مرسوم مرتقب سيحد من ارتفاع أسعار الأدوية وننفذ مشروعا لتأمين اللقاحات

قال أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعـية، إن أسعار الأدوية لا تزال تمثل عبئاً ثقيلاً على كاهل الأسر وعلى منظومة الحماية الاجتماعية، مشيراً إلى أن نفقات تعويض الأدوية ارتفعت بنسبة 31% ما بين سنتي 2022 و2024، وهو ما يشكل ضغطاً مباشراً على الميزانيات العمومية، خاصة بعد تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، كاشفا أن وزارته اشتغلت على هذا الورش في إطار مقاربة تشاركية واسعة شملت أكثر من 30 اجتماعاً مع الفاعلين المعنيين، من فيدراليات صناعية وهيئات الصيادلة وصناديق التأمين، وتم التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح، عند المصادقة عليه، بخفض ملموس في أسعار الأدوية، وتحقيق نوع من التوازن بين حماية المستهلك وتحفيز التصنيع المحلي.
الوزير التهراوي أشار أيضا خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس النواب أمس، إلى إحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية بموجب القانون 10.22، والتي ستمثل حجر الزاوية في ترسيخ السيادة الدوائية، من خلال إشرافها على تنفيذ الإصلاحات الجديدة، ومواكبتها بورش رقمي طموح يهم رقمنة التراخيص والإجراءات، مع اعتماد الذكاء الاصطناعي في تقييم الأبحاث السريرية، وإطلاق منصة متكاملة للتتبع والدفع والتوقيع الإلكتروني، لفائدة كافة الفاعلين في القطاع.
وأوضح أن الوكالة تستعد لإحداث مرصد وطني للأدوية كآلية استراتيجية لرصد الأسعار وتوقع الانقطاعات وتحليل دينامية السوق، مشدداً على أن الهدف من ذلك هو دعم القرار العمومي المبني على المعطيات الدقيقة، وضمان شفافية وتوازن السوق الدوائية على الصعيد الوطني.
ومن جانب آخر، كشف الوزير عن مشروع إحداث منصة لوجستيكية وطنية موحدة لتموين المؤسسات الصحية العمومية بالأدوية والمستلزمات الطبية، تستجيب لحاجيات المجموعات الصحية الترابية، مع تقليص الهدر الناتج عن الانقطاعات أو انتهاء صلاحية الأدوية، والذي يمثّل خسائر سنوية مرتفعة ضمن ميزانية قدرها 3,6 مليارات درهم. وسيتم تفعيل هذا النظام بشكل تدريجي خلال 18 شهراً.
أما بخصوص تعزيز السيادة اللقاحية، فقد أعلن التهراوي عن انطلاق مشروع « ماربيو » بمدينة بنسليمان لتغطية 100% من حاجيات برنامج التلقيح الوطني بحلول 2027، مشيراً إلى توقيع عقود تموين مع الشركة تتعلق بثلاثة لقاحات رئيسية تشمل المكورات الرئوية والسحايا واللقاح السداسي، مع تخصيص أكثر من مليار درهم لتأمين 5,4 ملايين جرعة خلال سنتي 2025 و2026.
وأشار الوزير إلى أنه يتابع هذا الملف بشكل مباشر، حيث تم إحداث لجنة علمية خاصة لتحيين الجدول التلقيحي الوطني والمصادقة على اللقاحات الأولى المصنّعة محلياً، موضحاً أن الشركة شرعت فعلياً في عملية الإنتاج، ومن المرتقب أن تزوّد المنظومة الصحية بأول دفعات اللقاحات قبل نهاية 2025.
وأكد الوزير، أن الحكومة جعلت من إصلاح نظام تسعير الأدوية خياراً سيادياً ومسؤولاً، يتجاوز الطابع التقني نحو بُعد اجتماعي واقتصادي عميق، يرمي إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، وتحقيق الإنصاف في الولوج للدواء، وتحفيز الاستثمار الوطني في قطاع استراتيجي.
وأضاف أن هذا النموذج الجديد يعتمد على مبادئ مبتكرة، من بينها تقليص آجال مراجعة الأسعار، تنزيل الإصلاح تدريجياً لضمان الاستقرار، الحفاظ على الأدوية منخفضة السعر، وتشجيع الإنتاج المحلي. وكشف أن مشروع هذا المرسوم بلغ مرحلته النهائية وسيُعرض قريباً على مسطرة المصادقة داخل مجلس حكومي مرتقب.
وأكد أن هذا المسار لم يكن سهلاً، بل تطلب جهداً تفاوضياً كبيراً لتقريب وجهات النظر، مضيفاً أن المقاربة المعتمدة في هذا الإصلاح اختلفت جذرياً عن سابقاتها، من حيث شموليتها القانونية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية، مشيداً في الوقت ذاته بانخراط جميع الشركاء في هذا الورش وحرصهم على تغليب المصلحة الوطنية.
وشدد أمين التهراوي على أن هذا الورش العميق، لا يعالج فقط اختلالات ظرفية، بل يؤسس لنموذج وطني دوائي ولقاحي جديد، يرتكز على السيادة والشفافية والتصنيع المحلي والتوزيع العادل، ضمن رؤية استراتيجية تضع صحة المواطن وكرامته في صلب الأولويات.