هل المغرب في حاجة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار لقيادة الحكومة مستقبلا ؟

صرح محمد أوجار، القيادي ومنظر حزب التجمع الوطني للأحرار في القضايا السياسية والتنظيمية، بأن المغرب في حاجة إلى استمرار حزبه لقيادة الحكومة في الاستحقاقات المقبلة لسنة 2026، من أجل استكمال مسلسل الإصلاحات، الذي دشنه، وبأن عدم ظفره بالمركز الأول في التشريعيات القادمة، سيكون بمثابة كارثة على المغرب.
هذا التصريح، ينطوي على مغالطات حقيقية، وتضليل غير مسبوق، علما أن مسار الرجل، منذ مرحلته الطلابية بكلية الحقوق بوجدة، اتسم بالذكاء والموازنة بين، النضال الناعم، ونسح علاقات مع الإدارة، وهو ما طرح تساؤلات مشروعة في الأوساط الطلابية في تلك المرحلة (بداية الثمانينات) التي كانت تتسم بمد اليسار في الجامعة المغربية.
أن الرجل كان يتقن فن توزيع الانتماء والخدمة بين الإدارة وأوطم ( الاتحاد الوطني لطلبة المغرب) بذكاء وببراعة، وهو ما سمح له بأن يربط علاقات متنوعة وملتبسة مع اليسار واليمين والإدارة، ليختار بعد نيله شهادة الإجازة في الحقوق، الانحياز والانخراط بشكل رسمي وعلني في صفوف حزب حزب التجمع الوطني للأحرار، وربط علاقات مباشرة مع مؤسس الحزب، أحمد عصمان ذي الأصول الوجدية، بعد فترة من الاشتغال في الصحافة بجريدته بوجدة، ليلتحق بحريدة الميثاق لسان حال الحزب بالرباط، كما اشتغل بالبرلمان.
وبرز نجم محمد أوجار في وقت كان فيه حزب التجمع الوطني للأحرار يعاني من أزمة الأطر، واستطاع أن يفرض نفسه كمنظر سياسي وضابط للتنظيم الحزبي، بدعم من الأستاذ أحمد عصمان أحد أبرز رجالات الدولة.
ولا عيب، في أن يتخذ الرجل قراره السياسي والانتماء لحزب التجمع الوطني للأحرار، والإعلان عن قناعته في اعتناق مذهب وعقيدة الحزب الليبرالية، خاصة وأن الوزير السابق يتميز بخصال المهادنة وبروح مرنة، يضمر ما لا يظهره، لا يقول لا، ولا يقول نعم دائما، شخصيته تقول بأنه ليس شخصا متشددا ومتعصبا ودوغمائيا، بل رجل سلم وحوار، براكماتي وهو ما أعطاه ميزة لا يملكها غيره من أطر حزبه، مكنته من الاستمرار في التموقع السياسي والتنظيمي، وأن يحظى بعطف من الدولة الرسمية.
ونظرا للتجربة التي راكمها الرجل، فإنه لا يتردد في الإعلان عن مواقف غير مألوفة أحيانا في معجم حزب التجمع الوطني للأحرار، وهي ميزة لا يملكها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بالنظر إلى طبيعة تكوينه ومساره الشخصي ومركزه الاجتماعي والطبقي ( رجل أعمال)، الذي تم استقدامه من عالم المال والأعمال، وتعيينه على رأس حزب التجمع الوطني للأحرار، بعد ما تبين للدولة العميقة، أن السيد مزوار، لم يعد مرغوبا فيه لاستنفاده المهام التي كانت موكولة إليه وانتهاء صلاحيته السياسية.
لكن، أن يعلن محمد أوجار، بأن المغرب في حاجة إلى استمرار حزب التجمع الوطني للأحرار في قيادة الحكومة من أجل استكمال الإصلاحات، هو كلام غير مسبوق في تنظيرات الوزير السابق، ولا يعبر عن الحقيقة، أمام تزايد الفقر، والبطالة، والتضخم، وعجز الميزانية، واختلال ميزان الأداءات والميزان التجاري، الإخفاق الذريع للمخططين الأخضر والأزرق، انهيار المنظومتين الصحية والتعليمية، المديونية الخارجية غير المسبوقة، إلخ.
الأستاذ محمد أوجار، ألم تراودكم تساؤلات مركزية، من قبيل، هل حقا أن حزبكم قد حصل على أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب برسم انتخابات 2021 ؟ وهل تم ذلك وفقا للأصول والقواعد المؤطرة للانتخابات؟ وهل كانت الحصيلة نتيجة انتخابات حرة تنافسية شريفة وشفافة، أم أن الأمر ليس كذلك؟ الجواب لكم، أما نحن نعرف الحقيقة، ولو في حدها الأدنى.
إن المغرب، في حاجة إلى إصلاحات حقيقية، لا تقودها أحزاب الإدارة، لأنها غير مؤهلة تاريخيا وسياسيا لإحداث التغيير الذي ينشده المغاربة، بالنظر إلى بؤس الحصيلة الحكومية بقيادة حزبكم، ولذلك أعتقد وبشكل موضوعي، دون تحامل، بأن مغرب 2026، ليس في حاجة إلى إعادة تجربة 2021، ولا التجارب السابقة، بل هو معني بانتخابات نزيهة، تقطع مع الريع وتوزيع المال على الناخبين، وإلى ديمقراطية حقيقية وإلى حماية الحقوق والحريات، كما أن المغرب السياسي في حاجة إلى هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات يتم إحداثها بمقتضى قانون.
ومن أجل اختبار نوايا حزبكم الإصلاحية، يجب عليكم أن تبادروا اليوم قبل الغد، إلى تقديم اقتراح بتعديل وإصلاح المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات، ومن أهمها تقديم مشروع قانون لإحداث الهيئة الوطنية المستقلة للإشراف على الانتخابات، تتمتع باختصاصات وصلاحيات كاملة، تتكون من شخصيات مشهود لها بالنزاهة والاستقامة والاستقلالية ويرأسها رئيس الغرفة الإدارية بمحكمة النقض.