اخبار السعودية

تواطؤ المدير والمسؤولية الجنائية أخبار السعودية

مسؤولية مدير الشركة عن مديونياتها في النظام السعودي من المواضيع التي تثير الكثير من التساؤلات خاصة عند الدخول في مرحلة التنفيذ القضائي، فرغم أن الأصل في الشركات ذات المسؤولية المحدودة أن ذمتها مستقلة عن ذمة الشركاء والمديرين إلا أن الممارسات الواقعية أفرزت حالات تتجاوز هذا المبدأ وتستدعي مساءلة المدير شخصيًا بل جنائيًا في بعض الأحيان.

النظام السعودي أرسى ضوابط واضحة لمسؤولية المديرين، فبحسب نظام الشركات المدير لا يُسأل عن ديون الشركة ما لم يثبت أنه خالف عقد التأسيس أو ارتكب خطأ أو إهمالًا في أداء مهماته، وهو ما نصت عليه المادة 32 من النظام، كما أن المادة 165 توسعت في بيان هذا الإطار حين قررت أن المديرين يُسألون بالتضامن عن تعويض الضرر الناتج عن مخالفاتهم لأحكام النظام أو عقد التأسيس أو ما يصدر منهم من أخطاء في عملهم ويُعد هذا الأساس التشريعي لمسؤوليتهم المدنية.

لكن حين ينتقل الأمر إلى محكمة التنفيذ وتطلب من المدير الإفصاح النظامي عن أموال الشركة وموجوداتها ومصادر دخلها وأصولها فإن التهرب أو المماطلة أو حتى التواطؤ في إخفاء الأموال أو تهريبها يُعد خرقًا جسيمًا يتجاوز المسؤولية المدنية إلى المسؤولية الجنائية لا سيما إذا رافقت هذا الفعل نية للإضرار بالدائنين أو التلاعب بحقوق الغير في هذا السياق يُمكن أن تنطبق بعض أحكام نظام مكافحة غسل الأموال خاصة إذا ارتبطت التصرفات بوقائع تستهدف إخفاء الأموال أو عرقلة الإجراءات العدلية، وقد تصل العقوبات في هذه الحالات إلى السجن والغرامة.

المسؤولية تزداد تعقيدًا إذا بلغت خسائر الشركة نصف رأس المال وهنا يلزم المديرين تسجيل هذه الواقعة في السجل التجاري ودعوة الشركاء لاتخاذ قرار حاسم بشأن استمرار الشركة أو حلها خلال مدة لا تتجاوز تسعين يومًا، والإخلال بهذا الواجب النظامي قد يرتب مسؤولية شخصية على المدير تتعلق بالإضرار بمصالح الشركاء أو الغير بحسب ما تقرره المادة ذات العلاقة.

أخبار ذات صلة

 

وهنا تبرز أهمية التزام المديرين بالشفافية الكاملة والامتثال الدقيق لأحكام النظام والرجوع الدائم إلى المستشارين القانونيين في كل ما يثير شبهة المسؤولية، كما يتعين عليهم توثيق كل إجراء وقرار يتخذونه باسم الشركة لأن المسؤولية قد تُبنى على مجرد الإهمال أو التراخي في الوفاء بالواجبات المفروضة عليهم.

إن محكمة التنفيذ حين تطلب من مدير الشركة الإفصاح فهي لا تستهدف شخصه وإنما تبحث عن الحقيقة المالية للشركة، لكن إذا ظهر أن المدير يستخدم موقعه لتضليل العدالة أو يتهرب من الإفصاح عن معلومات جوهرية فإن النظام لا يقف مكتوف اليدين بل يُجيز مساءلته وملاحقته وقد يصل الأمر إلى رفع الحماية النظامية عن شخصه واعتباره مسؤولًا مسؤولية مباشرة.

وعليه فإن على كل من يتولى إدارة شركة أن يدرك أن موقعه ليس مجرد صفة إدارية بل مسؤولية نظامية تضعه في دائرة المساءلة متى ما أخل بالواجبات المفروضة عليه سواء بسوء نية أو حتى بإهمال جسيم. هذه الحقيقة ينبغي أن تُفهم بوضوح من جميع العاملين في المجال التجاري، خاصة أن القضاء السعودي أصبح أكثر صرامة في التعامل مع حالات التلاعب المالي والإفصاح الكاذب حرصًا على حماية بيئة الاستثمار وحفظ حقوق المتقاضين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى