الفراق الصعب والوداع الحزين (أسامة شبكشي)
تتقلب بنا المشاعر والظروف والأحداث لكن لا شيء أكثر ألماً وحزناً من فقد إنسان متفرد بوفائه وعظيم سجاياه.
ودّعنا بالأمس القريب بقلوب مؤمنة راضية بقضاء الله، فقيدنا الكبير معالي الأستاذ الدكتور أسامة شبكشي رحمه الله وأعلى درجته في عليين، والحمد لله على ما قدر وقضي والحمد لله دائماً وأبداً..
(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً)، وأجدني ودعت بكل الألم والحزن أخي الكبير وتوأم روحي وصديقي العزيز الذي اختاره الله عز وجل في يوم فضيل من أيام شهر الصوم الكريم ولا أملك له إلا فيض الدعاء بواسع المغفرة والرحمة..
وما من أحد إلا ويعايش مرارة الفقد في عزيز عليه.. لكن الفقد هنا مختلف لأن الفقيد كان مختلفاً في كل شيء ومختلفاً عن أي شيء..
كان رحمه الله شخصية فريدة علماً وخلقاً وسمتاً وعمقاً وتعاملاً..
تعلمت منه على مدى ثلاثين عاماً ما لا يمكن تعلمه في أي جامعة أو أي مركز علمي.. اكتسبت منه العلم والخبرة في رحاب جامعة الملك عبد العزيز ثم في رحاب وزارة الصحة ثم كل الوقت الثمين الذي لازمته فيه إلى ما قبل الرحيل، تعلمت منه فنون الإدارة وعدم اللجوء لقبول أنصاف الحلول، علمني كيفية إدارة الوقت، علمني كيف أخطط لوضع الهدف وتحقيقه بأقل التكاليف وأقل الجهد، علمني كيف نعمل كفريق واحد.
توارى جسده في التراب فتجسدت كل الذكريات وظننت لوهلة أن ذكريات الماضي قد تخفف الألم وتجبر المصاب وتسد بعضاً من فراغ كبير أحدثه رحيله وإذ بها تعمق الفقد وهي تُبين عن أي رجل عظيم رحل! رجل بذل نفسه ووقته وصحته لوطنه وأبناء وطنه طوال مسيرته العملية.. أستاذاً أكاديمياً فعميداً للطب ثم مديراً لجامعة كبرى ثم وزيراً لوزارة شائكة ثم سفيراً لدولته في دولة محورية حاملاً للثقة الكريمة في كل المواقع خادماً لمليكه وأبناء وطنه في كل المواقع.. منهجه الثابت مراقبة الله الدائمة والحرص على تحقيق أعلى المكتسبات..
ومن وسط الأحداث الصعبة ندرك بعض الحقائق فقد أدركت حقيقة المكانة العظيمة للراحل في قلوب الناس وفي كل الأوساط الاجتماعية والناس شهود الله في أرضه.
رحم الله الفقيد الكبير الذي عرف بحرصه وصلابته في تحقيق الأهداف لكنه الحرص الممزوج بروحه الشفافة الرقيقة التي يعرف حقيقتها كل من عرفه عن قرب..
تلك النفس الطيبة التي امتلأت رحمة وإنسانية وعاطفة جياشة، على غير ما كان يبدو للناس.. رحمه الله وغفر له.
وإن كان قد غاب عنا بجسده فإنه باقٍ فينا بأعماله الخالدة الحاضرة على الدوام.
لم يعد بأيدينا إلا الصبر الذي أمر الله به عباده الصابرين.
لكننا لا زلنا نملك الدعاء الصادق بحجم صدقنا في الحب وبحجم عمق الألم الذي يتعصرنا كل ما ذكرناه.
ختاماً أعزي نفسي في كبير فقدها وعزاء النفس بالصبر والتصبر؛ وأقدم التعازي أصدقها وأخلصها للأخ العزيز السفير فوزي شبكشي، وابنته الغالية مايا شبكشي، وزوجته المصونة الدكتورة هيفاء اليافي، وكافة أفراد أسرتهم وإلى كل أصدقائه ومحبيه.