اخبار السعودية

غداً حين يُصفُر الكناري ويَسقطُ الندى أخبار السعودية

أخبار ذات صلة

 

لا تلّوحْ لي أيّها البعيدُ بمناديلكِ الفضفاضة، لا تقتربْ من العشب، لا تزعجْ الضفادع، دعها تستخري، تتقافزُ بين الأشجار وأضلعي، أنا الهائمُ في الطرقاتِ بحثا عنّي، بحثاً عن امرأة تركتها قرب الجدول، وذهبتّ أسألُ الكناري عن جمالها، أنا الممددُ على علامات الاستفهام، أنتظر قدومَها بلا خجل، وأرتطمُ بسحابة كانت قد أقتربتْ كثيراً من الجبل، عندما كنتُ أطاردُ وجهَها في الأحلامِ والوسائد، كان الفراغُ يقتربُ كثيرا منّي، وأنا أحدّقُ في اللاشيء، وأقتربُ كثيراً منه، وأهتفُ باسمها الذي لا أعرفُه، سأبدأ بكِ كلّما تنتهي الكلمات، فأنتِ السفينةُ التي تُقلُنّي إليكِ، وأنتِ ثيابي التي مزقتّها العاصفة، كيفَ أدلُّ قلبي عليكِ وأنتِ الخلايا التي أنامُ فيها؟ ها أنا أبتعدُ وأتركُ المسافةَ تتحدّثُ عنكِ، وأذرعُ الشوارعَ التي أضعتكِ فيها، وأبحثُ عنكِ وأنتِ بقلبي، غدا حين يُصْفُر الكناري ويسقطُ الندى، وتعودُ السفنُ التي غرِقتْ بعيونكِ، محملة بالأساطير التي لا تطاق، أدخلُ غابةَ شعركِ وأُعلني ملكاً عليها، فما زلتُ كعادتي أحدّثُ عنكِ الغبش، وأتركُ الصباحَ يعبثُ بلحتي التي كنتِ تستلقين عليها، كيف تورّمَ هذا الحبُّ وانفجرَ بوجهكِ السارحِ في الفلوات، كيف تكلّستِ في عظامي وكنتِ لوحةَ حائطي، أشتطُّ بكِ وتأخذني المسافاتُ إلى عشبِ إبطك فأستلقي عليه، إلى حبٍّ غيرِ حقيقي ينكمشُ كما تنكمشُ (أقمشة البازه)، لن أرميكِ مثلَ دُميةٍ قديمةٍ، ولن أتخلّصَ منكِ مثلَ اغنيةٍ مَللتُ سماعَها، غيرَ أنّي لنْ ألتفتَ إليكِ ولن أدوسَك مثلَ أوراقِ العنب، فأنتِ والتعاسةُ سيّان، أطمّأني ما عادتْ الجدوى تصلُ إليّ، أيتُها الورطةُ التي ألفتُ مرارتَها، والخيبةُ التي تداهمني بانتظام، أيتها الأجراسُ التي بُحّ صوتُها والساعةُ التي بلا وقتْ، أيتهُا الآمالُ التي أجَّلتها، والفجوةُ التي أستحي من قياسِها كلمّا أتسعتْ، أيتُها الطرقاتُ التي لا تقودُ إلى شيء، والأبراجُ العالية التي تهاوتْ على أقدامِ المارة، أيتها الأجرامُ السماويّة التي تحوّلتْ إلى لعبة أطفال، والشيءُ الذي يتدحرجُ وألتقطُهُ، أيتها الأكياسُ المعلّقةُ في الدكادين، واللوحةُ التي رَسمتُها واندلقَ عليها كوبٌ من الخيبة، أيتُها الوحشةُ التي أقطعُها برفقةِ اليأسِ، والموتُ الذي يزورُني بلا ملائكة، كلمّا أبرقتْ عيناك وتهادى صوتُكِ حننتُ إليكِ، غدا حين يصُفر الكناري ويسقطُ الندى، أشتاقُ إليكِ وأصوغُكِ كلماتٍ تتهشّمُ كزجاج النوافذِ وأعيدُ ترميمَها، آمالاَ تيّبست في الطرقاتْ، عظامَ ذكرياتٍ ألقتُها من النافذة ثمّ عدتُّ وألتقطتها، خُذي حاشيةَ ثوبكِ التي تُبرقُ أمامي كلّما تمرّين بذاكرتي، خُذي الأشياءَ التي أحببتكِ فيها ولم أعدْ أذكرُها، أيّها الماءُ الذي أندلقَ على ذاكرتي، والشاي الذي أحتسيه في الظلام، سأطلبُ من طائرِ الكناري أنْ يجثو على ركبتيه وينقرَ اسمَّك في الهواء، ثُمّ أبدأُ بكِ وأنهي الحكاية، أنا الهائمُ في ملكوتٍ من الهزائم، والهرُّ الذي يطارد أسماكَه قربَ صدركِ، لم تكوني غيرَ أغنيّة تركتُ تفاصيلها في الحقول القريبة ولجأتُ اليكِ، كأنّي حمامُ زاجل حينما يعود، أيتها الورطة التي أخترتُها لنفسي، يا أشيائي التي جعلتُها قلادةً وأهديتُها إليكِ، يا فراغي الذي يكتظّ بكِ، وعناقي الذي لا يطولْ، يا رباطةَ جأشي وانهياري، يا عصافيرَ التي اصطتها وأطلقتها في الفضاء، كيف تركتُ العشبَ وألتجأتُ إليكِ؟ يا حيَلي التي أجيدُها وبراءتي المؤودة، كيف حوّلتِ عبثي إلى مهمازٍ يلوّح إليكِ؟ كيف جعلتِ منّي أنثى تغارُ منكِ؟ كيف حوّلتِ قلبي إلى مقبرةٍ لحبٍّ تزهدين به؟ سأدعُ الهوامشَ تُكملُ الحكايةَ واسترخي قليلاً، يا أشيائي التي أريدُها وأزهدُ فيها، يا قفّازي الذي أضعتُه في غابةِ شعركِ، غدا حين يُصفرُ الكناري ويسقطُ الندى سأذكرُ وجهَكِ وأرسمُه في الظلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى