بكاء الأطلال على باب الأسرة أخبار السعودية
كنت أظن أن هذا الإجراء سوف يحد من تزايد طلبات (الخلع)، إلا أن ما حدث ما هو إلا حالة تنظيمية تدخل ضمن نظام الأحوال الشخصية، وقد سبق أن كتبت موضوعا عن تزايد طلب (الخلع).
وربما كانت مقالتي السابقة أشبه بالبكاء على الأطلال حينما حملت عجلة الحياة، وارتفاع تكاليفها، وتغير النمط الحياتي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، هو الذي أدى إلى التهاون مع بعض المشاكل الاجتماعية أو النظر إليها بنظرة متوازية من غير التقاء، بحيث تصبح الحجة أننا نرى المشكلة ونسايرها ونقر بما هي عليه من غير مواجهتها والبحث عن وسائل لإيقافها أو الحد منها. ولأن الأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع تتعرض إلى هزة عنيفة سوف تؤدي إلى تقويضها مع الأيام، والمرعب الذي يؤكد ذاك الاهتزاز هو حدوث حالة طلاق في كل عشر دقائق، وما نشر في جريدة اليوم، أن التقارير الإحصائية كشفت عن زيادة غير مسبوقة في معدلات الطلاق خلال عام 2022 في السعودية، وصلت لـ168 حالة يوميا، بواقع 7 حالات طلاق في كل ساعة، وبمعدل يفوق الحالة الواحدة كل 10 دقائق.
وإذا كانت نسبة الطلاق في ما مضى لها مسبباتها المحدودة التي يمكن للجنة إصلاح ذات البين أن تنجح في تذليل العقبات وإعادة المياه إلى مجاريها.. لكن الآن دخلت مسببات عديدة لحدوث الطلاق وخاصة بين الشباب، ومن خلال اطلاعي الخاص أسمع وأشاهد أن الشابين يحدث بينهما الطلاق بعد الزواج بعدة أشهر، والملاحظ أن الطلاق بين الشباب متأثر جدا بالجانب الاقتصادي ويلقى اللوم على الفتاة حين تجد أن متطلباتها الحياتية لا يستطيع الزوج تحقيقها، لتدني دخله، وشراهة ما تطلبه الزوجة الشابة (هذا سبب)، وهناك أسباب أخرى تشمل الزوج كونه يبدأ بالمقارنة بين زوجته ومشاهير الميديا، أو أن طرفي الزواج ليسا مؤهلين لتحمل المسؤولية والصبر والتكاتف لشق مصاعب الحياة.
وهناك ظاهرة أخرى في محركات أسباب الطلاق عند الفئات السنية الكبيرة والتي اسميها (بزمن الخلع)، حيث تكون السيدة الطالبة للخلع مبهورة بالانفتاح الاجتماعي وتريد الاستزادة بتلك المباهج، وتجد أن الزواج يعرقل هذه الرغبة (وهذه النوعية قليلة)، بينما تكون الأسباب المؤدية لطلب الخلع اكتشاف المرأة أن الزوج متعب (وهذه النوعية تتأرجح بين النسب المختلفة وفق ظرفية الزوجين)، وهناك نوعية ثالثة وهي التي استطاعت فيها المرأة أن يكون لها استقلال مادي، ومقدرة على الدفع المادي لأحداث الخلع.
أعرف أن كل انفتاح يؤدي إلى خلق مشاكل اجتماعية وهذا أمر طبيعي في كل المجتمعات، الفرق أن أي مجتمع يحدث فيه متغيرات اجتماعية كبرى تكون فيه مؤسسات حكومية أو خاصة معنية بمعالجة الأحداث الناتجة من ذلك التغير.. ويبدو أن تلك المؤسسات اكتفت بموازاة المشكلة من غير الالتقاء بها وجها لوجه ومعالجة أو تخفيف ارتفاع نسبة الأضرار الحادثة… ولأن ما مضى من قول هو البكاء على الأطلال، تصبح الحالة بحاجة إلى تأسيس مفاهيم جديدة تحمي كيان الأسرة من التبعثر السريع، ومرة أخرى يقع تأسيس المفاهيم الجديدة ملقاة على عاتق المؤسسات الاجتماعية مع شرطية مقدرتها على استخراج قوانين ملزمة تنجي الأسرة من التبعثر الحادث الآن.