الضرر المعنوي أخبار السعودية
إن صدور هذا النظام الذي يتكون من 721 مادة، ويبدأ العمل به بعد 180 يوماً من تاريخ نشره، جاء بمثابة حلقة ممتدة في سلسلة التحول النوعي في وجه الحياة الاجتماعية السعودية أو كما قال ولي العهد: «نريد بناء حضارة جديدة للغد». وإنه من صميم التحضر الإنساني بالفعل هو العناية الفائقة بالإنسان بشقيه المادي والمعنوي، ولعل أكثر ما استوقفني في هذا النظام المدني الرصين ثبوت حق التعويض عن الضرر المعنوي. والذي يعرف بالمجمل بأنه كل أذى يصيب الإنسان في مصلحة غير مادية كالعرض والشرف والتخويف بغير حق، وقد نص في النظام بالمادة الثامنة والثلاثين بعد المائة شمول التعويض عن الضرر المعنوي ويشمل ما يلحق الشخص ذا الصفة الطبيعية من أذى حسي أو نفسي، نتيجة المساس بجسمه أو بحريته أو بعرضه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي، وتقدر المحكمة الضرر المعنوي الذي أصاب المتضرر وتراعي في ذلك نوع الضرر المعنوي وطبيعته وشخص المتضرر.
احترام المشاعر والحدود هو عنوان المرحلة، والتوعية اليوم لازمة داخل المنازل وخارجها لضرورة ضبط النفس والتوقف عن السلوكيات العشوائية التي يمارسها البعض عن حسن نية، ستصبح كلمة (آسف) متلازمة في السلوك الاجتماعي الحديث بخلاف العنجهية والغطرسة التي كانت لدى البعض أو التعامل المهين مع المستضعفين أو الأقل سلطة. مهم جدّاً أن تعاد تهيئة الأنظمة المدرسية أيضاً، وأن تكون هناك مبادرات وحملات توعية للجيل الجديد ليس برؤية وطنهم وحسب، بل بما يقتضي أن يكون عليه المواطن السعودي اليوم. كتبت قديماً عن إهمالنا الثقافي المتراكم لقيمة الشعور، وكيف تتجاهل العديد من الدراسات المحلية فكرة المعنى وصناعته، اليوم في ظل هذه التطورات والأنظمة أجدد مقترحاتي لعلها تصل لمن يهمهم الأمر وأصحاب القرار لتحريك التقنية وتسخير العقول المبدعة في إنتاج محتوى يشرح ببساطة معنى (الضرر المعنوي).
أخيراً، نحن بشر نؤثر ونتأثر ونسعد ونحزن من المهم أن نتلطف بالناس ونتلمس لهم العذر ولأنفسنا أيضاً، الصحة النفسية أمانة وهي اليوم حاضرة وأصبحنا نلاحظ تغير الوعي والإقدام على معالجة المشكلات بشكل أفضل من السابق، بل أجد أن هذا التضمين المهم للجانب المعنوي هو حجر الزاوية لأخذ الحالة النفسية على محمل الجد!، حيث سيكون هناك تقييم نفسي للأضرار، نعم المسألة وصلت للمحكمة، ولا عذر اليوم للوقاحة والصراحة الجارحة والإهانات المعنوية التي قد يطلقها صاحبها باستهتار ولا يهتم بتبعاتها، قلوب الناس ليست للعبث وكرامتهم محفوظة ومصانة قديماً وحاضراً، لكن الفارق اليوم أنه لا عذر للاجتهادات ولا عذر للجهل، بل لا يليق أن يجهل البالغون ما لهم وما عليهم، والحمد لله على سابغ فضله وعظيم كرمه وجوده وإحسانه، وعيدكم مبارك.