الأزمة الاجتماعية بالبلاد نتاج نسيج اقتصادي يسوده الريع والاحتكارات والتفاهمات
قالت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن الأزمة الاجتماعية التي تعيشها البلاد هي نتاج طبيعة النسيج الاقتصادي الذي يسوده الريع والاحتكارات والتفاهمات بين الفاعلين، جراء ما وصفته ب » التواطؤ وضعف ومحدودية آليات المراقبة واختلالات النظام الاقتصادي، التي تعود في جزء كبير منها إلى إشكالية زواج المال بالسلطة وانتشار الفساد وتغوله واستمرار الاستبداد وغياب الديمقراطية الحقيقية والتضييق الممنهج على الحريات في التعبير و الاحتجاج ومحاربة الحريات النقابية بتوظيف السلطات المحلية والقضاء.. ».
وأكد المكتب التنفيذي لCDT، على هامش اجتماع للمجلس الوطني عقد الأحد بالبيضاء، أن أخطر ما تعيشه البلاد اليوم هو العجز عن ضمان الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الطاقي، في ظل استمرار تعطيل تشغيل مصفاة لاسامير رغم نضالات النقابة الوطنية للبترول والغاز ومراسلات المكتب التنفيذي لرئيس الحكومة في الموضوع، مما يشكل تهديدا حقيقيا في المستقبل خاصة في ظل توالي الأزمات على الصعيد الدولي، والتي من المؤكد أن حدتها ستزداد خاصة في ظل تصاعد الخصاص في المواد الغذائية نتيجة التغيرات المناخية وارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق وعدم استقرار معدلات الفائدة من طرف البنوك المركزية مما سيؤثر على مديونية الدول الفقيرة وعلى أوضاعها الاقتصادية بشكل عام.
وقالت النقابة، « نعتقد جازمين، وليس خطابا شعبويا كما يدعون، أو مبالغة في القول بأن البلاد في وضع اجتماعي صعب ومأزوم وأن الوطن والمواطنين في محنة ( البطالة الفقر والهشاشة القدرة الشرائية ومديونية الأسر إغلاق المقاولات وتسريح العمال، ارتفاع حجم الفساد والتهرب الضريبي، التفاوتات الاجتماعية والمجالية…..).
وأضاف المكتب التنفيذي منتقدا، « إذا كانت الحكومة والمستفيدون من الأزمات، كما وقع خلال مرحلة الكوفيد، وأيضا من الأوضاع الحالية، لا يحسون بهذه الأزمة ويتغنون جميعا بتحسن الأوضاع، فإنهم بالتأكيد يتحدثون عن أوضاعهم ومستوى الثراء وتمركز الثروة لديهم، فأصبحت حياتهم غير حياة المواطنين ومستوى معيشتهم غير مستوى معيشة الشعب المغربي.
تحليل النقابة للوضع الاجتماعي، كشف ضعفا وتفككا في الروابط بالمجتمع ومن تم فالطبيعي أن يزداد فقدان الثقة، وتزداد هوة التناقضات الاجتماعية والمجتمعية، ومظاهر الاستفزاز بين الغنى والفقر على مستوى الأسباب وعلى مستوى الشرعية، وخاصة عندما تقدم الدولة استقالتها المتوالية في العديد من المهام والأدوار لصالح لوبيات المال، وعندما تعمل على إضعاف الحقل السياسي وتغييب كل الأصوات المستقلة المعارضة وإفساد النخبة السياسية وضرب صورة المؤسسات التمثيلية، حتى لا يبقى إلا صوت ورأي الدولة وهمها الأمن العام.
وتشدد قيادة CDT، في هذا السياق، أن الأمن الغذائي والمائي وأيضا الثقافي والسياسي مهدد، وسيظل مرشحا لكل الاحتمالات، لأن قدرة الدولة وهيبتها لا تكمن في السيادة المطلقة، بل قوتها محكومة بروابطها للأمن الاجتماعي، أما الأمن العام فليس إلا نتيجة.
واعتبرت النقابة على هامش انعقاد مجلسها الوطني، أن الحاجة ملحة اليوم لتفعيل الديمقراطية الحقيقية من خلال إصلاحات سياسية حقيقية تضمن مشاركة أوسع من المواطنين.
وقالت النقابة أيضا، إن تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة الديمقراطية الحقيقية ليست مسألة إجراء انتخابات، بل هي ضرورة اجتماعية تساهم في بناء مجتمع مستقر وعادل ومن شروطها الأساسية فصل السلط وربط القرار السياسي والاقتصادي بصناديق الاقتراع عبر مؤسسات مستقلة وقوية تعبر عن الإرادة الشعبية وضمان الحقوق والحريات.