارضة حقيقية.
وقال الساسي إن هذا التحول بدأ بشكل واضح منذ سنة 1996، حيث فقدت الأحزاب تدريجياً دورها كفاعل سياسي مستقل، وأصبحت تلعب أدواراً شكلية في مشهد سياسي مغلق، مضيفاً: « لم نعد أمام تعددية حقيقية، بل تعددية في الشكل تعيد إنتاج نفس المنطق السياسي تحت عناوين مختلفة ».
وفي تحليله التاريخي لمسار الأحزاب المغربية، أوضح الساسي أن الحياة الحزبية مرت بعدة تحولات؛ بدأت بتأسيس الفضاء السياسي الحديث في أربعينات القرن الماضي، ثم انتقلت إلى مرحلة التجاذب والصراع مع الملكية بعد الاستقلال، قبل أن تدخل في مرحلة صدام مكشوف وتهميش خلال السبعينيات، أعقبها انفتاح نسبي سُمّي بـ »الانتقال الديمقراطي »، لتنتهي إلى وضع تتلاشى فيه الأدوار الحقيقية للأحزاب تحت هيمنة القرار المركزي.
واعتبر الساسي أن أزمة السياسة في المغرب ليست فقط أزمة صورة أو تمثيل، بل أزمة سلطة حقيقية، حيث بات واضحاً أن الحزب السياسي، وفقاً للمنطق الديمقراطي، يفترض أن يصل إلى الحكم، لكن في السياق المغربي، لم تعد الأحزاب تملك أي سلطة فعلية، وهو ما « يفقدها مبرر وجودها كمؤسسات تمثيلية ».
واختتم الساسي مداخلته بالقول إنه « إذا كانت السلطة تتمركز في موقع واحد خارج الإطار الحزبي، فلماذا نحتاج إلى تعددية حزبية أصلاً؟ ».