سليمان العيسى.. بين قراءة «المراسيم» إلى أحاديث الناس أخبار السعودية

في مسيرة الإعلام السعودي، يبرز سليمان العيسى، لا بوصفه مذيعاً شهيراً، بل كشاهد مهني متزن عبر تقلبات المشهد، ورجل استطاع أن يقف في المسافة الفاصلة بين المواطن والمسؤول دون أن يتماهى أو ينفصل عن الواقع.
عمله في التلفزيون لم يكن منصّة لذات متعالية، بل واجهة لمخاطبة الناس بلسانهم، في برنامج (مع الناس)؛ الذي استمر 25 عاماً، لم يطرح فيه القضايا كمادة استعراض، بل كامتداد طبيعي لحياة الناس وتطلعاتهم، وهو ما أوجد لهذا البرنامج موقعاً هادئاً وثابتاً في الذاكرة الجمعية.
درس التاريخ، وقرأه على الهواء. لم يكن صوته فقط مخصصاً للأخبار والقرارات الكبرى (المراسيم)، بل كان امتداداً لزمن جميل.
وحين اختير مستشاراً في الديوان الملكي، لم تكن تلك نقلة منفصلة عن تاريخه، بل كانت استمراراً لدوره كمنسق غير مرئي بين المسؤولية والإنسانية، يحسن الإنصات كما يحسن الإلقاء.
زاويته في الصحافة، وكتبه التي صدرت لاحقاً، تكشف جانباً آخر من شخصيته: تأملية، هادئة، غير منصرفة كلياً إلى الضوء، بل تتعمد الظل كخيار للتأمل لا للغياب.
ما يميز سليمان العيسى، ليس صوته المألوف ولا حضوره الرسمي، بل قدرته على البقاء في منطقة الرصانة، دون أن يتكلس، وفي منطقة القرب دون أن يذوب. حافظ على توازنه في مؤسسة لا تحتمل التردد، وبقي متسقاً مع ذاته، حتى وهو يقرأ أكثر اللحظات حساسية في حياة الوطن.
لم يكن (رحمه الله) محايداً بالمعنى البارد، ولا منحازاً بالمعنى النفعي، بل كان ببساطة: حاضراً، في مكانه، في وقته، كما يجب أن يكون الإعلامي.
أخبار ذات صلة