جبلي لـ«عكاظ»: حواراتي الصحفية أوصلت رئيسَي ناديَيْن إلى المحاكم أخبار السعودية

على مدى أكثر من 3 عقود ظل اسم علي جبلي حاضراً في المشهد الرياضي السعودي بصوت جهور يصدح من مدرجات المحالة، وبقلم جريء رسم ملامح الصحافة الرياضية في عسير وخارجها. بدأ رحلته بين أعمدة الصحف الورقية، فتنقّل بين «المدينة» و«الرياضية»، وترك بصمته في حوارات أثارت الرأي العام في شارع الرياضة، ودوّت أصداؤها في أروقة المحاكم حين قاد أحد حواراته رئيسَي ناديَيْن إلى المحكمة. لم يكتفِ بمهنة الصحافة، بل ارتدى زيّ الحكم حتى بلغ الدرجة الأولى، وأسهم من موقعه في لجنة الحكام الفرعية بعسير في بروز أسماء علّقت شارة العالمية. كما خاض تجربة العمل الإعلامي التلفزيوني والإذاعي، وكان أول من أسّس مركزاً إعلامياً لنادٍ في المنطقة، جامعاً بين المايكروفون والورق وصفارة الحكم. وبين هذه التجارب، مارس دور وكيل اللاعبين المعتمد من «فيفا»، ليعكس صورة الرياضي الشامل الذي جمع بين الميدان والكواليس. هنا يفتح علي جبلي قلبه وذاكرته لـ«عكاظ»، كاشفاً أسرار مسيرته وأوجاعها، ومواقف صنعت منه شاهداً على تحوّلات الرياضة والإعلام في المملكة. فإلى تفاصيل الحوار.
• هل أنت غائب أم مغيّب عن الإعلام الرياضي اليوم؟
•• غائب بقرار شخصي بعد سرعة وسائل التواصل الاجتماعي وتسارع الزمن، مما جعل معظم الأخبار والأحداث تصبح «قص» و«لصق» بين وسائل التواصل، إضافة لتقدّم العمر، فقد أمضيت أكثر من ربع قرن متنقلاً بين عدة صحف ورقية بدأتها بالمدينة وختمتها في صحيفة الرياضية.
• كنت صحفياً جريئاً، بماذا خرجت من الصحافة الرياضية؟
•• بفضل الله كان لي حضور معروف، ولي حوارات بارزة أجريتها في صحيفة الرياضية مع كثيرين، لكن أبرزها حواري مع رئيسين تعاقبا على رئاسة أحد الأندية، وبسبب بعض الاتهامات التي وردت في الحوارين رفع كل منهما قضية على الآخر، وصدرت أحكام شرعية بالسجن والاعتذار في تلك القضايا بعد هذين الحوارين، وكنت ولله الحمد موثقاً كل شيء، وهذا التوثيق ساعدني حينما طلبت المحكمة الإثباتات.
• هل عملت في أماكن أخرى لها علاقة بالرياضة غير الصحافة الورقية؟
•• نعم، عملت محللاً مع القنوات الرياضية السعودية لتحليل دوري الدرجة الأولى، وعملت مراسلاً سعودياً لبرنامج إذاعي رياضي في «mbc»، الذي كان يقدّمه المغربي محمد بن ثابت. ومن الصدف أنني كنت أول من أذاع خبر وفاة الأمير عبدالرحمن بن سعود رحمه الله من خلال البرنامج بعد وفاته بساعتين تقريباً. وكنت أوّل مدير لمركز إعلامي بأندية عسير أثناء رئاسة عبدالوهاب بن مجثل لنادي أبها عام 1420هـ تقريباً، وبعد صعود الفريق للدرجة الأولى أعددت كتيباً عن الصعود بعنوان «أبها.. التاريخ.. التفرد والإنجاز»، وُزِّع في حفل الصعود بحضور الأمير خالد الفيصل، وكان لي شرف تقديم الحفل الخطابي أيضاً، وعملت مذيعاً داخلياً في ملعب مدينة الأمير سلطان بن عبدالعزيز الرياضية بالمحالة لمدة 33 سنة، منها 20 تقريباً كنت فيها متطوعاً، والحمد لله كُرّمت بأن عُمل عنّي فيلم توثيقي من وزارة الرياضة نُشر على مواقع الوزارة للتواصل الاجتماعي في حلقته الرابعة كأقدم الرياضيين على مستوى المملكة.
• خلال عملك في هذه الأماكن المتعددة، لا بدّ أنّ هناك مواقف محرجة حدثت لك.. حدثنا عن أبرزها.
•• المواقف المحرجة كثيرة جداً، لكن أبرزها عندما تم تشغيل نشيد دوري روشن بدلاً من النشيد الوطني، وتم تلافي الموضوع بسرعة، وقد حضر لنا في غرفة الكونترول وكيل الوزارة، ومدير البطولة، ومدير فرع الوزارة، رغم أن العمل ليس من اختصاصنا أصلاً.
أما الموقف الثاني، فمعلوم أنه لا توجد في المنطقة المركزية بملعب المحالة دورة مياه، وكان الملعب مزدحماً بالجماهير، مما اضطرني بين الشوطين للنزول للمنصة الرئيسية واستخدام المرافق هناك، لكنني فوجئت بأن أحد المسؤولين الذي حضر (منتدب) من الوزارة يوجّه بمنعي من استخدام تلك المرافق، رغم أنني أمضيت نصف عمري متطوعاً في المحالة!
• يقال إنّك كنت صديقاً للمعلقين الرياضيين.. حدثنا عن هذه الصداقة.
•• بدأت علاقتي بالمعلقين الرياضيين من أيام دورات الصداقة، حيث كان أي معلق يصل للملعب يجد كل شيء جاهزاً أمامه، رغم أن ذلك ليس من مهماتي، حتى الشاهي والقهوة أحضرهما من منزلي. وفي إحدى المباريات حضر المعلق المغربي محمد حسين لأول مرة، وعندما استقبلته وسلمته تشكيلة الفريقين قال: لا بد أن تكون علي جبلي؟!، قلت: كيف عرفت؟ فقال: تواصلت مع فهد العتيبي وأبلغته أني ذاهب لأبها، فقال لي ستجد في استقبالك أفضل من يعمل في الاستاد الرياضي وذكر اسمك!
أما الموقف الطريف فكان مع معلق آخر، وكان قريباً من استاد الأمير عبدالله الفيصل في جدة، حيث اتصل بي وقال: تكفى جهّز لي التشكيلة. قلت: أنا في أبها. قال: أعرف، ولكنك دلعتنا!
• عملت في الإذاعة الداخلية 30 عاماً، لماذا تركتها؟!
•• لي مستحقات مالية لـ43 مباراة من أعوام 37 إلى 39هـ لم تصرف، ومع ذلك قرّرت المغادرة لأنني كنت أبحث عن كرامتي!
• الأندية الرياضية في عسير.. كيف تراها؟
•• ما زلنا مسرورين بوجود نادي ضمك ضمن دوري روشن، وننتظر عودة أبها، وصعود جرش، والمصيف، وبقية الأندية للدرجات الأعلى.
• الصحافة الرياضية في عسير غائبة عن المشهد بشكل لافت، لماذا؟
•• لا أعرف الأسباب، وقد يكون القصور من المراكز الإعلامية، ثم إن وسائل التواصل الحديثة ساهمت في هذا، فقد أصبح بإمكان أي شخص النسخ من جواله والإرسال والتمصدر، إضافة إلى أن المواهب الإعلامية قليلة جداً، وحقيقة أصبحت «أشفق» على الصحافة عندما أسمع أو أقرأ أسئلة يطرحها بعض من بلي بهم المجال الرياضي!
• الانتخابات الأخيرة في نادي أبها الرياضي كان لها في الأسابيع الماضية زخم كبير.. كيف يقرأها صحفي رياضي مثل علي جبلي؟
•• يجب إعادة النظر في نظام الجمعيات العمومية فليس من العدل أن يشتري أحد المترشحين الكرسي بماله ويغادر أحد الأكفاء بسبب لعبة المال في التصويت، أما بالنسبة لنادي أبها فالأيام القادمة كفيلة بكشف ما أُثير حول أصوات المحامي ماجد الزهراني، وحول شركة التعاقدات التي سوف تتعامل مع النادي خلال السنوات الأربع القادمة، وشخصياً أتمنى التوفيق للأخ سعد حامد، ونائبه علي القاسمي، وإدارتهما، وأتمنى أن يعود الفريق مجدّداً لدوري روشن.
• كانت لك جهود كبيرة في رياضة منطقة عسير ورجال ألمع تحديداً.. ومع ذلك يغيب اسمك اليوم في كثير من المناشط والمجالات.. لماذا؟
•• بالنسبة لرياضة عسير، الحمد لله أحظى بتقدير واحترام كبيرين أينما ذهبت، وكان آخر هذا التقدير في نهائي دورة آل سرحان التي حضرها مدير فرع وزارة الرياضة فهد آل حنتوم وتلقيت فيها إشادات وتقديراً كبيراً منه شخصياً ومن بقية الرياضيين.
أما رياضة ألمع فهي حكاية أخرى، فأنت تعرف أنني من المؤسسين لنادي ألمع، ولعدد من الفرق هناك، ومع ذلك تم تجاهلي من أي دعوة لجميع مناسبات النادي ومبارياته، وفي مقدمتها حفل التأسيس، وقد أجد العذر لرئيس النادي (فايع الحياني) كونه لم يلعب في النادي ولم يعرف عن النادي أي شيء إلّا عند الاعتماد، وحظي بشرف أن يكون أول رئيس لنادي ألمع بعد اعتماده، ولكنّ العتب على بعض الأعضاء الذين دربتهم في كاظمة، وفي ألمع، ومع ذلك تجاهلوني من أجل عضوية مجلس أو راتب تدريب! وللعلم، نادي ألمع عند التأسيس كان في الدرجة الثالثة وحالياً في الرابعة، ولك أن تتخيل أن نائب رئيس نادي المصيف وجَّه لي دعوة لحضور مباراة فريقه ضد ألمع!
وإذا كان من شُكر فهو لأعضاء فريق الكفاح، فهم أوفياء رغم الفترة القصيرة التي دربت فيها فريقهم.
• ما الحلول التي تراها مناسبة لصعود نادي ألمع للدرجات الأعلى؟
•• التجديد مطلوب وأنظمة الوزارة (حسب علمي) لا تجيز استمرار أي إدارة أكثر من 8 سنوات، والمنطقة مليئة بالكفاءات المؤهلة.
• تلاميذ في الصحافة الرياضية تعلموا أبجديات الصحافة الرياضية على أنفاس علي جبلي.. هل جحدك هؤلاء اليوم بعد أن كبروا؟
•• بفضل الله تعالى كان دوري كبير في بروز أكثر من 15 إعلامياً من منطقة عسير وخارجها، وللأسف الشديد البعض ممن يتنقل بين الفضائيات حالياً أصبح لا يرد على الجوال، والبعض كبر في عمره ولكنه لا يزال يرسل لي يطلب صياغة أسئلة لحوارات أو مؤتمرات صحفية!
• كيف ينظر إعلامي رياضي مثل علي جبلي ما زال متابعاً وملتصقاً بالمجال لمستقبل نادي أبها الرياضي مع إدارته الجديدة والمنتخبة بفارق أصوات كبيرة؟
•• أتمنى لهم التوفيق والعودة للممتاز، أما فارق الأصوات الذي حدث في الجمعية الأخيرة فهو كما ذكرت سابقاً بسبب خلل في نظام الجمعيات الحالي، وقد التقيت الأخ سعد حامد بعد الجمعية، وأكد لي أن أصوات ماجد عيدان الزهراني هي التي رجّحت كفته، والأحمري صاحب خبرة جيدة، وبإذن الله يعود بالفريق الأول لدوري روشن.
• ماذا عن تجربتك مع التحكيم؟
•• وصلت للدرجة الأولى في تحكيم كرة القدم وكُلّفت بعضوية لجنة الحكام 5 سنوات، ساهمت خلالها في بروز عدد من الحكام ووصولهم للدوري الممتاز، وحصول عبدالرحمن القحطاني على الشارة الدولية رغم الحرب الضروس التي لقيتها في اللجنة بعد التجديد الذي عملته ونجحت فيه.
اليوم، ابني يزيد حكم مساعد درجة ثالثة ومن المساعدين المميزين على مستوى المملكة في القطاعات السنية، ودعواتي له بأن يكون بإذن الله تعالى من حكام كأس العالم 2034، التي نسعد باستضافتها في هذا البلد العظيم، وهو طالب أيضاً في قسم الإعلام.
• كانت لك تجربة كوكيل لاعبين معتمد من «فيفا»… حدثنا عن هذه التجربة.
•• عملت وكيل لاعبين معتمداً من «فيفا»، ووسيط لاعبين بعد تعديل المسمى، وما زلت أمارس العمل على فترات متقطعة بعد تغيير بعض اللوائح والأنظمة.
وكان الكابتن صالح المحمدي صاحب العقد رقم (1) بعد اعتمادي من «فيفا»، إلى جانب علي عطيف، وأحمد مفلح، وعبدالله راسان، وبعض اللاعبين والمدربين الأجانب!
ومع أنّ هناك من يغبطنا كوكلاء لاعبين بالحصول على مبالغ جيدة إلّا أننا نتعرّض لخسائر كبيرة أيضاً، ومماطلات من لاعبين ومدربين ورؤساء أندية، أنا شخصياً تبقى لي في ذمة أحد رؤساء الأندية 90 ألف ريال، ورئيس نادٍ آخر غادر كرسي الرئاسة وفي ذمته 15 ألف ريال، كما أنّ مدرباً عربياً يدرب حالياً في روشن ماطلني في 4 آلاف ريال من 10 سنوات حتى اليوم، رغم أنني أدخلته الدوري السعودي من أوسع أبوابه، وتبقّى لي 3 آلاف ريال في ذمة لاعب آخر، ولهذه الأسباب الكثير من الوسطاء تركوا المجال نهائياً!
• كلمة أخيرة ؟
•• شكراً لكم في «عكاظ» على هذه المساحة الرائعة والوقت الثمين.
أخبار ذات صلة