المقارنة بين الموارد الفضائية والموارد في أعالي البحار العميقة أخبار السعودية

عند عقد المقارنة بين الموارد الفضائية والموارد في أعالي البحار العميقة الخاضعة لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS) لا يمكن القياس بين الموارد في أعالي البحار والموارد الفضائية، كما أن حجة (امتلاك الأسماك وليس البحر) لا يمكن تطبيقها على الموارد الفضائية، فالأسماك كائنات حية بإمكانها التكاثر مما يحافظ على نوعها، فهي قابلة للتجديد، أما الموارد الفضائية فهي غالبا ما تكون معادن تنضب بمجرد حصادها ولا يمكن تجديدها، وبالتالي فإن القول بتشابه الموارد الفضائية مع الموارد في أعالي البحار لا يعد دقيقاً.
ولعل النظام الأقرب للمقارنة هو نظام قاع البحر العميق الذي تعود سلطة إدارته للسلطة الدولية لقاع البحار (ISA) المسؤولة عن تنظيم جميع الأنشطة في قاع البحر والسيطرة عليها بما فيها التعدين واستخراج الموارد منها، فطبقاً لنظام «ISA» تتقاسم الدول المنافع المالية من التعدين في قاع البحر، حيث يعتبر قاع البحر من التراث الإنساني المشترك.
مسألة فعالية القوانين الوطنية لا تزال غير واضحة في ظل الغموض المحيط بمسألة تعدين الفضاء الخارجي في القانون الدولي. وبالنظر للصعوبات التقنية والقانونية التي تواجه إشكالية تعدين الفضاء الخارجي، سيكون من المفيد عقد المقارنة مع الوضع الحالي للقارة القطبية الجنوبية، حيث نجحت الآلية التي وضعتها اتفاقية (أنتاركتيكا) في تنظيم مهمة كانت شبه مستحيلة، وهي تنظيم نشاط التعدين في إقليم لا تتفق فيه الدول على السيادة، وستكون مسألة وضع اتفاقية لتنظيم التعدين في الفضاء الخارجي أكثر سهولة نظراً للاتفاق الدولي على مبدأ عدم تملك الفضاء الخارجي المنصوص عليه في معاهدة الفضاء الخارجي.
وعلى الرغم من أن معاهدة الفضاء الخارجي تحظر الادعاء بالسيادة وملكية أي جزء من الفضاء الخارجي أو الأجرام السماوية الأخرى، فهي بالمقابل لا تضع أي حظر على تصرفات الدول في الفضاء، باستثناء حظر بعض الأنشطة المتعلقة بالاستخدام العسكري والعدواني للفضاء من جهة، ومبدأ عدم التخصيص من جهة ثانية، أي أن تكون أنشطة الدول في الفضاء لخدمة البشرية جمعاء، وبالتالي لا يوجد قيد صريح في معاهدة الفضاء يحظر أنشطة استكشاف الموارد في الفضاء الخارجي واستغلالها.
وعلى الرغم من كل ذلك، إلا أن هناك سوابق تاريخية تشير إلى أن المجتمع الدولي قد يكون مفتوحاً لتسويق موارد الفضاء، ففي عام 2004 أصدر المعهد الدولي لقانون الفضاء (IISL) بياناً يؤكد أن الاستيلاء الخاص على أجسام فضائية بأكملها محظور بموجب معاهدة الفضاء الخارجي، إلا أنه على الرغم من هذا الحظر أقر المعهد بحق الأفراد والشركات والمنظمات في ممارسة الأنشطة في الفضاء وفقاً للقانون الدولي وبمراقبة وإشراف من الدولة.
بالإضافة إلى ذلك قامت كل من الولايات المتحدة وروسيا بإزالة بعض الصخور والغبار من القمر دون مواجهة تداعيات قانونية، وتم بيع جزئيات صغيرة من القمر أعيدت من مسبار لونا (16) السوفييتي في مزاد علني مقابل 442,500 دولار، كما أصدر الكونغرس قانوناً في 2012 يسمح لرواد الفضاء الأمريكيين بامتلاك وبيع تذكارات حصلوا عليها من الفضاء.
واقترح للتخفيف من حدة إشكالية الادعاء بملكية الموارد في الفضاء الخارجي أن تتم الاستعاضة عن حق الملكية بحق الامتياز، بحيث تكون الجهة أو المؤسسة التي اكتشفت الموارد الفضائية وتوصلت إليها تتمتع بحق امتياز لاستغلال هذه الموارد والانتفاع منها، دون أن يصل الأمر إلى حد تملك هذه الجهة للموارد الفضائية، ويمكن تأسيس هذا الرأي على أساس أنه لا يتعارض مع مبدأ التراث الإنساني المشترك للفضاء الخارجي والأجرام السماوية ومبدأ عدم التملك في الفضاء الخارجي.
إلا أن الحل الأفضل لهذه الإشكالية يتمثل بتفعيل المادة الحادية عشرة من اتفاقية القمر والأجرام السماوية الأخرى، من خلال إنشاء سلطة دولية تتولى مسألة الإشراف والرقابة على استغلال موارد الفضاء الخارجي على غرار «ISA» تكون مهمتها تنظيم استغلال الموارد في الفضاء الخارجي لمصلحة البشرية.
أخبار ذات صلة