تدمير «خاتم الصياد».. طِقْسُ الفاتيكان الذي يُنهي عهد البابا أخبار السعودية

في قلب الفاتيكان، حيث تتشابك التقاليد الدينية مع الرموز التاريخية، يبرز طِقْسُ تدمير «خاتم الصياد» أو «الخاتم البابوي»، كواحد من أكثر الطقوس رمزية في الكنيسة الكاثوليكية، وهو الطِقْسُ، الذي يُجرى عقب وفاة البابا، ويمثل لحظة فارقة تنهي حقبة بابوية وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة تُعرف بـ«الكرسي الشاغر».
ومع إعلان وفاة البابا فرانسيس (الإثنين) عن 88 عاماً، تتجه الأنظار إلى هذا التقليد العريق، الذي يحمل في طياته دلالات روحية وعملية عميقة، إذ يُعدّ «خاتم الصياد» رمزاً لسلطة البابا، مستمداً اسمه من القديس بطرس، أول بابا وفق العقيدة الكاثوليكية، الذي كان صياداً.
حمل الخاتم تصميماً فريداً يتضمن اسم البابا وصورة بطرس وهو يرمي بشبكة صيد، وكان يُستخدم تاريخياً لختم الوثائق الرسمية، وعند وفاة البابا، يتولى «الكاميرلينغو» المسؤول عن إدارة شؤون الفاتيكان خلال فترة الشغور، مهمة تدمير الخاتم باستخدام مطرقة خاصة تجمع بين الفضة والعاج، لتتحول هذه الواقعة التي تجرى بحضور عدد محدود من «الكرادلة»، من مجرد طِقْسٍ رمزي، إلى إجراء عملي لمنع أي تزوير أو استخدام غير شرعي للخاتم بعد انتهاء «الحبرية».
تاريخياً، كان تدمير الخاتم يُعدّ إشارة قوية لإنهاء سلطة البابا المُتوفى، إذ كان يُستخدم كختم رسمي للوثائق البابوية، وفي الماضي كان يُصنع الخاتم من الذهب الخالص، لكن البابا فرانسيس، المعروف ببساطته وزهده، اختار خاتماً من الفضة المذهبة، معبراً عن نهجه المتواضع، وهو ما أثار نقاشات حول كيفية تأثير شخصية البابا على التقاليد، لكنه لم يغير من جوهر الطِقْس: «تدمير الخاتم كخطوة أولى في انتقال السلطة».
أخبار ذات صلة
تُجرى مراسم تدمير الخاتم عادة في غرفة مغلقة داخل الفاتيكان، بعيداً عن أعين الجمهور، وتُسبق بإعلان وفاة البابا رسمياً في مقر إقامته، دار القديسة مارتا، بعد ذلك، يُنقل جثمان البابا إلى كاتدرائية القديس بطرس لوداعه خلال فترة حداد تمتد تسعة أيام، ويُعدّ هذا الطِقْسُ جزءاً من سلسلة بروتوكولات دقيقة تنظم انتقال السلطة، وصولاً إلى المجمع المغلق (الكونكلاف) لانتخاب البابا الجديد.
ومع وفاة البابا فرانسيس، الذي قاد الكنيسة منذ 2013، تتجدد الأسئلة حول مستقبل هذا التقليد، فقد أدخل البابا فرانسيس تعديلات على طقوس الدفن البابوية، مثل تبسيط «الليتورجيا» وإتاحة الدفن خارج كنيسة «البازيليك» الفاتيكانية، ما يعكس رؤيته لكنيسة أكثر عصرية، ومع ذلك يبقى تدمير «خاتم الصياد» رمزاً لا يتزعزع لنهاية عهد وبداية مرحلة جديدة، حاملاً معه إرثاً يمتد لقرون من الإيمان والسلطة.