حلقات بودرقة.. قصة بحث غريبة عن مصير الشاب اللبناني المجهول أبو فادي الذي توفي في سجن سري ودفن بجوار سد

يواصل مبارك بودرقة عضو هيئة الانصاف والمصالحة، حكاية قصص مثيرة لضحايا الاختفاء القسري خلال سنوات الرصاص التي عرف فيها المغرب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
في هذه الحلقة يتحدث عن قصة شاب لبناني يدعى “أبو فادي” لقي حتفه في سجن سري ووري الثرى بجوار أحد السدود في قبر وحيد.
لم يرد اسم أبو فادي في لوائح المفرج عنهم أو لوائح المتوفين، ولم تتلق هيئة الانصاف والمصالحة أي طلب من أحد أقاربه بشأن معرفة مصيره، فقررت من تلقاء نفسها التحري عنه.
ملف هذا الشاب وصفه بودرقة بــ”الظاهرة”، بالنظر لتداول اسمه ضمن شهادات الذين عايشوه في مراكز الاحتجاز التعسفي، ومن ذَلك شهادة عضو الهيئة لطيفة اجبابدي التي أفادت بأنها مازالت تتذكر هذا الشاب عندما كانت معتقلة بدرب مولاي الشريف بالدار البيضاء، كما تضمنت شهادة مجموعة بنو هاشم معطيات حول مرور هذا الشاب في معتقلي اكدز وقلعة مكونة بورزازات.
يقول بودرقة في حديث مع “طرحنا الملف على وزارة الداخلية التي أكدت لنا بأنه تم اعتقال أبي فادي رفقة شخصين هما بهلول الذي ينحدر من ليبيا والعلوي، وتم تنقليه بين عدة معتقلات سرية إلى حين وفاته ودفنه في قبر بجوار سد المنصور الذهبي بعد وضعه تحت مراقبة حراس هذا السجن”.
وأضاف بأنه بعد الاستماع الى حراس هذه المنطقة وبعض الشهود، تأكد بأنه عقب اطلاق سراح معتقلي قلعة مكونة، بقي منهم ثلاثة أشخاص بينهم هذا الشاب اللبناني ومحمد البهلول الليبي والعلوي المغربي تقرر نقلهم الى هذا السد بالنظر الى توفره على حراسة دائمة، وفيما بعد تم ترحيل الليبي واطلاق سراح المغربي فيما تم الاحتفاظ باللبناني وهو ما تسبب في تدهور حالته النفسية واسودت الدنيا في عينيه ليستسلم للموت سنة 1992، بعدما قضى 16 سنة في الاعتقال التعسفي السري، ولم تفلح محاولات الحراس مواساته بمرافقته لاصياد السمك بالسد.
وتوصلت الهيئة إلى أن الإسم الكمال لهذا الشاب الذي اعتقل وهو في سنة 26، هو امحمد بن أحمد عباس المراكشي، ولوجود لفظتي “بن” و”المراكشي” في اسمه طرحت الهيئة فرضية أن تكون فيه “ريحة المغرب”، فراسلت سفارة المغرب في لبنان، ليأتي الرد بأن هذا الشاب رحمه الله من أب مغربي اسمه أحمد المراكشي وأم لبنانية، له أخت تسمى عليا المراكشي تشتغل طبيبة في ألمانيا، وأخ اسمه إبراهيم المراكشي رجل أعمال في لبنان.
ربطت لطيفة اجبابدي الاتصال بشقيقته، وعرضت عليها ملف أبي فادي، وبأنه ليس هو الوحيد الي تعرض لهذه المعاناة، بل عانى من ذلك مئات المغاربة خلال سنوات الرصاص.
تم تخيير أسرة أبو فادي بين نقل جثمانه إلى لبنان أو دفنه في المغرب، وبعد تشاور قررت الأسرة دفنه في مقبرة قلعة مكونة لكي لا يبقى قبره وحيدا بجوار السد.