ضرر وغرر
•• تعمقت الأسبوع الماضي في القراءة عن مفهوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى».. فقرأت كلاماً نفسياً لبعض السلف والخلف وأهل العلم.. فمن الصحابة رضوان الله عليهم: عبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عمر، وأبو موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان.. ومن أئمة التابعين وتابعيهم؛ ابن تيمية، وابن الأثير، والنووي، والطيبي.
•• أما عالم الحديث وأحد كبار علماء المالكية (ابن بطال)، الذي ألَّف كتاب شرح صحيح البخاري، فقال عن ذلك الحديث النبوي: «فيه الحضُّ على السماحة، وحسن المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها، وترك المشاحة والرقة في البيع، وذلك سبب إلى وجود البركة فيه».. لذلك قال الفيروزآبادي عن التسامح: إنه «نوع من أنواع الإحسان إلى النفوس التي جُبِلت على حب من أحسن إليها».
•• وفي هذه العجالة سوف أتطرق لبيعين؛ (بيع الضرر) و(بيع الغرر).. الأول: (الضرر) بيوع استوفت شروطها وأركانها اللازمة لصحة البيع، ولكن الشرع نهى عنه لما فيه من إلحاق الضرر بالآخرين، مثل: بيع الرجل على بيع أخيه.. الثاني: «الغرر» فهي بيوع باطلة محرمة باتفاق الأئمة الأربعة، ومعناها في اللغة: الخطر والخداع، وشرحها الخطابي بقوله: «أصل الغرر ما طُوي عنك وخفي عليك باطنه».
•• إذن، فإن من يوفي الكيل والميزان؛ فهو خيرٌ وأحسن تأويلاً.. ومن يتجلى في بيعه وشرائه بالسماحة والمصداقية والأمانة والورع؛ يُحاط بسياج يجنبه البخس.. ومن كان صادقاً صدوقاً في بيعه وشرائه؛ لن يخيب له أجراً ولن يُبخس له ربحاً.. ومن كان صاحب معروف؛ لن يضيع معروفه بين الله والناس.. ومن يسَّر على الناس في بيعه؛ دخل باباً واسعاً لمغفرة الله وعفوه.